لا تأخذها إلا بوصفة طبية بعد الكشف
تعرّف على وظائف المضادات الحيوية الطبية ومتى وكيف تستخدمها؟







درج الناس على استخدام المضادات الحيوية بكثرة، وفي كثير من الأحيان من دون استشارة الطبيب المختص وتعددت أنواعها حتى لا يكاد منزل يخلو منها، واختلفت الآراء حيال استخدامها ما بين مؤيد ومعارض فكثرت الاستفهامات حولها وعن آثارها الجانبية وكيفية الاستخدام الأمثل لها. أسئلة كثيرة توجهنا بها إلى الصيدلانية أمل محمد القاسم (مستشفى القوات المسلحة بالرياض) لإلقاء الضوء على هذا الموضوع.

الالتهابات والمضادات

* ما هي المضادات الحيوية؟

- هي عقاقير تستخرج من إفرازات بعض الفطريات والبكتيريا أثناء نموها، ويمكن تحضيرها حالياً تحضيراً صناعياً، ولها خاصية إيقاف وشل أو قتل بعض الفطريات أو البكتريا الأخرى ويعد اكتشاف المضادات الحيوية من أعظم الاكتشافات الطبية الإنسانية عندما لاحظ الكسندر فلمنج أن مزرعة الجراثيم قد توقفت عندما تلوثت بعفن من فصيلة البنسيليوم، فاستخلصه وأسماه البنسلين، وتم إنقاذ حياة الملايين في ذلك الوقت، وخاصة أثناء الحرب العالمية الثانية.

والالتهابات عبارة عن إصابة ميكروبية (إما فيروسية أو بكتيرية أو فطرية أو غيرها) وتصيب أجزاء مختلفة من الجسم كالأنف والحلق والأذنين والشعب الهوائية والرئتين والكلى والدم والأمعاء والجروح وغيرها، وتنتقل هذه الميكروبات (الجراثيم) عن طريق الرذاذ والدم والمصافحة والملامسة (كملامسة النقود والأبواب) لذلك يجب التوخي دائماً، وللعلم فإن عدد الجراثيم التي تحملها اليدان في الظروف العادية قد تصل إلى 200 مليون ميكروب إضافة إلى الفيروسات الأخرى التي قد تعلق بالأيدي، ومعظم هذه الملايين من المكورات العنقودية التي تتخذ من أيدينا مساكن لها بانتظار أن تصل اليد إلى الفم أو الأنف أو داخل طبلة الأذن أو محاجر العيون، حتى تتمكن من التكاثر فيها والتسبب في أمراض مختلفة والمكان المفضل لهذه الجراثيم التجويف الفاصل بين الإصبع والظفر حيث تعيش بأمان؛ لذا يستحسن غسل اليدين وفركها بالصابون ما لا يقل عن 20 ثانية، وتقليم الأظافر باستمرار والمضادات الحيوية من الأدوية الناجعة في القضاء على الالتهاب البكترية بإذن الله، على أنها ليس لها تأثير على الالتهابات الأخرى كالالتهابات الفيروسية (مثل الزكام)؛ وبالتالي لا يجب تعاطي هذه المضادات الحيوية إلا إذا ثبت أن الالتهاب بكتيري. مع ملاحظة أن الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية يولد سلالات مقاومة من البكتيريا يصعب علاجها، إضافة إلى الآثار الجانبية غير المرغوبة والخطيرة في بعض الأحيان التي قد تسببها هذه الأدوية.

أنواعها وتصنيفها

* تكثر المضادات الحيوية في الأسواق فما هي أنواعها وكيف تصنف؟

- قسمت المضادات الحيوية إلى عدة مجموعات أو فصائل بحسب التركيب الكيميائي لها أو حسب تأثيرها الدوائي، ومن أشهر هذه المجموعات:

* مجموعة البنسلينpenicillins مثل البنسلين والفلوكساسلين والأمبيسيلين، والأموكساسللين وهذا الأخير بدأت البكتريا بالتعرف عليه ومقاومته فاضطر الصيادلة لإضافة مادة مموهة له وأسموه أو جمانتين المكون من (اموكساسلين - اكلامنيك اسيد).

