08-26-2013, 02:43 AM
|
#1
|
مؤرخ قبائل السلقا
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 1,142
|
عنزة مابين جلان أوهميم!
جاء فى المفضليات وهى مجموعة مختارة من قصائد وأشعار عرب الجاهلية المقلين جمعها واختارها الراوية الكوفى أبوالعباس المفضل بن محمد الضبى التميمي ت: 189هـ وأهداها للأمير محمد المهدى بن الخليفة أبى جعفر المنصور ولى العهد وذلك ليتأدب بها ويتخرج بادبها وُيرويه الشعر وأيام الناس وأخبار العرب وهى من أفضل ماقالته العرب ومااتصفوا به من محاسن الشيم ومفاخر المروءات أيام حروبهم ووقائعهم وذلك قبل الإسلام ونختار من هذه المفضليات قصيدة للشاعر ربيعة بن مقروم بن قيس الضبى التميمى وهو ممن أدرك الجاهلية والإسلام جاء فيها ذكراَ لبنى جُلان من عنزة وهم على ماء إنطاع وهى بحدود الثلاثين بيتاَ نختار منها هذه الأبيات: تجانفَ عن شرائعِ بطنِ قوَ : وحاد بها عن السَيف الكُراعُ : وأقربُ موردِ من حيثُ راحا : أثالُ أو غٌمازةُ أو نُطاعُ : فأوردها ولون الليل داجِ : ومالغبًا وفى الفجر إنصداعُ : فصبًح من بنى جِلان ضِلاً : عطيفته وأسهُمه المتاعُ : إذا لم يجتزر لبنيه لحماَ : غريضاَ من هوادي الوحشِ جاعُوا.....المفضليات بقلم : ضابطها وشارحها حسن السندوبي صاحب جريدة التراث الطبعة الأولى 1345هـ 1926م *جاء فى الحاشية أن (غُمازة) عين لبنى تميم و(إنطاع) إسم ماء وبنى (جلان) حي من أحياء العرب ويذكر الشيخ حمد الجاسر رحمه الله فى المعجم الجغرافى للمنطقة الشرقية فى المملكة العربية السعودية : أن أُثال وغُمازة ونطاع كلها من مياه وادى السًتار (وادى المياه) وبنى جِلان من قبيلة عنزة وكانت هذه القبيلة مخالطة لبكر بن وائل وغيرها من فروع ربيعة فى منازلها فى شرق الجزيرة وذلك قبل انتشار قبيلة بنى تميم فى هذه البلاد عند ظهور الإسلام مما يدل على أن الشاعر قال هذا وتلك البلاد تحلها فروع ربعية.....إنتهى
ونخلص من هذه الرواية : أن بنى جلان وهميم هم من الفروع الرئيسية المخالطين لبكر بن وائل فى شرق الجزيرة تحديداَ وهذه المعلومة يمكن ربطها ببعض الأحداث والشواهد التاريخية عند الحديث عن حلف اللهازم ودورعنزة فيها علَها تزيل بعض الغموض الذى إكتنف هذا النسب كي نتمكن من تحديد الفرع أوالبطن الذى تنتمى اليه قبيلة عنزة الحالية نقول هذا من باب التقريب لا التأكيد أوالجزم وكما يقال :على المرء أن يسعى للخير جُهدهُ : وليس عليه أن تتم المطالبُ.... فمن خلال الإستقراء التاريخى لتلك الأحدات التى مرَ بها هذا الحلف يتبين لنا أن قبيلة عنزة كانت مشاركة فى هذا الحلف وأنها منظوية تحت لوائه بجميع فروعها وبطونها دون إستثناء منها على سبيل المثال بنى هزان والنمر وبني هميم من يقدم إضافة الى بنى جلان بن عتيك فهناك من الشواهد التاريخية مايؤكد على أن بنى هزان هى أحد مكونات هذا الحلف كون صباح بن عتيك جد وائل بن هزان شقيق جلان بن عتيك وماحادثة إبنا حلاكة الهزانيين وأسرهم الحارث بن ظالم هم وقيس بن ثعلبة إلا دليلاَ واضحاَ على هذه المشاركة ولعل هذا مايفسر لنا إغفال المصادر القديمة عن بيان ذكر عنزة اللهازم من أي الفروع هم ولأي البطون ينتمون....
