05-09-2008, 02:15 AM
|
#11
|
المشرف العام
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 1,353
|
الكتاب:مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم
المؤلف: محمد بن عبد الوهاب بن سليمان (المتوفى : 1206هـ)
كتب "دعا أبو بكر العلاء بن الحضرمي، فبعثه إلى البحرين في ستة عشر راكباً، وقال: امض، فإنّ أمامك عبد القيس. فسار ومرّ بثُمامة بن أثال، فأمده برجالٍ من قومه بني سُحيم، ثم لحق به.
فنَزل العلاء بحصنٍ يقال له: جُواثي، وكان مخارق قد نزل بِمَن معه من بكر بن وائل: حصن الْمُشَقّر ـ حصن عظيم لعبد القيس ـ فسار إليهم
العلاء فيمَن اجتمع إليه، فقاتلهم قتالاً شديداً، حتى كثر القتلى في الفريقين، والجارود بن المعلى بالخطِّ1 يبعث البعوث إلى العلاء. وبعث مخارق: الْحُطَمَ بن شريح ـ أحد بني قيس بن ثعلبة ـ إلى مَرْزُبان الخطّ يستمده فأمده بالأساورة. فنَزل الحطم ردم القداح ـ وكان حلف أن لا يشرب الخمر حتى يرى هَجَراً ـ وأخذ المرزبان الجارود رهينة عنده. وسار الحطم وأبجر العِجْلي حتى حصروا العلاء بجواثي. فقال عبد الله بن حَذَف، وكان من صالحي المسلمين:
ألا أبلغ أبا بكرٍ رسولاً ... وسكان الْمدينة أجمعينا
فهل لكموا إلى نفرٍ يسيرٍ ... قعود في جُواثي مُحْصَرينا
كأن دماءهم في كلّ فَجٍّ ... شعاع الشّمس يغشى النّاظرين
توكلنا على الرّحمن إنّا ... وجدنا النّصر للمتوكلّين
فمكثوا على ذلك محصورين.
فسمع العلاء وأصحابه ذات ليلةٍ لغطاً في العسكر. فقالوا: لو علمنا أمرهم؟ فقال عبد الله بن حذف: أنا أعلم لكم علمهم، فدلوه بحبل. فأقبل حتى يدخل على أبجر العلجي ـ وأمّه منهم ـ قال: ما جاء بك؟ لا أنعم الله بك عيناً.
قال: جاء بي الضّرّ والجوع، وأردت اللّحاق بأهلي، فزودني. فقال: أفعل. على أنّي أظنّك والله غير ذلك؛ بئس ابن الأخت أنتَ
سائر اللّيلة. فزوده وأعطاه نعلين، وأخرجه من العسكر، وخرج معه حتى برز. فمضى كأنّه لا يريد الحصن حتى أبعد ثم عطف، فأخذ بالجبل فصعِد.
فقالوا: ما وراءك؟ قال: تركتهم سكارى، قد نزل بهم تجار معهم خمر، فاشتروا منهم، فإن كان لكم بهم حاجة فاللّيلة.
فنَزلوا إليهم، فبيتوهم فقتلوهم، فلم يفلت منهم أحدٌ.
ووثب الْحُطَم فوضع رجله في الرّكابات، وجعل يقول: مَن يحملني؟ فسمعه عبد الله1 بن حذف، فأقبل يقول: أبا ضُبيعة؟ قال: نعم. قال: أنا أحملك. فلمّا دنا منه قتله. وقطعت رجل أبجر العلجي. فمات منها.
وانهزم فَلّهم فاعتصموا بمفروق الشّبياني.
ثم سار العلاء إلى مدينة دارين فقاتلهم قتالاً شديداً، وضيق عليهم.
فلماّ رأى ذلك مخارق ومَن معه، قالوا: إن خلوا عنا رجعنا من حيث جئنا.
فشاور العلاء أصحابه، فأشاروا بتخليتهم. فخرجوا فلحقوا ببلادهم.
وطلب أهل دارين الصّلح. فصالحهم العلاء على ثلث ما في أيديهم من أموالهم، وما كان خارجاً منها فهو له.
وطفقت بكر بن وائل تنادي: يا عبد القيس، أتاكم مفروق في جماعة بكر بن وائل.
فقال عبد الله بن حَذَف:
لا توعدونا بمفروقٍ وأسرته ... إن يأتنا يَلْقَ منّا سُنّة الْحُطم
النّخل ظاهرها خيل وباطنها ... خيل تكدس بالفرسان في النّعم
وإن ذا الحيَّ من بكرٍ، وإن كثروا ... لأمّة داخلون النّار في أمم
ثمّ سار العلاء إلى الْخَطِّ، حتى نزل إلى السّاحل، فجاءه نصراني، فقال: ما لي إن دللتك على مخاضة تخوض منها الخيل إلى دارين؟ قال: وما تسألني؟ قال: أهل بيت بدارين، قال: هم لك.
فخاض به. فظفر بهم عنوةً، وسبا أهلها."
|
|
|