11-18-2009, 11:23 PM
|
#1
|
المشرف العام
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 1,353
|
الصويان:مصادر دراسة الشعر النبطي
لا بد لأي أمة خلال انتقالها من أطوار الثقافة الشفاهية إلى أطوار الثقافة الكتابية من الحرص على تدوين ما يمكنها تدوينه من موروثات العصور الشفهية. وقد تبدأ هذه العملية بجمع النصوص العارية من الشروح والحواشي. وكلما تقدم الزمن وارتخت الروابط بين ثقافة الماضي وثقافة الحاضر ازدادت الحاجة لتفسير النصوص والتعليق عليها وتوفير كل ما يمكن توفيره من معلومات تمنح القارئ الخلفية اللغوية والثقافية اللازمة لفهم النصوص وتمثلها واستحضار الأجواء التي كانت تؤدى فيها والوظائف التي كانت تؤديها. وشيئا فشيئا ينمو هذا الاهتمام ويترعرع ويصبح عملا متخصصا له فروعه المتشعبة وله أطره النظرية وضوابطه المنهجية. ومع تراكم المادة العلمية على مرور الزمن يصبح حصرها وفرزها وتقييمها والتأريخ لها أمرا ملحا حتى يمكن السيطرة عليها والاستفادة منها والتعامل معها تعاملا رشيدا. هنا يقفز مستوى الخطاب من الحديث عن المادة الأدبية الشفهية نفسها إلى الحديث عن بيبليوغرافية المادة، أي الأعمال والجهود العلمية التي بذلت لجمع المادة الأدبية ودراستها. هذا المستوى من الخطاب يعنى بحصر وتقييم الأدوات العلمية التي يتوسل بها الباحث والمفاتيح التي يحتاج إليها للولوج إلى ميدان الأدب الشفهي وفهم مادته. هذه الأدوات والمفاتيح هي ما نسميه المصادر والمراجع، أو البيبليوغرافيا.
المصادر العربية
كان للمرحوم محمد بن عبدالله بن بليهد فضل الريادة في التنبيه إلى أهمية الالتفات إلى الشعر النبطي والاستفادة منه في الدراسات التاريخية والجغرافية. يقول الشيخ أبو عبدالرحمن بن عقيل:
وكتاب الشيخ ابن بليهد كتاب رائد إلا أنه كحب الشعير مأكول ومذموم.
ولقد مني بكثير من الجحدان والتنكر من قبل المختصين لا يكادون يذكرونه إلا متعقبين، وما وجدوا له من صالح دفنوا!!
فالفصل الجيد الذي كتبه عن المقارنة بين الشعر العامي والشعر الفصيح تناهبه الدارسون ولم يعزه إليه أحد منهم كابن خميس والزامل والكمالي.
وكلامه عن تموج القبائل في نجد أخذ في وضح النهار ولم يسند إليه كلمة. وأغلب أصحاب المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية لا يذكرونه إلا متعقبين، ولم يتركوا الرجل وشواهده من الشعر العامي بل أغاروا عليها.
والفصل الذي كتبه الشيخ في المجاز عن تموج القبائل إنما هو تلخيص جيد لما كتبه ابن بليهد. (ابن عقيل 1986، ج3: 137-138).
وكان ابن بليهد أول من تنبه إلى توظيف الشعر النبطي كأحد المصادر المهمة في الأبحاث التاريخية والجغرافية المتعلقة بجزيرة العرب وتقفى أثره في ذلك الشيخ عبدالله بن خميس والشيخ محمد العبودي والشيخ سعد بن جنيدل في الأجزاء التي ألفوها من المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية والذي نشرته دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر. والشيخ ابن بليهد أول من عقد مقارنة بين الشعر النبطي والشعر العربي استغرقت اثنتين وعشرين صفحة بين فيها أوجه الشبه والارتباط بينهما. (1392، ج2: 189-210). ومن أمتع ما كتبه ابن بليهد وأعظمه فائدة ما ذكره عن مناخات عتيبة ومطير وقحطان في أوائل القرن الرابع عشر الهجري وعن عادات العرب وقوانينهم في السلم والحرب وعن تموجات القبائل في نجد منذ أواخر القرن التاسع الهجري. (1392، ج2: 111-132). وقد عول الكثير من الرواة والمؤرخين فيما بعد على النصوص والشذرات التي أوردها ابن بليهد.
