القبيلة بين جفاء الابناء وعداء الغرباء
تتعرض القبيلة بثقافتها وموروثها التاريخي لهجمة شرسة من قبل أطراف عدة تكالبت عليها بحرب بلا هوادة وأنجر لها وللأسف بعض أبناء القبيلة ، أصبح حمى القبيلة مستباح من قبل أناس أسقطوا عليها أسباب فشلهم وجعلوها سبباً لكل تخلف ومعوقاً لكل تقدم فكانت الضحية دائماً ، والمتتبع لسبب تلك الهجمة لا يجد لها مبرراً سوى أحقاداً دفينة وظغائن مكنونة في أنفس أناس محرومين من الإنتماء لقبيلة أو من جهلة أبناء القبائل .
يوصف كل من ينتمي لقبيلة أنه عنصري ورجعي إبتداءاً وبهذا قتل وإهدار للطاقات الإبداعية ، فكم مبادر وأدت مبادرته وكم صوت ألجم وكم تحرك أوقف بسبب هذه التهمة ، لقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (دعوها فإنها منتنه) وهذا الحديث يعد وصفاً لكل ماهو قبلي بينما المقصود هي العنصرية بكافة أشكالها سواءاً القبيلة منها أو المناطقية ، والمناطقيون يخرجون أنفسهم من وصف العنصرية ويبقونه حكراً على أبناء القبيلة بينما عنصريتهم هي أشد وأنكى ويستعلون عدم تطابق اللقب العائلي لتبرئة أنفسهم .
حتى الأدباء والشعراء لم تسلم القبيلة من أذاهم فهي حسب وجهة نظرهم كانت عائقاً للإبداع وخاصةً النسائي منه وتنساوا شاعرات القبيلة ومحاوراتهن الشعرية مع شعراء القبيلة وغيرهم وهناك نماذج شعرية يمكن حتى أن نصفها بالحداثية .
تسعى القبيلة دائماً للتحرر من الظلم والإنفكاك من قيود الغرباء فقلما تجد قبيلة ترضى بالخنوع والعبودية حيث أرتبطت ثقافتها بالحرية والإنعتاق من أغلال الذل ، وليس الترحال سبب طلب الكلأ دائماً فهناك أسباب أخرى خفية قد لا نعلمها وكل ظرف تاريخي يحمل بطياته أسرار وخفايا.
والتاريخ العربي حافل بقصص عذرية رومانسية كانت فخراً للأدب العربي ومنبعاً صافياً للشعر العذب ، ولم تكن القبيلة يوماً ما معوقاً رئسياً للإبداع والتطور والوحدة والحداثة ولربما كانت هي البادرة لذلك والداعمة له .
ويجب علينا نحن أبناء القبيلة أن نرد لها الجميل ونبادلها الوفاء بحمايتها من كل تشويه متعمد أو غير متعمد ، فبعض الممارسات العنصرية لأبناء القبائل هي من تشوه ذلك النقاء ، ولم يكن ما كتبته تبرأةً لكل أفعال أبناء القبيلة وتسويغاً لبعض تصرفاتهم العنصرية ولكن لحماية البقية الباقية من جمال القبيلة.
منقول
للباحث الحوفزان