فكثيراَ مايُذكر أن عنزة بن أسد من اللهازم هكذا دون تحديد فرع أو قبيلة بعينها مما أوقعنا فى حيرة من أمرنا؟ وهذا فى رأيي أحد المؤشرات التى تؤكد على مشاركة عنزة بكل فروعها فى حلف اللهازم ولهذا نجد المصادرعندما تأتى على ذكر عنزة فى هذا الحلف تشير الى عنزة بن أسد القبيلة هكذا على الإطلاق دون تحديد فرع أو بطن وإلا لو كان الأمر خاصا بفرع دون غيره لما غفل المؤرخين عن الإشارة الى هذا الأمر ولذكروه بإسمه بطبيعة الحال بدليل أنهم لما ذكروا رحيل عنزة مع بكر بن وائل الى العراق إستثنوا بنى هزان من هذا وقالوا ( وبقى منهم فى نجد بنو هزان ) وانهم قد حالفوا بنى حنيفة فى اليمامة فى الجبل المعروف فى وادى العرض (الباطن) وصاهروهم حيث يجمع بينهم النسب الربعى حتى قيل أن ماكان يجرى على الهزانى يجرى على الحنفى وهكذا ومما يؤكد مشاركة بنى هزان بحلف اللهازم قول الشاعر عمرو بن الأحسر الجلانى العنزى يستنصر الهزانيين بقوله : فابلغ بنى عوفِ وابلغ محارباَ : وابلغ بنى جِلان ماالحقُ تسألُ : وهِزان بلِغ حيث حللت دِيارها : فما من أخِ إلا عليه معولُ.... وفى هذا يقول أبو الأسود عباية ابن شكس ابن الأسود الهزانى مفتخراَ بأسر قومه للحارث : أنا العنزى الأسود الذى بهم : أُسامي إذا ساميتُ أو أتبجحُ : هم أسروا يوم العروُب إبن ظالمِ : وأردوا مريناَ فهو للشقِ مُجنحُ....
وهذا الشاعر رشيد بن رميض العنزى وهو من النمر بن يقدم يدلل على هذا الترابط والتلاحم بين الفريقين بقوله : ونحن أسرنا حاتماَ وإبن ظالمِ : فكلُ نوَى فى قيدنا وهو يخشعُ .... وهكذا فالمتتبع لإحداث بكر بن وائل وحلفاؤها من عنزة يلاحظ أن لهم وقائع فى شرق الجزيرة حتى بعد ظهورالإسلام بقليل كيوم الشيطين لبكرعلى تميم وهو من أيام العرب المشهورة الذى جرى أسفل الصُمان غرب الوريعة وكان على بكر بشر بن مسعود بن قيس بن خالد ذى الجدين وفى هذا يقول قرواش بن حوط الضبى التميمى متوعداَ: سيعلم مسروق ثنائى ورهطه : إذا وائل حلَ القطاطَ ولعلعا.... ووائل هذا من ضبيعة ممن شارك بيوم الشيطين وهو وائل بن شراحبيل بن عمرو الضبعى وفيها يقول رشيد بن رميض العنزى: وماكان بين الشيطين ولعلعِ : لنسوتنا إلا مناقل أربعُ : فجئنا بجمعِ لم يرَ الناس مثله : يكاد له ظهر الوريعةُ يظلعُ.... فأجابه محرز بن المكعبر الضبى بقوله: فخرتم بيوم الشًيطين وغيرُكم:يضُرُ بيوم الشيطين وينفعُ : وجئتم بها مذمُومةَ عنزيةَ : تكادُ من اللؤم المُبين تضلعُ.... وكذلك وقعة النبَاج بين بكر وتميم وهو موقع فى شرق الجزيرة الذى يُقرن بثيتل فيما يعرف اليوم بقرية العليا وقرية السفلى...
