ابن شعلان وابن رشيد
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته إليكم مغامرات الفريّس والشيوخ على واحة الجوف / ابن شعلان شيخ الرولة من عنزة / ابن رشيد أمراء حائل من عبدة من شمر :-
قبيلة الرولة العنزية هي الجار لشمر آل رشيد في حائل حيث استقرت الرولة في بلاد الجوف ووادي السرحان بعد هجرتها من نجد وأصبحت متاخمة لشمر حائل من جهة الشمال ومع تقدمها باتجاه الشمال أيضا إلى بلاد الشام ومحاربتها للقبائل الشامية فقد حافظت على حدودها الجنوبية وأحكمت نفوذها على واحة الجوف وهذا لم يمنعها أيضا من التوغل في الأراضي العراقية بقيادة زعيمها الشهير / الدريعي المشهور الشعلان والأصطدام بشمر الجربا هناك ولكنها عادت مرة أخرى وأصبحت في حالة حرب دائمة مع شمر آل رشيد دفاعا عن نفوذها في الجوف خصوصا في ظل طمع آل رشيد في التوسع باتجاه الشمال وضم الجوف لحكمهم الذي امتد فيما بعد ليشمل كل بلاد نجد والشمال وأصبحت الدولة الرشيدية هي المهيمنة بعد سقوط الدولة السعودية الثانية .
وقد بلغت الدولة الرشيدية ذروة مجدها في عهد الأمير / محمد بن عبد الله بن رشيد الذي أصبح فيما بعد أقوى رجل في الجزيرة العربية حيث استطاع استعادة الجوف من زعيم الرولة الشيخ / سطام بن شعلان الذي هو الشيخ / سطام بدوره استعاد الجوف من الأمير / طلال الرشيد الذي استولى عليها في العام 1853م .
تقول الليدي / آن بلنت التي زارت الجوف عام 1879م : [ كانت الجوف في السابق إقطاعية لــ / آل شعلان، مشايخ الرولة، وما تزال تدفع إتاوة لــ / سطام، ولكن / متعب بن رشيد فتحها منذ حوالي 20 سنة ]
والأمير / محمد بن رشيد أصبح بعد عشر سنوات من زيارة الليدي / آن بلنت للجوف وحائل زعيم الجزيرة العربية بدون منازع وقد ظل ينظر لــ / سطام بن شعلان باحترام وترقب خصوصا في ظل تنامي قوة / سطام وسعيه لا ستعادة الجوف وقد فعل ذلك في بداية حكم الأمير / محمد بن رشيد في العام 1889م .
يقول / حمد الجاسر رحمه الله : [ قوى نفوذ قبيلة الرولة إبان ضعف الحكم السعودي في أخر عهد الأمام / فيصل وبعده، فاستولى / سطام بن شعلان مدعما بالعثمانيين على الجوف ووادي السرحان ]
وحتى مع استعادة الأمير / محمد بن رشيد للجوف بالتفاوض مع الدولة العثمانية، فقط بقي / سطام متوثبا لاستعادة الجوف وأصبح العدو الوحيد لأمير الجبل خصوصا مع تحالف الزعيم القوي في الشمال الشيخ الفارس / محمد بن دوخي بن سمير ( حريب الدول ) من شيوخ ولد علي وآل / مشهور الشعلان مع / ابن رشيد !! بسبب العداوات والخصومات القديمة بين الرولة والولد علي من جهة وبين النايف والمشهور من الشعلان على مشيخة الرولة من جهة أخرى .
يقول الرحالة والمستشرق / كارلوا غوارماني الذي زار الجوف عام 1864م عن هذه العداوة بين المشهور والنايف وتحالف المشهور مع أل رشيد ضد النايف فرع / سطام : [ إن الشيوخ / سطام ابن عم، و / هزاع أخو / فيصل الشعلان ومعهم ألف وخمسمائة فارس من العمران والفدعان والسبعة والسوالمه فاجؤوا قبيلة المشهور، بين الجوف وسكاكا واستولوا على ممتلكاتهم، في هذه المعركة لم يكن يتواجد من شيوخ المشهور إلا / جروح بن محسن و / حمود بن حسين، أما بقية الشيوخ فكانوا مرافقين للأمير / طلال الرشيد في غزوة له ]
والصراع بين المشهور والنايف من الشعلان طويل ومرير وملطخ بالدم .
وتقول الليدي / أن بلنت أيضا عن الأمير / محمد بن رشيد : [ إننا قدمنا من الشمال، وكان قادرين على أن نخبره بكل شي عن الحرب ماذا كان يفعل / سطام الشعلان، وماذا كان يفعل / ابن سمير الذي من الواضح أنه بطل بالنسبة لأهل حائل، لأنهم ليسوا أصدقاء لــ / سطام، و / محمد الدوخي الذي يعتبر المنافس الكبير لــ / سطام ]
ولا شك أن الصراع بين الرولة وولد علي أخذ حيزا وجهدا كبيرا من / سطام في تلك الفترة طوال عشرين عاما .
