دخلتُ على رجلٍ أعرفه ويعرفني تمام المعرفة وهو جالسٌ في صدر المجلس وكنت أتوقع منه أن ينهض لسلام عليَّ بسلامٍ حار . . .
ولكنه لم ينهض بل بقي جالساً وليته اكتفى بذلك ؟! . . .
بل وصافحاني ببرودٍ شديد وكأنه لم يرني مسبقاً ولم يعرفني نهائياً . . .
حينذاك داهمني طيفٌ من المشاعر السلبية غضبٌ وإحباطٌ وشكٌ وامتعاضٌ بسبب تجاهله و لقائه الفاتر والبارد لي . . .
ولكنني تفاجئتُ أن جميع من أتوا للسلام على هذا الرجل واجهوا ووجدوا منه نفس ما قابلني به ذلك الرجل من السلام البارد والفتور وعدم الاكتراث . . .
حينذاك دخلت في دوامة من الأفكار السوداوية لأسأل نفسي ؟! . . .
ما الذي حصل له ؟! ما الذي أصابه ؟! لماذا قابل الجميع بهذا الشكل المُهين من الفتور والبرود ؟! . . .
ما الذي حدث لهذا الرجل ؟!. . .
وأخذت أفكر لو أن الأمر اقتصر علي وحدي أو على أثنين أو ثلاثة لقلت ربما تكمن المشكلة بنا ولكن جميع من قاموا بالسلام عليه قابلهم بهذا الشكل السيئ و المُـرِيع ؟!. . .
كنا نتوقع منه أن ينهض ؟! نتوقع منه أن يبتسم ؟! نتوقع منه الحفاوة ؟! . . .
ولكن يبدو أن ما اعتقدناه في هذا الرجل مجرد أوهام في أوهام . . .
ثم قال لي أحدهم ممن رأوا بروده وفتوره :
هذا مثل قبيلة عنزة ؟! . . .
ثم تركني نهباً لطيفٍ من المشاعرِ السلبية ؟! . . .
غضبٌ وإحباطٌ وشكٌ وامتعاضٌ بسبب ما قاله لي من أن هذا الرجل الذي قابلنا بفتورٍ وبرود يشبه قبيلة عنزة ؟! . . .
فلقد جعلتني كلمته ــ التي قالها عن عنزة ــ في دوامة من التفكير ؟! . . .
نعم إن ما قاله صحيح عن عنزة ؟! . . .
فلقد كنا نتوقع الكثير من أبناء القبيلة ولكن للأسف قابلونا بنفس ذلك البرود وذلك الفتور وخصوصاً أعيانها ووجهائها . . .
أخذت أعيد النظر في كثيرٍ من الأفكار وكثيرٍ من الكلمات التي سمعتها ولا زلت عن قبيلة عنزة وقدراتها وثقلها في ماضيها و حاضرها ومستقبلها . . .
فلقد قابلت الكثيرين وسمعت منهم الكثير عن قدرة عنزة و ما تستطيع أن تفعله قبيلتهم ؟! . . .
فهم يقولون لو تجتمع قبيلة عنزة لفعلت الكثير والكثير ؟! . . .
ولكنني أرى و للأسف أنها لم تجتمع ؟!. . .
قابلت الكثيرين وسمعت منهم الكثير عن الأمة الوائلية و عن مدى قوتها وعنفوانها وأنها تستطيع أن تغير مجرى الزمن ؟! . . .
ولكنني وجدت للأسف أن هذه القبيلة لم تستطع أن تغير مصير عائلة واحدة سقطت في براثن الفقر المدقع ؟!. . .
قابلت الكثيرين وسمعت منهم الكثير عن إمكانيات قبيلة عنزة ورياديتها ؟! . . .
ولكنني للأسف عندما أعرض ما يقولون على الواقع أجد أنها أوهام في أوهام في أوهاااااام . . .
أعطني واقعاً ملموساً ومشاهداً ولا تحدثني عن أحلامك التي نسجتها من أوهامك وخيالاتك عن عنزة ؟! . . .
أعطني مثالاً حياً وليس أحلاماً و تهيؤات بنيتها على ما كانت عليه قبيلة عنزة في تاريخها الماضي ؟! . . .
كيف تقول لي الأمة الوائلية تستطيع وتستطيع وتستطيع وفي النهاية لا أجد إلا سراباً بقيعة يحسبه الظمآن ماءً ؟! . . .
لأنك إن فعلت ذلك فأنت كاذبٌ وأفَّاك ؟! . . .
بل إنك تصبح كالفتاة الصغيرة ؟! . . .
نعم ! ! ! . . .
تصبح كالفتاة المفتونة بقوة أبيها ورجاحة عقله وما هو في حقيقته إلا كتلةٌ من الضعفِ والخور وانتكاس الرأي . . .
ولكنني لن أتبع قولك وكذبك لأن ما تقوله يخالف الواقع والمشاهد ؟! . . .
لن أتبع خيالاتك وهلوستك التي استمديتها من واقعٍ مضى عليه عشرات بل مئات السنين . . .
بل سأتبع حلمي وحلم الكثيرين بأن نغيِّر هذا الواقع المأساوي إلى شيءٍ يفتخر به من بعدنا . . .
سأتبع أملي وأمل الكثيرين بأن نكون يداً واحدة مهما اختلفت قبائلنا ولكننا في النهاية نحن من قبيلة عنزة الوائلية . . .
أملي وأمل الكثيرين بحول الله وقوته أن يكون اسم عنزة فوق كل اعتبار حتى فوق اعتبار مشايخهم السطحيين فكرياً والذي يحاول البعض أن يبرزهم ببشوتهم . . .
سأجعل ما أحلم به ويحلم به كثيرين غيري يراه من يأتي بعدنا واقعاً ملموساً . . .
وحينذاك لن يتحدث من بعدنا بأوهامٍ وخيالات أو أحلام وهلوسات . . .
ولا عزاء لصاحب الفكر السطحي وهو من يريد لنفسه العز أو الشرف أو لقبيلته القريبة دون عنزة الوائلية . . .
سلمان الشبيعان