قال الحسين بن علي بن الحسين الوزير المغربي:
في عنزة رجل يقال له أبو عَرُوبة بن شاس من بني جِلاّن وكان شاعراً فاتكاً. وأغار الْحُطَمُ ـ واسمه: شُريح بن ضُبيعة بن شُرَحبيل بن عمرو بن مَرْثَدِ بن سعد بن مالك بن ضُبيعة بن قيس بن ثعلبة ـ على بَهْرَاءَ، فأصاب منهم رجلاً شريفاً فأسره، وكان معه ناس من عنزة، منهم أبو عَرُوْبة، فَقُتِلَ أخٌ لأبي عَروبة، فقالوا لأخيه: ما تدع هذا الأسير؟! ألا تَقْتُلُه بأخيك؟
فشد عليه أبو عروبة فقتله، فأخذه الْحُطَمُ فأوثقه في الْقِدِّ فكان الأسير، فقال في ذلك أبو عروبة:
غادرتُ ثَأْرِي مُضَـرَّجاً بدَمٍ=ولم تَغُلْني مَقَالَةُ الحُطَمِ
وقال في أبيات يهجو بها الحطم:
يبيت يُثَنِّيْ 000 فوق فَخْذِه ِ= إذا قُلت أسرى أصبح المَرْءُ باركاً
واستغاث أبو عروبة وهو في قدّه بِعُبادة بن مَرْثَدِ بن عَمْرِو بن مَرْثَدِ بن سعد بن مالك بن ضُبَيعة بن قيس بن ثعلبة، وعمل إليه أبياتاً منها:
يا مَنْ لِهَمٍّ يَبِيْتُ الليل يكْلَؤُنِي=كأنَّه مُوْفِقٌ بالنَّبْل يَرْميْني
مَنْ ذا أعوذُ به منْهُ فَيَمْنَعني=ولنْ أعوذَ بِذِي رِجْلَيْنِ مَمْحُونِ
يعني نفسه ـ و ممحون: مَحْـبُوسٌ ـ فلم يَصْنع شيئاً فأتاه أبجر بن جابر العجلي فاشتراه بِمِئَةٍ من الإبل واعتقه فقال:
قُولا لأَبْجَر، والمعروف نافلةٌ=عندي وعند بني عَمّي وأعمامي
رَأَبْتَ مَا لم يَكُنْ حَيٌّ لِيَرْأَبَهُ=إلاَّ الهُـمَام على بُؤْسى وإنْعَامِ
فالله يَجزيك عَمَّا لم تُجَازَ به=وعنْ شَوَابِكِ أصْهارٍ وأرحامِ
وقال أبو عَرُوبَة أيضاً:
رَضِيْنَا بعِجْلٍ في اللِّقَاءِ فوارساً=إذا أزماتُ الموت حُبَّتْ حَيَاتُهَا
يُسَوِّدُ عِجلاً صَبْرُها بِرماحِها=ويَحْمَدُها مَضرُوْرُها وعُنَاتها
المصدر:
أدب الخواص في المختار من بلاغات العرب وأخبارها وأنسابها وأيامها، ص (108 ـ 109)، تأليف: الحسين بن علي بن الحسين الوزير المغربي (370 ـ 418 هـ)، الجزء الأول، أعده للنشر: حمد الجاسر.
وتقبلوا تحياتي وتقديري.