قبيلة تغلب بن وائل
في هذا العصر مع انتشار وسائل التواصل صار يكتب بالأنساب كل ماهب ودب وبعض الذين تنقصهم الدراية عن الأطلاع على مصادر أنساب وتاريخ القبائل العربية فهم نسبوا قبائل بشر العنزية من تغلب وقبائل ضنا مسلم العنزية من بكر مستندين على أقوال مشاعة في هذا العصر ليس لها أي مصدر والذين يكتبون دون وعي وأدراك أخذوا بما أشيع من أقوال وأبيات شعر عامية وهم يرون أن هذه الدعاية صحيحه ومع ذلك يعتقدون أنه ليس لقبيلة تغلب وجود وهذا اعتقاد خاطي ما يقرّه لا عقل ولا نقل والذين يجهلون أو يتجاهلون وجود قبائل تغلب نوضح لهم أن بكر وتغلب قبائل متواجدة في العراق وأيران وتركيا وسوريا ولبنان وجزيرة العرب وعمان واليمن وفي جميع أقطار العرب ولكي يرعوي كل من أخذ بالدعاية التي تشكك في نسب قبيلة بشر العنزية وقبيلة ضنا مسلم العنزية وقبيلة تغلب الجدلية وقبيلة بكر الجدلية فأن جميع هذه القبائل موجودة وكتب عنها قديماً وحديثاً مؤلفات تفصل أنساب كل قبيلة من ربيعة وتنسبها لنسبها الصحيح
( ملاحظة : من ينسب قبيلة بشر العنزية لتغلب وهي عنزة يجب أن يفهم أن قبيلة تغلب شاركت الفرس في حربهم ضد بكر في معركة ذي قار فكيف نفخر نحن يا بشر في ذي قار إذا كنا من تغلب ؟ وكيف شعراء بشر الشعبيين حالياً يفتخرون في شعرهم بأنهم هزموا الفرس والذي هزم الفرس بكر وعنزة أما تغلب فهي مع جيش الفرس بقيادة النعمان بن زرعة التغلبي والذين اقتطعوا ضنا بشر من عنزة ونسبوهم لتغلب لا صحة لما أدعوا به كذلك الذين اقتطعوا ضنا مسلم من عنزة ونسبوهم لبكر لا صحة لما يدّعون به ولا أحد يشك في عنزية بشر ومسلم للمعلومية )
وهذه لمحة عن كتاب صدر من كتب سلسلة قبائل العراق وهو كتاب يسند إلى مصادر ومؤلفه تغلبي وهذه لمحات من فصول هذا الكتاب :
( قبيلة تغلب بن وائل )
( السلسلة الثامنة من سلسلة القبائل العربية في العراق تأليف علي الكَوْراني العاملي وعبد الهادي الربيعي الطبعة الأولى عام 1431 هـ - 2010 م
الفصل الأول : نسب القبيلة وأهم بطونها :
1 - تغلب أخ بكر بن وائل وعنز بن وائل ترجع قبيلة تغلب في نسبها إلى : تغلب ( دثار ) بن وائل بن قاسط بن هِنَب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ، فهي أحد بطون ربيعة بن نزار العدنانية .
وكان لوائل خمسة أولاد : بكر بن وائل ، وعنز بن وائل ، والشُّخيص بن وائل ، والحارث بن وائل ، وتغلب بن وائل ، وأمهم جميعاً هند بنت مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر . وقد صار ثلاثة من أولاده أصولاً لثلاث قبائل كبيرة ، وهم : بكر وعنز وتغلب . أما الشُّخيص والحارث فذريتهما قليلة ، فاندمج بنو الشُّخيص في تغلب ، وبنو الحارث في بني عائش بن مالك .
( جمهرة أنساب العرب : 2 / 302 ) .
وأولاد تغلب : غنم ، والأوس ، وعمران ، وكانت ذرية عمران قليلة ليس فيهم مشاهير ، وأكثر منهم قليلاً بنو أوس ، وبرز منهم القرثع الشاعر ، وتميم بن جميل الذي خرج على المتوكل العباسي بديار ربيعة .
وكانت كثرة تغلب والعدد في ولده غنم ، وتولت قبيلة تغلب رئاسة بني ربيعة ردحاً من الزمن .
