لأنفسهم فقط يبكون
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
كان بالبصرة عابد حضرته الوفاة فجلس أهلهيبكون حوله فقال لهم أجلسوني , فأجلسوه فأقبل عليهم وقال لأبيه : يا أبت ما الذيأبكاك ؟ قال : يا بنى ذكرت فقدك وانفرادي بعدك ، فالتفت إلى أمه , وقال : يا أماهما الذي أبكاك ؟ قالت : لتجرعي مرارة ثكلك , فالتفت إلى الزوجة , وقال : ما الذيأبكاك ؟ قالت : لفقد برك وحاجتي لغيرك , فالتفت إلى أولاده , وقال : ما الذي أبكاكم؟ قالوا : لذل اليتم والهوان من بعدك , فعند ذلك نظر إليهم وبكى ، فقالوا له : مايبكيك أنت ؟ قال أبكي لأني رأيت كلا منكم يبكى لنفسه لا لي ، أما فيكم من بكى لطولسفري ؟ أما فيكم من بكى لقلة زادي ؟ أما فيكم من بكى لمضجعي في التراب ؟ أما فيكممن بكى لما ألقاه من سوء الحساب ؟ أما فيكم من بكى لموقفي بين يدي رب الأرباب ؟ ثمسقط على وجهه فحركوه , فإذا هو ميت 0
أنت تموت ، وهم يبكون ، يبكون لأنهم فقدوك ، فماذا يجدي هذا البكاء ، إنها لحظة ألم تفرغها بهذا البكاء ، فالعين تدمع والقلب يحزن ، ولمّا يبكون عليك لما تلاقي ، لذا عليك أن تبكي على نفسك قبل أن يبكوك ، فهم يبكون لألم الفراق والفقد ، فكلنا حينما يموت عزيز لديه يبكي على حاله هو لا على حال الميت , وما هي إلا بعض الدموع وبعض الأيام وننسي من ودعناهولا نتذكر إلا أنفسنا وشهواتنا وملذاتنا، فإبك على نفسك ما دمت في الفسحة ، قبل أن يبكى عليك 0
همسة
سئل r عن أحزم الناس؟ قال : أكثرهم ذكراًللموت ، وأكثرهم استعداداً للموت ، أولئك الأكياس ، ذهبوا بشرف الدنيا وكرامةالآخرة 0
كتبه
محمد فنخور العبدلي