وتزامن مع ظهور الطبعة الأولى من صحيح الأخبار ظهور الديوان الذي جمعه خالد الفرج ونشره تحت عنوان ديوان النبط: مجموعة من الشعر العامي في نجد. ويعد هذا الديوان مثالا نموذجيا في جودة التصنيف والتبويب والشرح والتعليق وحسن الاختيار، وإن كان يغفل ذكر المناسبات التي قيلت فيها القصائد. أما مقدمة الديوان فإنها علامة بارزة على طريق البحث والتحقيق في مجال الشعر النبطي وإضافة حقيقية إلى ما جاء به ابن بليهد. وتتضمن هذه المقدمة الوافية عددا من الآراء التي تلقفها المتأخرون فاقتبسوها ونموها وإن كان البعض منهم لم يكلف نفسه عناء الاعتراف بفضل الفرج وسبقه. أما مجموعة عبدالله بن خالد الحاتم خيار ما يلتقط من الشعر النبط فإنها تتميز باحتوائها على بعض النماذج من الشعر النبطي القديم. ومن المجاميع التي تجدر الإشارة إليها لاحتوائها على قصائد ترجع إلى العصور الفائتة مجموعة عبدالله اللويحان روائع من الشعر النبطي ومجموعة مسعود بن سند بن سيحان الـرشيدي التحفة الرشيدية في الأشعار النبطية.
أما في مجال الدراسات المتخصصة فان كتاب الشيخ عبدالله بن خميس الأدب الشعبي في جزيرة العرب يظل مدخلا جيدا وعملا متميزا في هذا المضمار لا غنى للباحث الجاد عنه. ولابن خميس أعمال أخرى جليلة بذل فيها جهدا مشكورا في تدوين وتوثيق قصائد من الشعر النبطي مثل كتابه عن الخلاوي وكتابه عن أشعار العرضه وكتابه أحاديث السمر. أما كتاب شفيق الكمالي الشعر عند البدو فإنه يتضمن فوائد جمة وإضاءات لم يُـسبق إليها ويعتبر رافدا جيدا ومتمما لكتاب ابن خميس الأدب الشعبي في جزيرة العرب. ومن الدراسات الشمولية المستفيضة عن الشعر النبطي، وخصوصا في دولة الإمارات العربية ومنطقة الخليج، الدراسة التي تقدم بها الدكتور غسان حسن أحمد الحسن لنيل درجة الدكتوراه تحت عنوان الشعر النبطي في منطقة الخليج والجزيرة العربية، ثم قام المجمع الثقافي في دولة الإمارات بطباعة الدراسة في كتاب يتألف من جزأين كبيرين. وتتطرق هذه الدراسة بالوصف والتحليل وبشكل مفصل وموثق إلى العديد من قضايا الشكل والمضمون في الشعر النبطي. وصدر مؤخرا لكاتب هذه السطور عن دار الساقي بلندن كتاب يربو على 600 صفحة بعنوان الشعر النبطي: ذائقة الشعب وسلطة النص يتناول بدايات الشعر النبطي وجذوره الفصيحة ويحتوي على كم ضخم من القصائد النبطية القديمة التي لم يسبق نشرها.
وقد صدرت للشيخ أبو عبد الرحمن بن عقيل سلسلة تاريخ نجد في عصور العامية: ديوان الشعر العامي بلهجة أهل نجد من خمسة أجزاء وتتجلى فيها قدرة ابن عقيل وجلده على البحث والتقصي. كما يعول ابن عقيل كثيرا على الشعر النبطي في سلسلة دراسات ونصوص عن البيوتات العربية الحديثة والتي تقع في أربعة أجزاء. وساهم ابن عقيل في إعداد كتاب قيم عن أشعار الدواسر يحتوي على أشعار تاريخية وكتب له مقدمة عظيمة الفائدة، والكتاب من جمع محبوب بن سعد بن مدوس الفصام الدوسري. وأعمال ابن عقيل هي البداية الحقيقية للبحث العلمي المنظم والجاد في قضايا الشعر النبطي. ومن المحققين البارزين الذين يعتمد عليهم، وخصوصا بالنسبة لشعراء عالية نجد، الشيخ سعد بن جنيدل وله عدة مؤلفات قيمة في هذا الموضوع. وله بالإضافة إلى الكتب المطبوعة تحقيقات ومشاركات إعلامية بارزة. وتعد مؤلفات الشيخ سعد من المصادر الأولية في مجال الدراسات الشعبية بشكل عام. ومن الدراسات العلمية الرصينة كتاب الدكتور عبدالله العتيبي دراسات في الشعر الشعبي الكويتي. والكتاب عبارة عن مقالات في موضوع الشعر الشعبي كتبها الدكتور العتيبي في فترات متفاوتة ونشرها في أماكن متفرقة ثم جمعها فيما بعد ونشرها في هذا الكتاب. ولا يفوتني أن أنوه بكتاب الدكتور عبدالله الفوزان عن حميدان الشويعر، وكذلك كتاب الأستاذ محمد بن عبدالله الحمدان عن حميدان الشويعر أيضا.