قال اليعقوبي في تاريخه : 1 / 224 : « كانت الحكومة والرئاسة من ربيعة في بني ضبيعة ولد بهثة بن وهب بن جلي بن أحمس بن ضبيعة بن ربيعة ، ثم تحولت الحكومة والرئاسة في ولد عنزة بن أسد بن ربيعة ، ثم تحولت في عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة ، ثم سارت عبد القيس حتى نزلت اليمامة بسبب حرب كانت بينهم وبين بني النمر بن قاسط ، وكانت إياد باليمامة ، فأجلوهم ، ثم صارت الرئاسة في النمر بن قاسط ، ثم تحولت من النمر بن قاسط فصارت في بني يشكر بن صعب بن علي بن بكر ، ثم تحولت من يشكر بن صعب ، فصارت في بني تغلب ، ثم صارت في بني شيبان » .
2 - بطون بني تغلب
ذكرت كتب الأنساب بطوناً كثيرة لبني تغلب ، وأشهرها بنو حمدان ، وهذا عددٌ منها حسب الحروف الأبجدية :
1 - بنو الأوس بن تغلب ، وكانوا كثرة في بلاد الشام ، قال ابن عساكر ( 49 / 304 ) : « إن قرثع التغلبي الشاعر وفد على أحد خلفاء بني أمية فعمد الخليفة الأموي إلى إثارة الفتنة فسأله عن شرف تغلب وكثرتهم فيمن ؟ فقال القرثع : في بني الأوس بن تغلب . فقال : أتقول هذا وكعب بن جعيل حاضر ؟ فقال القرثع : نعم ! وكان كعب من بني غنم بن تغلب ، فلما جاء أخبره الخليفة بقول القرثع فقال كعب مستهزئاً : منْ بنو الأوس وما فيهم ؟ وأنشد :
لعـمـرك ما السفاح منـك ابـنُ خـالـد *** وما أنت من أبناء عمرو بن جيحلِ
وما لك في عمـرو وعـمران مسكـةٌ *** ولا فـي الـكـنـاني الأغـرِّ المـحـجـل
ومـا لـك فـي آل الـهـذيـل دعـــــاوة *** ولا فـي بـني حـوط الحظائر فارحل
ومـا الأوس إلا جَـعْـرُ خَـاٍر بقَـرْقَـرٍ *** من الأرض يحيى جعـرةً غير معجل
فـخـرت بـقـوم لـم يكن لك فخرهـم *** وإنـك مـن أفـعـالـهــم لـبـمـعــــــــزل
فهاجت بينهما لذلك فتنة .
2 - البرزي : بطن من تغلب بن وائل ، كانوا سنة 118 ه في قلعة التبوشكان من طخارستان العليا ، فحصرهم جديع الكرماني حتى فتحها ، فقتل مقاتلتهم وقتل بني برزي ، وسبى عامة أهلها من العرب والموالي والذراري ، وباعهم فيمن يزيد في سوق بلخ .
( معجم قبائل العرب : 1 / 75 ) .
3 - ثعلبة بن بكر ، بن حبيب ، منهم الهذيل بن هبيرة بن قبيصة ومنهم عميرة بن الجعل الشاعر . ( جمهرة أنساب العرب : 2 / 307 ) .
4 - ثعلبة بن حبيب بن عمر بن غنم بن تغلب بن وائل . ( معجم قبائل العرب : 1 / 144 ) .
5 - جُشَم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب . ( جمهرة أنساب العرب : 2 / 304 ) .
6 - بنو جُندب ، بن الحرث بن مالك بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل . ( اللباب في تهذيب الأنساب : 1 / 294 ) .
7 - بنو حرقة بن ثعلبة بن بكر حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب . ( معجم قبائل العرب : 1 / 264 ) .
8 - بنو حمدان : بطن من بني عدي بن أسامة بن غنم بن تغلب بن وائل بن قاسط ، منهم ملوك الموصل والجزيرة أيام العباسيين ( معجم قبائل العرب : 1 / 298 ) .
9 - بنو الديل بن زيد بن غنم بن تغلب ( معجم قبائل العرب : 1 / 400 ) . والنسبة إليه دُؤلي .
10 - بنو زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب ، وينسب إليه كثيرون منهم : عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب بن سعد بن زهير
( اللباب : 2 / 83 ) ، أحد أصحاب المعلقات .
