هل نحن الآن في زمن الرويبضة ؟؟
الرويبضة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد
إنه العاجز الذي ربض عن معالي الأمور ، وقعد عن طلبها ، فهو التافه من الناس الذي ربضِ في بيته ، وقل انبعاثه في الأمور الجسيمة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيأتي على الناس سنوات خدّاعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة قيل وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة ، صححه الألباني ، قال ابن منظور: الرويبضة : هو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور وقعد عن طلبها ، والغالب أنه قيل للتافه من الناس لُِربُوضِه في بيته، وقلة انبعاثه في الأمور الجسيمة ، يبين الرسول صلى الله عليه وسلم أموراً ستصير في مستقبل الأيام وهي حاصلة في واقعنا المعاصر، منها: أن يتمكن التافه من الكلام ، مع أن الأصل أن لا يتكلم إلا العاقل الحكيم ، ومما يزيد المشكلة عمقاً ومساحة أن يكون هذا وأمثاله ممن يتناول أمور الجماهير فيساهم في تضليل الرأي العام، وتوجيه العامة إلى مستوى طرحه كتافه قاعد متقاعس، أو على ضعفهم ، فوُسِّد أمرهم لرويبضة ، يصف الرسول صلى الله عليه وسلم الزمن الذي يصول فيه الرويبضة بالسنوات الخدّاعات، ذلك لأن الأمور تسير خلاف القاعدة، فالصادق يُكذَب والكاذب يُصدَّق، والأمين يُخَون والخائن يُؤتًمن، والصالح يُكمَّم والتافِهُ الرويبضة يُمكن 00000
فهل نحن الآن في زمن الرويبضة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذا الحديث فيه الإخبار عن أنه سيأتي على الناس زمان سنوات تفسد فيها الأخلاق، أخلاق الناس: يكذب الصادق، يخون الأمين، يؤتمن الخائن، يصدق الكاذب، هذا منطق معكوس، يصدق الكاذب ويكذب الصادق: يعني تكون الأحكام تدور مع الأهواء، وهذا كالتفسير والله أعلم لقوله في هذا الزمان: سنين أو سنوات خداعة، وصف الخداع هو وصف لأهل هذه السنين، وصف للناس كما نقول: هذا الزمان كذب ، زمان كذب ، وخيانة وظلم ، فيضاف وصف الناس تارة إلى المكان وتارة إلى الزمان ، لأن مَحال الزمان والمكان محال لأفعال الناس ، محال للناس وأعمالهم وأقوالهم ، ويقول أيضا في الحديث : وتنطق الرويبضة : رويبضة لفظ مصغر رابضة الرويبض ، فهذا تصغير للتحقير، الرويبضة وهو الرجل الفاسق، فسره في الحديث : الرجل التافه الحقير القاصر العاجز الناقص، يتكلم في أمر الأمة في أمر العامة، وهذا من فساد أحوال الزمان أن يصدر ويتدخل في الأمور في قضايا الأمة الناقصون والقاصرون والجهال والتافهون، القضايا العامة هذه من شأن ذوي الحِجَى ذوي العقول، وذوي المدارك والآراء السديدة وأهل البصائر. فهذه من صور وأحوال فساد الزمان، وهذه الأمور مدركة ومشاهدة وحاصلة فيما مضى وفي الحاضر وفيما يأتي، وهذه الأحاديث تشبه الأحاديث التي جاء فيها ذكر القرون المفضلة وأنه بعد تلك القرون تفسد الأحوال: في التعامل، في الشهادات، في الأيمان، في باب الصدق والكذب، تكثر الخيانات والكذب، ويرتفع الوضيع الحقير، ويهان أشراف الناس والفضلاء : فضلاء الناس، كل هذه من مظاهر فساد الأحوال0
حقا هؤلاء هم صنف الرويبضة ، من ينصبون أنفسهم علماء ، أو حكماء ، أو وجهاء وما هم إلا متفيقهون ومتشدقون ، بل جهـال ذووا عقول خاوية ، تُصيرهم الأهواء وتَحكمهم الشهـوات 0
لقد هاجَت الدنيا وماجَت ، ولم تعد ساكِنة كما كانت ، ففي الماضي القريب لا نكاد نسمع إلا العقلاء والفطناء والحكماء هم الذين يرسمون لنا الطريق ، أما الآن فقد تكلم الرويبضة فأضاع وأفسد ، لا نعلم له اتجاهاً ولا ديناً ، يشعل النيران و يعبث في الخفاء ، يسير خلف السطحيات ويترك الأولويات ولا حول ولا قوة إلا بالله ، فحقا هؤلاء هم صنف الرويبضة ، من ينصبون أنفسهم علماء ، أو حكماء ، أو وجهاء ، وما هم إلا متفيقهون ومتشدقون ، بل جهـال ذووا عقول خاوية ، تُصيرهم الأهواء وتَحكمهم الشهـوات ، إن الخوف على الأمة والمجتمعات والأسر والمجالس والشباب من أولئك الذين لبسوا ثياب العلم الشرعي ولباس العقل والحكمة ولباس التوجيه والنقد ، وهم أبعد الناس عن كل ذلك لهو الخوف الصادق على الأمة من الفساد والانحراف ، ذلك بأن تصدُّر الجهال في حين فُقِدَ العلماء والعقلاء والحكماء وتكلم الرويبضة ، حقا هؤلاء هم صنف الرويبضة ، من ينصبون أنفسهم علماء ، أو حكماء ، أو وجهاء وما هم إلا متفيقهون ومتشدقون ، بل جهـال ذووا عقول خاوية ، تُصيرهم الأهواء وتَحكمهم الشهـوات 0
قال شيـخ الإسلام ابن تيميـة : إنمـا يفسد الدنيا ثلاثة أنصاف : نصف فقيه ، ونصف طبيب ، ونصف نحوي ، فنصف الفقيه يفسد الدين ، ونصف الطبيب يفسد الأبدان ، ونصف النحوي يفسد اللسان 0
والرويبضة يا عباد الله إما جاهل في الدين يفتي وهذا هو الطامة الكبرى ، وإما جاهل بالطب ويعالج فهذا مجرم قاتل ، وإما جاهل باللغة والكلام فيفهم خطأ ، ويتكلم عجبا ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وسُئل العلامة عبد الله الجبرين رحمه الله عن معنى الرويبضة في الحديث فقال : في آخر الزمان وعند اقتراب الساعة يقل العلم ويذهب العلماء ويتولى الأمر والإفتاء من ليس أهلا ويكون سيد القوم أرذلهم ويذل أهل الخير والصلاح فهناك يتكلم الرويبضة وهو الخامل الفاسد الماجن، وقد كان قبل ذلك حقيرًا مهينًا لا يجرؤ على الكلام ولا على التصرف وليس له رأي ولا يلتفت إليه لصغاره ونذالته وهوانه، لكن عند انقراض الصالحين وذهاب أهل العلم يترأس في الناس أراذلهم ويكون لهم الأمر والنهي والتصرف حتى يأتي أمر الله تعالى 0
قدمناها خطبة جمعة في أكثر من جامع
|