ومن المجاميع المثالية في جودة الاختيار وجودة الطباعة والإفاضة في الشرح الجزء الأول من مجموعة شاعرات من البادية الذي أعده عبدالله بن رداس. ومما يضيف إلى أهمية هذا الديوان المقدمة الممتعة التي كتبها الشيخ حمد الجاسر يرد فيها على منير العجلاني ويبين أهمية دراسة الشعر النبطي كمصدر تاريخي وجغرافي. وفي الدواوين التي نشرها منديل الفهيد في سلسلته من آدابنا الشعبية في الجزيرة العربية يجد القارئ نماذج جيدة من أشعار شيوخ البادية وفرسانهم. ولمنديل باع طولى في الرواية وجهود مشكورة في التدوين والتوثيق غير أنه يعمد أحيانا إلى تعديل صياغة بعض القصائد التي تحتوي على معان لا تتلاءم مع الوضع السائد. ومما يؤخذ على منديل أيضا عدم عنايته بدواوينه من حيث الطباعة والإخراج وهي عارية من الشروح والتعليقات ولا يكاد القارئ يفقه شيئا من المقدمات الركيكة التي يضعها منديل لقصائده. وربما شارك ابن عقيل منديلا اللوم في ذلك حيث تقع على عاتقه مسؤولية الإشراف والإعداد لبعض هذه المجموعات.
أما كتاب أبطال من الصحراء للمرحوم محمد الأحمد السديري فإنه لا يجارى في الجودة والإتقان لا من حيث الطباعة والإخراج ولا من حيث ما يحتويه من قصص وأشعار مليئة بمعاني الفروسية ومواقف البطولة والرجولة. وكتاب قصة وأبيات الذي أعده إبراهيم اليوسف يحظى بأهمية خاصة نظرا لطبيعة المادة التي يتضمنها ولأن الدكتور عبدالعزيز الخويطر كتب له مقدمة ضافية هي عبارة عن دراسة نقدية فنية تبين مواطن جماليات الشعر النبطي. وكتب الخويطر مقدمة مماثلة لديوان شعراء عنيزة الشعبيون الذي أعده عبدالرحمن العقيل وسليمان الهطلاني. وهاتان المقدمتان من أجمل ما كتب عن الشعر النبطي من الناحية الأدبية. ومن المساهمات التي تستحق الإشادة مجموعة فهد الرشيد شعراء الرس النبطيون التي تحتوي على مجموعة لا بأس بها من أشعار أهل الرس. ونشر الشاعر سليمان بن محمد النقيدان ديوانا يحمل عنوان من شعراء بريدة يتضمن بالإضافة إلى الأشعار أخبارا عن بعض شعراء بريدة مثل محمد العلي العرفج والعوني لم تنشر من قبل. كما أصدر حمود النافع مجموعة ضخمة تقع في عدة أجزاء من شعر شعراء الزلفي. وظهرت أخيرا سلسلة بعنوان الشعر النبطي في وادي الفقي أعدها أحمد بن عبدالله الدامغ وتتضمن أشعارا لشعراء من روضة سدير. كما أعد سعود بن عبدالرحمن اليوسف كتابا عن شعراء أشيقر سماه أشيقر والشعر العامي. ويحمل ديوان أشعار قديمة تنشر لأول مرة الذي أصدره فايز موسى الحربي عددا من القصائد التي لم يسبق نشرها. ومن دواوين