حادثة الكهرباء بين الشاعرين عبدالله الخميس وغازي القصيبي
عبدالله بن خميس وغازي القصيبي
اشترى الشاعر والمؤرخ عبد الله ابن خميس دارا في وادي ابن عمار. ووادي ابن عمار يضم العمارية وأبا الكباش والمعيذر والملقى والوصيل. وسكن ابن خميس في دارته وكان ينتظر أن تمتد الكهرباء إلى دارته. وبعد انتظار طويل أرسل قصيدة إلى وزير الصناعة والكهرباء آنذاك يستعطفه ان يوصل الكهرباء إلى داره فيقول في تلك القصيدة انه يعيش في الظلام ويعترف في قصيدته أن وزير الصناعة والكهرباء سابقا الدكتور غازي القصيبي قد قهر الظلام في أماكن كثيرة ولكنه لم يقهره في وادي ابن عمار وانه يعيش في الظلام مع صديقين هما كشافه وعكازه.
يقول ابن خميس:
على الذبالة والفانوس والجازٍ
عيشى ظلامك حتى يأذن الغازي
وسعته الصبر مهمازا فأوسعني
صدّا فحطم هذا الصد مهمازي
فرت جيوش الدياجي من مكامنها
من دار همدان حتى دار عنازِ
إذا سألت وزير الكهرباء بها
من انجز النور فيها؟ قال: إنجازي
وان سألت لماذا ظلَّ في غلسِ
وادي ابن عمارَ؟ هز الرأس كالهازي
أظل فيه بلا نور يؤانسني
وفي حنادسه عطلت تلفازي
ولي قرينان لا أنفك دونهما
أصاحب الليل كشافي وعكازي
هذا يضىء لخطوي منتهى قدمي
وذا ينفّر عني كل وخّازِ
فرد الدكتور القصيبي بقصيدة على نفس الروي والوزن وتناول في مطلعها جهود إيعازه لموظفي وزارته جاء في قصيدته:
أوعزت للقوم حتى كل إيعازي
وقلت لا تتركوا صحبي على الجازِ
وقلت هذا خميس الشعر جاءكمُ
يحدو الشوارد لم تهمز بمهمازِ
أعطاكم من حسان الشعر فاتنةً
مجلوّة ًبين إبداع وإعجازِ
وما هجاكم وحلو الطبع شيمته
ولو هجاكم لذقتم سطوة الغازي
أى الوساطات بين الناس نافذةً
ان الوساطة أفعى ذات إنجازِ
فوسط الشعر لم يشفع له أحدُ
سوى القوافي وإكباري وإعزازي
ويمضي الوقت وينتظر الشيخ ابن خميس وتمر الأيام والشهور والسنون فيخرج متفجعا متألما بقصيدة يصف فيها المهندس الطيب الذي أوكلت إليه آلاف المعاملات فلا يستطيع انجاز شيء لوادي ابن عمار يقول فيها:
وعدتم غير أن الوعد خيل
أتى منا على خمس عجافِ
دفعتم بالمقاول كي نراه
فما وفّى القليل ولن يوافي
أثيرا عنده خمسون شغلا
ويرضيهم بما دون الكفافِ
فلو ان المدى شهر وشهر
وتسعة أشهر عداً توافي
ولكن المدى مطل ومينٌ
وتسويف عقوبته عوافي
وهنا يرد وزير الكهرباء بقصيدة رابعة ولكنه في هذه المرة يأخذ دور المهاجم فيعتب على ابن خميس أنه سكن في بيت بعيد لا تصله طائرات الهليكوبتر ولا سيارات الجمس فيقول له:
أعبدالله يا شيخ القوافي
ومرتجل البديعات الظرافِ
هجرت الناس والدنيا وحيدا
بعماريةٍ وسط الفيافي
يفرقها عن العمران دربٌ
طويل ذو انعراج وانعطافِ
فلا هليكوبتر تفضي إليه
ويشكو الجمس من طول المطافِ
فتغفو انت في ظل ظليل
وتمرك يانع والماء صافي
وأقرأ ألف معروض وشكوى
وتقرأ أنت أشعار الرصافي
ثم يطمئنه انه قد تناول موضوعه في الوزارة وقد أخبروه انه في شهرين ستمد الكهرباء لوادي ابن عمار فيقول في نفس القصيدة:
سألت القوم عنك فأخبروني
بأن الكهرباء غداً توافي
فإن جاءت فكافئنا بشعر
كضوء الحب في ليل الزفاف
وفي بستانك المعمور أولِم
بهرفي سمين في الخراف
والشاعر عبدالله بن خميس قد بلغ من الكبر عتيا وقد زرته فوجدته قد خرف فنسأل الله له حسن الختام.
وأما الدكتور غازي فقد قال مرثية جميلة ظننته أنه سيترك الدنيا بعدها ويطلقها .... ولكن صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم (يهرم بن آدم وتبقى منه اثنتان الحرص والأمل) رواه أحمد وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
رحمهما الله أجمعين
|