حكم الشرع في تربية شعر الرأس
إعداد
محمد بن فنخور العبدلي
محافظة القريات
1431هـ
مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } آل عمران : 10 ، وقال تعالى { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً } النساء :1 ، وقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً } الأحزاب : 70 – 71 أم بعد
أن الله جميل يحب الجمال كما أن الله نظيف يحب النظافة ، وقد حث الإسلام على ذلك ، قال تعالى ( يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين ) سورة الأعراف 31 ، وقال الحبيب صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ ) 0أخرجه مسلم في صحيحه رقم 131 ، فعلى المسلم أن يلبس الثوب النظيف الحسن بلا خيلاء أو تكبر ،وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنها قال ( أتانا رسول الله صلى اللهعليه وسلم فرأى رجلاً شعثاً قد تفرق شعره فقال : أما كان هذا يجد ما يسكن به شعره ) ، ورأى رجلاً آخر وعليه ثياب وسخة فقال ( أما كان هذا يجد ما يغسل به ثوبه) 0 رواه أبو داود، وعزاه السيوطي في الجامع الصغير إلى المسند أيضاً ورواه ابن حبان والحاكم ، وقال المناوي في فيض القدير : على شرطهما وأقره الذهبي : إسناده جيد 0
وبعد
فهناكظاهرة لا يمكننا التغافل أو غض الطرف عنها ، ظاهرت بدأت بالانتشار بين بعض فئات الشباب ، وأقصد بها تطويل الشعر للشباب ، فبداية ظهورها على خجل ، والآن انتشرت بقوة وبلا أدنى مبالاة ، تنوعت آراء الشباب حولها ، فمنهم من يؤيدها ومنهم من يمقتها ، ومنهم لا مع هؤلاء ولا هؤلاء حائر في أمرها ، أو غير مبال بها ، ومن هؤلاء من يقول نقلد صفوة الخلق صلى الله عليه وسلم ، ومنهم من يتفوه بكلمة خطيرة فيقول أنا حر وهذا شعر رأسي أفعل به ما أشاء ، أو هذه حرية شخصية ، وهناك من يرى أنها منافية للرجولة ، ومنهم من يرى فيها تقليد للغرب وخصوصا اللاعبين والفنانين 000 الخ 0
من هنا نبعت فكرة هذا البحث بعد أن قرأت موضوعا في أحد مواقع الإنترنت من ولي أمر يقول أن معلم أبنه في المرحلة الابتدائية أمر أبنه بحلق شعر رأسه والمعلم مطيل لشعره فرأيت أن تأطيرها بإطار الشرع ، وسوف يلحظ القارئ أن المسألة فيها تجاذب بين العلماء ، قال ابن العربي المالكي في عارضة الاحوذي ( 7 / 256 ) الشعرفي الرأس زينة ، وتركه سنة ، وحلقه بدعة وحالة مذمومة ، وقال الشيخ محمدرشيد رضا في فتاويه ( 347 ) إن من أرسل شعره بنية الاقتداء بالنبي صلى اللهعليه وسلم في عاداته الشريفة كان ذلك مزيد كمال في دينه إذا كان مقتدياً بسنتهالدينية ومتحرياً التخلق بأخلاقه الكريمة ، والشيخ ابنعثيمين رحمه الله يرى أن توفير شعر الرأس أو حلقه مقيد بالعادة والعرف ، والغزالي في الإحياء يقول : لا بأس بحلقه لمن أرادالتنظيف ، ولا بأس بتركه لمن يدهنه ويرجله ، وهناك من يرى أن الحلق أفضل من اتخاذ الشعر وهذا قول شاذ كما قرر ذلك العلماء كشيخ الإسلام في كتابهالاستقامة ( 1 / 256 ) رداًّ على من اتخذ الحلق شعاراً وعلامة على الدين والنسك ، ولابد أن نعلم أن بعض العلماء كابن عبد البر في التمهيد ( 6 / 80 ) يرى أن إطالة الشعر إذا كانشعاراً للسفهاء فإن على الصالحين ألا يتشبهوا بهم حيث قال : صار أهل عصرنا لا يحبس الشعر منهم إلا الجند عندنا لهم الجمموالوفرات ، وأضْربَ عنها أهل الصلاح والستر والعلم ، حتى صار ذلك علامة من علاماتهم، وصارت الجمم اليوم عندنا تكاد تكون علامة السفهاء ، وقد روي عن النبي صلى اللهعليه وسلم أنه قال ( من تشبه بقوم فهو منهم أو حشر معهم) فقيل : مَن تشبهبهم في أفعالهم ، وقيل : من تشبه بهم في هيئاتهم ، وحسبك بهذا ، فهو مجمل فيالاقتداء بهدي الصالحين على أي حال كانوا ، والشعر والحلق لا يغنيان يوم القيامةشيئاً ، وإنما المجازاة على النيات والأعمال ، فرب محلوق خيرٌ من ذي شعْرٍ ، وربَّذي شعرٍ رجلاً صالحاً، وهناك من يخالفهم في ذلك ويرونأن لا يترك الصالحون سنة النبي صلى الله عليه وسلم في إبقاء الشعر بضوابطها حتى لاتكون شعاراً للسفهاء 0
والله الموفق ، والحمد لله أولا وآخرا على توفيقه وامتنانه 0
كتبه
محمد فنخور العبدلي
محافظة القريات