القبائل ديوان صور وأشعار بني رشيد جمعه ناصر بن عياضة بن عجوين الرشيدي ويحتوي على العديد من القصص والقصائد الجيدة والشيقة. ويجد القارئ مزيدا من أشعار وسوالف بني رشيد في الدواوين التي أعدها كل من نجا مفلح بنيان الرشيدي وحباب الرشيدي. كما نشر محمد بن دخيل العصيمي ديوانا ضخما يقع في جزأين جمع فيه ما استطاع جمعه من أشعار عتيبة المتفرقة في ثنايا المصادر المنشورة. ومن له اهتمام خاص بتاريخ قبيلة عنزة وأخبارها وأنسابها وأدبها وأشهر مشائخها وفرسانها وشعرائها سوف يجد بغيته في مؤلفات عبدالله بن عبار العنزي. وممن لهم إسهامات ملحوظة في مجال المأثورات الشعبية وتحقيق نصوص الشعر الشعبي ودراستها عبدالرحمن بن زيد السويداء، وخصوصا سلسلته من شعراء الجبل العاميين التي تتألف من ثلاثة أجزاء. تحتوي أجزاء هذه السلسلة على أشعار من منطقة حائل من أهمهم خلف أبو زويد وشايع بن مرداس الرمالي وعدوان الهربيد. وتتميز أعمال السويداء بجودة الاختيار والشروح الوافية. وللأستاذ أحمد فهد العلي العريفي مجموعة من المصنفات المفيدة مثل كتابه عن رميزان بن غشام وكتابه عن متشابه القصائد ومعجم الشعراء. وفي كتابه بركات الشريف استطاع العريفي عن طريق البحث والتقصي جلاء الغموض التاريخي الذي كان يحيط بشخصية هذا الأمير الذي يحتل مكانة بارزة بين شعراء النبط.
أما من تروق له المقطوعات الغنائية فسوف يستمتع بقراءة المجموعات التي أعدها محمد الثميري وعبدالله الدويش ومحمد الحمدان. ومن الألوان المتميزة في الشعر النبطي ما يسمى شعر المحاورة أو شعر الرد أو القلطة. وهناك عدد من الدواوين التي تحتوي على نماذج جيدة من شعر القلطة مثل ديوان علي أبو ماجد وديوان أحمد الناصر الشايع وديوان مطلق بن حميد الثبيتي وديوان علي القري. وقد أعد مبارك عمران السبيعي ديوانا من جزأين ضمنه عينات مختارة من شعر القلطة.
ويبقى هناك العديد من الدواوين التي تحتوي على قصص وقصائد نبطية جيدة لكنها تعاني من سوء الطباعة وقلة العناية وعدم الدقة في الرواية مع التحيز الواضح لقبيلة جامع الديوان. نذكر على سبيل المثال المجموعات التي نشرها شاهر بن محسن الأصقه وفهد الفردوس والاسمر الجويعان وابن عبار وغيرهم ممن سيرد ذكرهم في القائمة البيبليوغرافية مثل مطلق بن محمد البادي البراق العتيبي ومزيد الـسريحي وصالح بن رباح الـمطلق وبجاد لهاب الـجش ومحمد الـعزب ومشعل الـجبوري وعبدالعزيز بن سعد الـمطيري. هذا ولن نتطرق لدواوين الشعراء المعاصرين لأنها خارج نطاق البحث ولأنها أكثر من أن نحيط بها.