11 - بنو سعد بن جشم بن بكر بن حبيب . ( الجمهرة : 2 / 305 ) .
12 - بنو شعبة بن مهلهل أخ كليب بن ربيعة بن الحارث بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن بكر بن غنم بن تغلب ، كانوا يسكنون الطائف في القرن الثامن الهجري
( معجم قبائل العرب : 2 / 596 ) وهم اليوم هناك ويحملون نفس الاسم : بنو شعبة . ويبدو أن الحسن بن علي بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني الحلبي ، صاحب كتاب تحف العقول ، من هذا البطن ، وقد توفي سنة 381 ه أي قبل انهيار الدولة الحمدانية التي عرفت برعايتها للعلماء ، وينسب إلى حران كما ينسب إلى حلب فيقال : الحراني الحلبي .( معجم البلدان : 2 / 236 ) .
13 - بنو عتاب ، بن سعد بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب ، ينسب إليه كلثوم بن عمرو بن أيوب العتابي ، كان شاعراً من أهل قنسرين مدح الرشيد وغيره . ( اللباب في تهذيب الأنساب : 2 / 319 )
14 - بنو عدي بن أسامة بن مالك بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب ، ينسب إليه كثيرون منهم أمراء بني حمدان بن حمدون ، ومنهم سيف الدولة أبو الحسن علي بن أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان التغلبي العدوي . ( المعارف لابن قتيبة : 96 ) .
15 - بنو عطيف بن حارثة بن مالك بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب . ( معجم قبائل العرب : 2 / 791 ) .
16 - بنو عمران بن تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ( معجم قبائل العرب : 2 / 826 ) .
17 - بنو عمرو بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل ( معجم قبائل العرب : 2 / 830 ) ، منهم الوليد بن طريف بن عامر الخارجي ،وأخته ليلى القائلة في رثائه :
أيا شجر الخابور مالك مورقاً *** كأنك لم تجزع على ابن طريف
( جمهرة أنساب العرب : 2 / 307 ) .
18 - بنو عمرو بن غنم ، وفيه عدد تغلب وكثرتهم ، وقد أولد : حبيب ، ومعاوية ، زيد ، وهو أقلهم بقية . ( المصدر السابق : 2 / 304 ) .
19 - بنو عوف ، بن بكر بن حبيب ، منهم كعب بن جعيل ( المصدر السابق : 2 / 306 ) .
20 - بنو كليب بن ربيعة بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمر بن غنم ، وبسبب قتل كليب هذا كانت حرب البسوس بين بكر بن وائل وتغلب بن وائل .
( معجم قبائل العرب : 3 / 993 )
21 - بنو كنانة ، بن تيم بن سامة بن مالك بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب ، ينسب إليه حنظلة بن قيس بن هوبر قائد تغلب أيام حربهم مع عمير بن حباب السلمي . ( اللباب : 3 / 113 )
22 - بنو مالك ، بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب ، منهم السفاح ، واسمه سلمة بن خليد بن كعب بن زهير بن قسيم بن أسامة بن مالك .
( لب اللباب للسيوطي / 234 )
23 - بنو مالك بن جشم بن بكر بن حبيب ، ومنهم الشاعر القطامي ، ومنهم بنو عمرو بن مالك بن جشم ، والأخطل التغلبي غياث بن غوث بن الصلت .
( جمهرة أنساب العرب : 2 / 305 ) .
24 - بنو معاوية ، بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم ، منهم أعشى تغلب نعمان بن نجوان ، وقيل اسمه ربيعة بن نجوان . ( المصدر السابق : 2 / 307 ) .
3 - مساكن بني تغلب
كانت قبائل ربيعة بن نزار كلها تقيم في أطراف نجد والحجاز إلى اليمامة ، حتى وقعت حرب البسوس بين بكر وتغلب ابني وائل ، فكان البوار وهجر الديار ، وعلى التحديد بعد يوم قِضَّة حيث كان لبكر على تغلب ، فتبددت تغلب في البلاد ، وانتشرت من اليمامة إلى أطراف سواد العراق ، وارتحلت تغلب والنمر بن قاسط فنزلت بالجزيرة الفراتية ( قبيلة تغلب : عبد القادر حرفوش / 55 ( بجهات سنجار ونصيبين ، وما بين الموصل ورأس عين ، ودنيسر والخابور ، وتعرف بديار ربيعة
( معجم البلدان : 2 / 494 ) .