* مجموعة السيفالرسبورين أو البيتالاكتام cephalosporin الجزيرة other beta-lactam مثل السيفاكلور والسيفيوروكسيم.

* مجموعة التتراسيكلين Tetracydin مثل الدوكسيسيلين.

* مجموعة الامينوجليكوسيد Aminogly cosides مثل جنتاميسين والاميكاسين وتقتصر استخدامات هذه المجموعة على بعض الأمراض الخطيرة كتسمم الدم والحمى الشوكية، لما لها من تأثير على الكلى.

* مجموعة ماكرولايدس Macrolides وهذه المجموعة هي الاختيار البديل عن المجموعتين الأولتين للمرضى الذين يعانون من حساسية البنسلين أو السيفالوسبورين، حيث تقوم بنفس العمل الدوائي تقريباً ومن أمثلتها الايريثروميسين والاريثروميسين والكلارثروميسين.

* مجموعات أخرى كثيرة أقل استعمل مثل مجموعة الكلورامفينيكول ومجموعة الميترونيدازول وغيرها.

الآثار الجانبية

* لكل دواء آثار جانبية فما هي الآثار الجانبية للمضادات الحيوية؟

- كل المضادات الحيوية مواد سامة تعطى في حدود قتل أو إيقاف نمو البكتيريا.

- قد تسبب في تهيج الغشاء المخاطي للجهاز الهضمي مما يسبب لوعان النفس ثم قيء.

- قد تتسبب في نقص قدرة الأمعاء على امتصاص بعض المواد الغذائية فتسبب إسهالا.

- في حالة أخذها لفترة طويلة مثل مرض السل تسبب قتل البكتيريا النافعة في الأمعاء التي تكون فيتامين ب مما يسبب نقص نقص حاد لهذا الفيتامين.

- قد تسبب حساسية (للبعض فقط) تكون خفيفة، وفي بعض الأحيان تكون قاتلة.

- استعمال المضادات الحيوية لعلاج الحيوانات والنباتات أو للإسراع في نموها يسبب في ظهور حساسية أو بكتيريا المقاومة للمضاد الحيوي في الإنسان وبالتالي أمراض يصيب معالجتها.

- قد يحدث تآكل لميناء الأسنان أو تغير لونها بسبب استعمال التراسيكلين لمدة طويلة.

- قد يحدث تلف في الكلى.

- بعض المضادات الحيوية يمكنها النفاذ من المشيمة لذا يجب التأكد منها في حالة الحمل والرضاعة.

- نشوء سلالات متطورة من البكتيريا المقاومة والتي قد يصعب علاجها.

- العلاج الطويل بالمضادات الحيوية يسبب قتل البكتيريا الطبيعية في الجسم (مثال تلك الموجودة في مهبل المرأة) والتي تقوم بحمايته من الأمراض بحيث لو نقصت أو ضعفت فإن الكانديدا تنشط محدثة التهابات مهبلية.

نظم وقواعد الاستخدام

* عدم إكمال المدة التي حددها الطبيب للمريض المستخدم للمضاد الحيوي، إلى ماذا يؤدي؟

- بعد جرعتين أو ثلاث يبدأ المريض بالتحسن والإحساس بالعافية، مما يجعل البعض يتهاون في تكملة العلاج وإهماله ظناً منه أن لا ضرر له، وهذا من أكبر الأخطاء إذ هو يقدم خدمة عظيمة للبكتريا لاكتساب المناعة ضد هذا المضاد، فيعود له المرض ببكتريا أقوى وأشد. لذا من الضروري إكمال المدة التي حددها الطبيب لإنهاء المدة اللازمة للقضاء على البكتريا نهائياً بإذن الله.

* هل تكرار استخدام المضاد الحيوي مع نفس المرض يبطل مفعول العلاج؟

- إذا وصف الطبيب مضاداً حيوياً لمريض ما، أو التزم المريض بأخذ الدواء حسب التعليمات، وأنهى مدة العلاج بكاملها، ثم بعد فترة قصيرة عاوده نفس المرض، عندها لا يحبذ أبدا، تعاطي نفس المضاد الحيوي لأن البكتريا قد تكون اكتسبت مناعة ضد هذا المضاد أو إنها في الأصل غير حساسة له، وبالتالي فإن تكرار استخدام المضاد لا يعطي نتيجة، ويلزم في هذه الحالة تغيير المضاد الحيوي.