ومصادر دراسة الشعر النبطي لا تقتصر فقط على الدواوين الشعرية أو الكتب والدراسات التي كتبت تحديدا عن قضايا الشعر النبطي. بل إن طبيعة الشعر النبطي ومضامينه وأغراضه ووظائفه الاجتماعية والسياسية تتطلب من الباحث الرجوع إلى مصادر تاريخية وجغرافية وإلى كتب اللغة والألفاظ العامية وكل ما كتب عن الأدب الشعبي بجميع أجناسه وعن الثقافة الشعبية والحياة التقليدية وحياة البادية في العصور الفائتة وفي مختلف مناطق الجزيرة العربية. وتشكل هذه المصادر على اختلافها أدوات بحثية ضرورية تساعد الباحث على التعمق في إدراك مضامين القصيدة النبطية وتفسيرها وتحليلها. وهناك مصادر هي بمثابة نوافذ يطل منها الباحث على الماضي ليستجلي صوره ويتمثله تمثلا صادقا يعينه على فهم الشعر النبطي الذي يستمد صوره وأخيلته من ذلك الواقع الذي ذهب مع الريح. والشعر النبطي رصد لواقع الحياة في الماضي بجميع تجلياتها ومختلف مظاهرها، وكلما تمعنا في تلك الحياة الدارسة وأحطنا علما بجوانبها تعمق فهمنا للشعر النبطي. فأنت مثلا حينما تقرأ أبياتا غزلية فلربما تصادف مسميات لأنواع من الحلي والأزياء وأدوات الزينة التي كانت تستخدمها النساء في الماضي لكنها انقرضت وقل من يعرف عنها شيئا في وقتنا هذا. وفي استطرادات التوجد والحنين تصادف مفردات تتعلق بالسانية وأدواتها أو وسائل الغوص في البحر أو غيرها من الممارسات التي لم تعد موجودة الآن. والشاعر حينما يقطع الفلوات والبراري على راحلته أو يبعث مندوبا ليبلغ رسالته إلى الشخص المعني ترد في هذه الرحلة أسماء موارد ومواقع قل من يعرفها من غير المختصين. ومن هنا فإن الباحث والناقد يلزمه توسيع مداركه وتعميق ثقافته والاطلاع على كل ما له صلة بحياة الأسلاف في كل منحى من مناحيها بحيث لا تفوته شاردة ولا واردة.
من المصادر اللغوية المفيدة في فهم معاني ألفاظ الشعر النبطي كتاب السويداء فصيح العامي في شمال نجد وكتاب الدكتور عبدالعزيز بن محمد الفيصل من غريب الألفاظ المستعمل في قلب جزيرة العرب وكتاب عبدالكريم الحقيل ألفاظ دارجة ومدلولاتها في الجزيرة العربية. ولا يفوتني أن أنبه هنا إلى أن الباحث سوف يفيد فائدة عظيمة بالرجوع إلى أمهات المعاجم العربية مثل الصحاح للجوهري ولسان العرب المحيط لابن منظور وتاج العروس للزبيدي والمخصص والمحكم والمحيط الأعظم لابن سيده وذلك لأن مفردات الشعر النبطي في غالبيتها مفردات عربية فصيحة صحيحة. كما أن فهم الشعر الجاهلي وتذوقه واستشفاف معانيه وصوره والانكباب على ماكتب فيه من دراسات نقدية وأبحاث لغوية يساعد كثيرا على فهم الشعر النبطي والتبحر فيه، والعكس صحيح أيضا.
ومن المصادر التي لا غنى للباحث عنها كتاب السويداء نجد في الأمس القريب وأعماله الأخرى، وكتاب القويعي تراث الأجداد، وكتاب الساني والسانية لابن جنيدل، وكذلك الكتيبات التي تصدر عن مهرجان الجنادرية السنوي عن الحلي والأزياء الشعبية وغير ذلك من مظاهر الحياة التقليدية. وسوف يجد القارئ شذرات وإضاءات ممتعة عن حياة الأسلاف في سلسلة أي بني: مقارنة بين ماضينا وحاضرنا التي أصدرها الدكتور عبدالعزيز الخويطر في عدة أجزاء. كما صدر مؤخرا عن دار الدائرة للنشر والتوثيق عملا موسوعيا من اثناعشر مجلدا ضخما عنوانه الثقافة التقليدية في المملكة العربية السعودية يتناول مختلف جوانب الحياة التقليدية في المملكة.
ونظرا لارتباط الشعر النبطي بالتاريخ السياسي بوجه عام والتاريخ القبلي والإقليمي بوجه خاص فإنه لا مندوحة للباحث من الإلمام بالمصادر التي تتناول هذه المواضيع مثل تاريخ ابن غنام وتاريخ ابن بشر وتحفة المستفيد بتاريخ الأحساء في القديم والجديد لمحمد بن عبدالله بن عبدالمحسن آل عبدالقادر. ويحتوي كتاب خيرالدين الزركلي شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز على بعض المعلومات القيمة عن فرسان بعض القبائل ومشائخها وعاداتها. ومن المصادر التاريخية المهمة علماء نجد خلال ستة قرون الذي ألفه الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن صالح البسام. كما قام الشيخ البسام بجمع المخطوطات التاريخية المهمة المتعلقة بنجد وأصدرها في عشر مجلدات تحت عنوان خزانة التواريخ النجدية.
