بسم الله الرحمن الرحيم
إن الشعراء لما أمتازوا به من قوة العاطفة ورقة الشعور وتدفق الخيال ورهافة الحس ، يحنون إلى أوطانهم ويتعلقون بها ، وهذا ليس حكراً على شاعر دون آخر ، بل هذا ديدن كثير منهم فهم يصورون عواطفهم ويعبرون عنها بالشعر ، لأن الشعر لغة الوجدان فقصائدهم تفصح عن كبير انتمائهم وجميل حبهم وصادق ولائهم فحاتم الطائي يخاطب جبال طيء بعاطفة صادقة ومشاعر رقيقة حتى إنه ليخال أن ناقته تحن معه ، يقول
حننت إلى الأجبال أجبال طيءٍ وحنت قلوصي أن رأت سوط أحمرا
فقلت لها إن الطريق أمامنا وإنا لمحيو ربعنا إن تيسرا
وقال بن ام مكتوم :
ياحبذا مكة من وادي أرض بها أهلي وعوادي
أرض بها ترسخ أوتادي أرض بها أمشي بلا هادي
وقال سليمان بن عبدالله بن طاهر :
ولي وطن آليت ألا أبيعه وألا أرى غيري له الدهر مالكا
عهدت به شرخ الشباب ونعمة كنعمة قومٍ أصبحوا في ظلالكا
وحبب أوطان الرجال إليهم مآرب قضاها الشباب هنالكا
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم عهود الصبا فيها فحنوا لذالكا
فقد ألفته النفس حتى كأنه لها جسدُ إن بان غودرت هالكا
وتقبلوا تحياتي...