ومن هنا يتبين لنا أن عنزة كانت بكل فروعها ضمن اللهازم وذلك قبل رحيل بكر وحلفاؤها الى أرياف العراق وهذا لاشك يتعارض والنصوص التى تكاد تتفق على إنفصال بنى هزان عن قبيلة عنزة منذ ماقبل أحداث البسوس عام 492م وهذه حقيقة تاريخية لاشك فيها إذ أن بنى هزان كانوا فى ديارهم بجوار بنى حنيفة أثناء تلك الأحداث إلا أن هذا لايمنع أن تكون لبعض فصائلهم الصغيرة مشاركة أو مساهمة على مستوى بيوتات أوأفراد فى هذه الوقائع وإلا فإن وجود بنى هزان فى العراق هو وجود متأخر نسبياَ عن وجود البطون البكرية وحلفاؤها اللهازم بأكثر من مئة عام فقد ذكر البلاذرى أن قدومهم كان بداية ظهور الدولة العباسية حين وليَ أمر البصرة من قبل العباسيين سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب الذى عزم عل قتال سِلم بن قتبة بن مسلم والي مروان بن محمد الأموى عليها فأرسل سِلم الى أصحابه فجائته قيس وتميم وبنومسمع بن مالك من بكر بن وائل واجتمع الى سفيان أصحابه من الأزد وبكر بن وائل وعبدالقيس ثم انظم اليهم بنو حنيفة وبنو هزان حيث قال البلاذرى مانصه ( وصار سفيان فى أصحابه الى موضع بالبصرة يُعرف بسقاية ابن برثن وأتته بنو حنيفة وبنو هزان من عنزة بن أسد بن ربيعة ولكن الحظ لن يحالف سفيان فهرب الى ميسان ثم عاد وولَى أمر البصرة ثانية....إنتهى
ففى عهد الدولة العباسية إنبسط نفوذ بنى هزان وحنيفة على اليمامة وتتابع عليها الولاة إلا أن شملها الضعف الذى شمل الخلافة العباسية حيث كثرت فيها الفتن والأحداث خصوصاَ بعد إستيلاء بنو الأخيضرالعلويين فأدى ذلك الى هجرتهم منها عام 253هـ حيث ظهر منهم هناك علماء وشعراء ورواة حديث كما جاء فى بعض التراجم هذه بعض الملامح المختصرة أشرنا لها بعجالة نستخلص منها أنه منذ وجود بكر بن وائل وحلفاؤهم من اللهازم فى شرق الجزيرة مروراَ برحيلهم الى العراق وماتلى ذلك من أحداث ووقائع الى منتصف القرن الأول يتبين لنا أن الأسماء التى تتردد فى هذه الأحداث هم لفرعان من عنزة أما من بنى جِلان أو من بنى هميم وهذا قطعاَ يقودنا الى الإستدلال العقلى بأن الذى هاجر من عين التمر الى أعراض خيبر هم لاشك أحد هذين الفرعين حيث أن هذا الإستدلال مقرون بنص الهمدانى وهو نصاَ مهم حيث يذكر أن عنزة التى كانت بجوار جبل أُقدس كانوا يومها بحدود الــ 600رجل! إذ لايعقل أن لو كانت عنزة قد هاجرت كقبيلة أن يكون مقاتليها بهذا العدد القليل؟ وهذا واضح من التسلسل الثنائى العامودى لنسب القبيلة مما يعنى أنهم ينحدرون من جد جامع غير بعيد زمنياَ كما يدل هذا التسلسل على أنهم كانوا قلة اَنذاك ولهذا ربما لم يأتى على ذكرهم حتى القرن السابع الهجرى وإلا لو كان الأمر خلاف هذا لكانت عنزة اليوم تنتمى لأكثر من فرع أو جذم غير هذين الفرعين بشر- ومسلم ولأصبحت كغيرها من القبائل الكبيرة التى تنحدر من جد واحد مشترك متعددة الجذور ومتشعبة الإنتماءات وذلك بحكم كثرة الفروع وتعدد البطون والفصائل التى قد تنشأ وتتكاثر خلال وجودها تلك القرون الطويلة !!
|
|
|