وبينما يتحفظ الكثيرون من مؤرخي نجد التقليديين على توظيف الشعر النبطي كمادة تاريخية نلاحظ أن مؤرخي القصيم لا يترددون في ذلك مثل ابن بسام في مخطوطه تحفة المشتاق ومقبل الذكير في مخطوطه مطالع السعود. ومن المتأخرين هناك الدكتور محمد بن عبدالله بن سليمان السلمان في كتابه الأحوال السياسية في القصيم في عهد الدولة السعودية الثانية والدكتور عبدالله العثيمين في كتابه نشأة إمارة آل رشيد. وللأخير مقالة قيمة نشرها في مجلة العرب بعنوان "الشعر النبطي كمصدر لتاريخ نجد". ومن المصادر التاريخية المهمة التي هي أقرب إلى مفهوم التاريخ الشعبي الشفهي مخطوطة عن حروب القصيم للشاعر إبراهيم القاضي، ابن الشاعر المشهور محمد العبدالله القاضي، ومخطوطة عن تاريخ نجد عنوانها النجم اللامع للنوادر جامع أملاها محمد العلي العبيد من أهالي عنيزة. هاتان المخطوطتان تنحيان في السرد التاريخي منحى شفهيا قريبا من أسلوب السوالف بما يتخللها من قصائد ترد كشواهد تاريخية وكجزء متمم للسرد النثري الذي هو أشبه ما يكون بتفسير للأبيات الشعرية ومقدمة للقصائد تعطي المستمع الخلفية اللازمة لفهم الأبيات وتفصل الأحداث الباعثة لها أو المترتبة عليها. ويحتوي تاريخ العبيد على تفاصيل إثنوغرافية عن حياة البادية وعن أنساب القبائل وحروبها. ومثل هذا النبذة التي أملاها ضاري بن فهيد الرشيد على وديع البستاني حينما كان يرقد مريضا في أحد مستشفيات الهند ونشرتها دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر تحت عنوان نبذة تاريخية عن نجد أملاها الأمير ضاري بن فهيد الرشيد. ويتضمن كتاب ابن بليهد صحيح الأخبار على نبذ في غاية الطرافة والأهمية عن الأوضاع القبلية في نجد قبل قيام الدولة السعودية الحديثة.
أما فيما يتعلق بالتاريخ القبلي والأنساب فهناك كتابات الشيخ حمد الجاسر مثل معجم قبائل المملكة العربية السعودية ومثل جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد. وهناك كتاب المنتخب في ذكر أنساب قبائل العرب لعبدالرحمن بن حمد بن زيد المغيري وكتابات عاتق البلادي مثل نسب حرب ومثل معجم قبائل الحجاز. هذا بالإضافة إلى العديد من الكتب التي تتفاوت في جودتها وموضوعيتها ودقة معلوماتها مثل ما كتبه ابن عبار العنزي عن أنساب عنزة وكتاب كنز الأنساب ومجمع الآداب لحمد الحقيل وكتاب الدكتور علي شواخ إسحاق الشعيبي القشعم من كبريات القبائل العربية: دراسة تاريخية اجتماعية أدبية وكتاب عبدالكريم بن عبدالله المنيف الوهبي بنو خالد وعلاقتهم بنجد وكتاب فهد المحمد الربيعان العرينات وكتاب حمد الناصر آل وهيب معجم أسر بني تميم في الحديث والقديم وكتاب عبدالله بن علي بن صقيه بنو تميم في بلاد الجبلين. وهناك كتيب صغير في حجمه عظيم في فائدته ويحتوي على عدد من القصائد النبطية الجيدة أصدره عبدالرحمن العبدالكريم العبيد بعنوان قبيلة العوازم: دراسة عن أصلها ومجتمعها وديارها. ولا يفوتنا أن نذكر القارئ بسلسلة ابن عقيل دراسات ونصوص عن البيوتات العربية الحديثة والتي مر ذكرها. ومن المصادر المفيدة فيما يتعلق بقبائل عنزة وشمر وقبائل شمال الجزيرة عموما كتاب عباس العزاوي عشائر العراق وكتاب أحمد وصفي زكريا عشائر الشام.