* هل استخدام المضاد الحيوي لأكثر من مرة خلال فترة وجيزة يؤثر على الصحة العامة للجسم؟

- استخدام المضاد الحيوي لأكثر من مرة خلال فترة وجيزة، إذا كان تحت إشراف طبي ولأجل العلاج من التهابات بكتيرية تتطلب تعاطي هذا المضاد لا يؤثر على الصحة العامة بل على العكس إذ إن إهمال المرض يؤدي لا سمح الله لمضاعفات سيئة.

* يلجأ كثير من الناس إلى سؤال الصيدلي عن مضاد حيوي مناسب للحالة التي يعاني منها دون استشارة طبيب فهل تعتقدون أن مثل تلك التصرفات مجدية؟

- المضادات الحيوية لا تعطى جزافاً، بل يجب أن تعطى إذا ثبت أن الالتهاب بكتيري وليس فيروسي، لأن المضادات الحيوية ليس لها تأثير على الالتهابات الفيروسية، وللتأكد من ذلك يلزم الكشف الطبي، وإجراء التحاليل المختبرية اللازمة، ليكون التشخيص صحيحاً ومن ثم يؤخذ المضاد الحيوي المناسب للحالة، وعموما يجب أن لا يصرف الصيدلي أي مضاد حيوي إلا بوصفة جلية معترف بها.

بين الطبيب والصيدلي

* يخلط العوام بين دور الطبيب والصيدلي، فما دور كل منهما؟

- في الماضي كان الصيدلي والطبيب شخصاً واحداً يسمى الحكيم أو العطار، ولكن بتقدم علم التشريح وعلم الأدوية، والتطور الكبير الذي طرأ على بقية العلوم، أصبح لكل منهما حقله المستقل، فالطبيب أعلم بالعلة وتشخيص المرض، يساعده في ذلك التحاليل المخبرية التي تكشف له الكثير من الخلل والتحاليل الميكروبية التي تبين وجود المرض والعلاج الناجح لذلك.

أما الصيدلي فهو أعلم باستقلابات الأدوية، وتضارب الأدوية، وإمكانية استبدال دواء مكان آخر إذا تعذر الحصول عليه. وفي البلدان المتقدمة يسمح للصيادلة الاكلينيكيون (pharm. D) وهم العاملون في المستشفيات ذات السمعة الرائدة، بكتابة الوصفة الطبية إذا لزم الأمر وهنا يجب التنبيه لأمر في غاية الأهمية وهو أن الكثير من مساعدي الصيادلة ينتحلون صفة (صيدلي)، فالصيدلي حاصل على شهادة جامعية معترف بها أما المساعد فلا تتعدى شهادته المعهد الصحي.

***

نصائح وتوجيهات

- التأكد من الالتهاب بكتيري وذلك بواسطة التحاليل المختبرية أو الكشف الطبي.

- التأكد من صحة الجرعة وعدد مرات أخذها؛ لأن الجرعة القليلة لا تكفي لقتل أو إيقاف البكتريا بل قد تتسبب في اكتساب البكتريا مناعة في حين أن الجرعة الكبيرة قد تؤذي المريض.

-في حالة أخذ المضادات لفترات طويلة (شهود) يفضل أخذ حبوب الفيتامينات مع العلاج.

- في حالة ظهور أعراض جانبية كالحساسية أو القيء الشديد الذي لا يحتمل أو هبوط في التنفس أو ازدياد دقات القلب بشكل كبير يوقف العلاج ويراجع الطبيب.

- التقيد التام بالتعليمات المرفقة من حيث وضعها في الثلاجة أو وقت تناولها، (قبل ساعة، مع أو بعد الأكل) والتأكد من تاريخ صلاحيتها، لما له من أهمية.

- عدم وصف الدواء لشخص آخر حتى لو كان به نفس الأعراض.

- توخي الحذر بالنسبة للحامل والمرضع والأطفال حديثي الولادة.