وعندما وصلت الليدي / آن بلنت حائل كان الأمير / محمد بن رشيد كثيرا ما يسألها عن عدوه اللدود / سطام الشعلان تقول في كتابها رحلة إلى نجد : [ ومع ذلك فلم يستطع أن يقاوم رغبته في التحدث إلي عن / سطام ابن شعلان في هذه اللحظة التي لم تكن مناسبة على الإطلاق، أملا أن أن يسمع شيئا يحط من قدر منافسه ]
وتقول أيضا : [ وذات مساء كان الأمير في غاية الإنشراح عندما تلقى نبأ هزيمة / سطام رغم أن رجاله كانوا أكثر عددا ]
وقد زارت الليدي / أن بلنت قبل مجيئها الجوف وحائل معسكر / سطام المهيب ووصفت معسكر الرولة الذي كان أشبه بمدينة متحركة في الصحراء في كتابها ( بدو الفرات )
ويقول البارون / إداورد نولده : الذي زار الجوف عام 1893م : [ وكصديق شخصي لكبير مشايخ الرولة / سطام بن شعلان فلم أكن أخشى أي شيء من الجزء الأكبر من هؤلاء البدو، ويقف / سطام في قمة قوته على رأس خمسة عشر ألف مقاتل، وهو عدد كبير جدا في الجزيرة العربية ]
والصراع بين آل رشيد والشعلان في بلاد الجوف كان على أشده في فترات متباعدة .
يقول الشيخ / حمد الجاسر عن هذا الصراع : [ لقد أصبحت هذه البلاد دولة بين الرشيديين عندما يقوى حكمهم وبين أمراء آل شعلان من الرولة عندما يضعف الحكم الرشيدي، إلا أن لآل شعلان في كلتا الحالتين نفوذا وسيطرة ]
ويقول الشيخ / سعد ابن جنيدل : [ وقعت بلاد الجوف تحت وطأة صراع عنيف بين أمراء أل رشيد حكام حائل، وبين أمراء آل شعلان من قبيلة الرولة حتى تمكن المغفور له الملك / عبد العزيز من ضمها إلى دولته ]
وفي ذلك تقول الشاعرة / ظاهرة الشرارية تصور هذا الصراع، وتصور حال أهل الجوف مخاطبة / عبيد الرشيد يوم كان واليا على الجوف :-
الجوف الأجرب لـو تقولـون بريـان عمـال راعـي البـوق تطـحـن رحـيـه
ما طاعني راع الجبل وابن شعلان وتــــــردد الــدنــيــا عــســيــر عــلــيــه
لـونـك تـحـط كبـارهـم وســط بـــرزان لازم يــثــور الــرمــي بــيــن الـتـلـيــة
صرتوا علف للصيد منقور عقبـان بـكـتـوفـكـم كـــــل يــــــدور الــشــويــة
وتتضح حدة الصراع بين أمراء آل رشيد وآل شعلان عندما استولى عليها / فيصل الشعلان في قول / عبيد بن رشيد عندما خرج من الجوف :-
يا دار ياللي من ورا غر الأطعاس لا تحسبين إني مـن البعـد ناسيـك
يــا دار خليـتـك عـلـى دور عـبـاس وإلا لابـن شـعـلان والله مــا أخلـيـك
وعلى عهد / سعود بن رشيد استعاد / نواف الشعلان الجوف منه سنه 1909م - 1326هـ
وحكمها 12 سنة . يقول / التنوخي في كتاب الرحلة التنوخية : [ كانت هذه القريات فيما مضى وقاعدتها دومة، تابعة لإمارة / ابن رشيد النجدية، فحاربه الشيخ / نواف بن النوري شيخ الرولة من عنزة سنة 1326هـ وكان الشيخ / النوري في سجن / سامي باشا في دمشق، فكتب على ابنه بتهديد من الحكومة التركية : أن يكف عن مهاجمة الجوف، فلم يفعل / نواف، ولم يرجع عن عزمه، ومكث نحو سنة يهاجم دومة حتى فتحها عنوة، وصار من ذلك اليوم يسمى بالأمير ]
وقد ذكر / محمد الزعارير في كتابه إمارة آل رشيد في حائل : [ ومن هذه الأخطار ضياع الجوف وسكاكا عام 1326هـ، والتي عادت لــ / ابن شعلان طوعا، واستطاع الأمير / نواف الشعلان أن يحكم الجوف باسم أبيه كما أخذ / نواف الشعلان يقود الرولة في غزوات متكرره على الأعراب التابعين لــ / ابن الرشيد ]
وقد مدح / التنوخي الأمير / نواف عندما زار الجوف ما بين عام 1332هـ إلى عام 1334هـ ورأى منظر النخيل الذي يحيط بها أثناء رحلته في شمال الجزيرة العربية ببيتين :-
لعمـري لقـد زرت الديـار وأهلهـا وطفت بها حتى دعيت بطـواف
فلم أر مثل الجوف يزهو بنخله ولم أر فيهـا حاكمـا مثـل نـواف
يقول / موزيل الذي صادف أن زار الجوف أثناء قيام / نواف باستعادة الجوف : [ وللعلم فإن الأمير / نواف لم يكن الأول من سلالته الذي حكم الجوف فقد سبقه الشيخ / فيصل الشعلان الذي يعتبر أول من حكم الجوف وبسط نفوذه عليها ثم جاء بعده الشيخ / سطام باشا الشعلان والذي استعاد الجوف من آل رشيد مرة أخرى ]
وفي عام 1338هـ - 1918م استعاد / سعود بن رشيد الجوف من / ابن شعلان وما دامت سنتان إلا أن استعادها الشيخ / سلطان بن نواف الشعلان من / ابن رشيد عام 1340هـ ثم ضمت إلى الدولة السعودية عام 1341هـ . هذا وصلى الله على نبينا محمد مــنــقــول .
التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله بن عبار ; 11-02-2022 الساعة 08:26 PM
|