أما فيما يتعلق بالجانب الجغرافي فلن يجد الباحث خيرا من صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار للشيخ ابن بليهد وسلسلة المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية التي تصدر عن دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر. ومن الكتب التي تهمنا بوجه خاص في هذه السلسلة كتاب العبودي عن القصيم وابن جنيدل عن عالية نجد وابن خميس عن اليمامة. ولابن خميس مؤلفات أخرى عن أودية الجزيرة وجبالها وعن اليمامة سنثبتها في قائمة المصادر. ولابن جنيدل كتاب عن الجوف فيه استشهادات من الأدب الشعبي والشعر النبطي. وهناك سلسلة هذه بلادنا التي تصدر عن الرئاسة العامة لرعاية الشباب، بالإضافة إلى كتب أخرى تخص بعض البلدان مثل كتاب ابن خميس عن الدرعية والدكتور محمد بن سعد الشويعرعن شقراء وغيرها كثير مما لا يخلو من بعض الفائدة، وإن كانت بعض هذه الكتب تتسم بالاختصار الشديد والضحالة، بل والإسفاف أحيانا. ولا تخلو كتب الرحلات من الفائدة وخصوصا في تعرُّف بعض المواقع والموارد وتحركات القبائل وتفرعاتها وديارها وعاداتها مثل مرآة جزيرة العرب لأيوب صبري باشا والرحلة الحجازية لمحمد لبيب البتنوني وكتابات إبراهيم المسلم وعبدالعزيز عبدالغني إبراهيم عن العقيلات.
والباحث المتعمق في قضايا الشعر النبطي لا بد وأن يقوده البحث إلى جوانب أخرى من جوانب أدبنا الشعبي على اختلاف أجناسه وكذلك الأدب الشعبي في مختلف مناطق المملكة. ويمكننا أن نشير في هذا الصدد إلى الأعمال القيمة التي أتحفنا بها الأساتذة الأفاضل عبد الكريم الجهيمان ومحمد بن ناصر العبودي وفهد المارك ومحمد بن أحمد العقيلي وعاتق بن غيث البلادي وغيرهم ممن سوف يرد ذكرهم في قائمة المصادر.
ونظرا لتموجات القبائل وحركات الهجرة السكانية والتمازج الاجتماعي وعمليات التبادل الثقافي المكثفة بين وسط الجزيرة والمناطق المحيطة بها شرقا وشمالا، فإن هناك إصدارات تتناول الأدب الشعبي والثقافة التقليدية في بلدان الخليج والعراق والشام يمكن أن يستفيد منها الباحث في قضايا الشعر النبطي. ويستحيل حصر مثل هذه الأعمال هنا لكنني أذكر من ضمن الكتب التي في مكتبتي كتاب عبدالرحمن الحوراني التراث الشعبي في حوران وكتاب روكس بن زائد العزيزي قاموس العادات واللهجات والأوابد الأردنية وكتب أحمد عويدي العبادي عن القضاء البدوي. ولا يفوتني أن أشيد بكتابات الأستاذ سيف مرزوق الشملان من الكويت وخصوصا ما يتعلق بموضوع الغوص وكذلك كتابات أيوب حسين الأيوب وخصوصا كتابه مختارات شعبية من اللهجة الكويتية. ومن الكتب المتميزة والتي بذل فيها جهد واضح كتاب ناصر حسين العبودي الأزياء الشعبية الرجالية في دولة الإمارات وسلطنة عمان وكتاب نجلة العزي كنوز متحف قطر الوطني وخصوصا الجزء الثاني الذي يتحدث عن الحلي الذهبية والفضية. وصدرت عن مركز التراث الشعبي لدول الخليج العربية في الدوحة العديد من الأعمال التي يمكن أن يفيد منها الباحث، وأخص بالذكر مجلة المأثورات الشعبية. وبالإضافة إلى هذه المجلة هناك مجلات أخرى سوف يعثر فيها الباحث على مقالات تفيده في مجال الأدب الشعبي والثقافة التقليدية مثل مجلة لغة العرب ومجلة التراث الشعبي العراقيتين ومجلة العرب التي يصدرها الشيخ حمد الجاسر.
|
|
|