ومن أشهر كورها وقراها : قرقيسيا ، وميافارقين ، وماردين ، وسيمساط ، وبلد ، وغيرها ، وسكنت بعض بطونها دارين من البحرين الإحساء حالياً
( تاريخ الطبري : 1 / 492 ) ،
وأسكن الملك الساساني سابور ذو الأكتاف بعضهم في كرمان والأهواز .
وقال الطبري : 1 / 495 : « ثم استصلح العرب ( سابور ) وأسكن بعض قبائل تغلب ، وعبد الشمس ، وبكر بن وائل كرمان ، وتوج ، والأهواز » .
4 - مياه بني تغلب ومواضعهم
من مياه بني تغلب المشهورة في ديار ربيعة التي ذكرها ياقوت في معجم البلدان ، والبكري في معجم ما استعجم : أبارق الثمدين : تثنية الثمد ، وهو الماء القليل ، قال القتال الكلابي :
سرى بديار تغلب بين حوضي *** وبـيـن أبـارق الـثمديـن سـارِ
ســمــاكــيٌّ تــلألأ فــــــي ذراه *** هـزيـم الـرعـد ريـان القـرارِ
والبِشْر : جبل يمتد من عرض إلى الفرات من أرض الشام من جهة البادية ، وفيه معدن القار والمغرة ، والطين الذي يعمل منه البواتق التي يسبك فيها الحديد ، والرمل الذي في حلب يعمل منه الزجاج ، وهو رمل أبيض ، وهو من منازل بني تغلب بن وائل .
والثرثار : واد عظيم بالجزيرة بين سنجار وتكريت يمد إذا كثرت الأمطار ، وللعرب بنواحيه وقائع ، ولهم فيه أشعار .
والثَنِي : علم لموضع بالجزيرة قرب شرقي الرصافة .
وحابس : اسم موضع كان فيه بعض أيامهم .
والحريم : موضع في ديار بني تغلب قريب من ذي بَهْدا .
وحَزَّة : موضع بين نصيبين ورأس عين على الخابور .
والحصيد : موضع في أطراف العراق من جهة الجزيرة .
ودير لُبى أو لبنى بالنون ، دير قديم على جانب الفرات .
والرُحوب : بالجزيرة ، وهو لبنى جشم بن بكر رهط الأخطل ، أوقع فيه الجحاف - بن فاتك السلمي الشاعر - بقوم الأخطل وأسر الأخطل وعليه عباءة وسئل فقال : أنا عبد ، فخلوا سبيله فخشي أن يعرف فيقتل فرمى نفسه في جب حتى انصرف القوم فنجا ، وقتل أبوه غياث .
وعنازة : موضع من ديار تغلب .
وقباقب : ماء لبني تغلب خلف البشر من أرض الجزيرة .
والقنينيات : اسم حَفْر في بلاد تغلب . قال عدي بن الرقاع :
حـتى وردنـا القـنينـيـات ضـاحـيـة *** في ساعة من نهار الصيف تلتهب
وكباث : بالجزيرة لبني تغلب كان يقام به سوق في الجاهلية .
5 - بنو تغلب في عصرنا
يتواجد بنو تغلب في زماننا في العراق ، خصوصاً في مدينة الكوت والموصل وتكريت والأنبار وحديثة ، وبعض المناطق الأخرى في الوسط والجنوب ، وفي سوريا ، ولبنان ، لكن التسمية بتغلب والتغلبيين تلاشت غالباً وصارت كل البطون تسمى ربيعة دون تمييز ، فصار اسم ربيعة عاماً للشيباني والتغلبي والقيسي ( قيس بن ثعلبة ) ولبني عبد القيس وبني عجل . وقد احتفظ بنو حمدان باسمهم في العراق وسوريا ولبنان .
الفصل الثاني : حروب تغلب في الجاهلية
1 - من أيام تغلب في الجاهلية
خاضت تغلب حروباً كثيرة ، كان أشرسها وأطولها حربهم مع أبناء عمومتهم بكر بن وائل ، لأن جساس بن مرة الشيباني قتل كليباً وهو وائل بن ربيعة . وعرفت بحرب البسوس وهي ناقة كانت الحرب بسببها ، ودامت نحو أربعين عاماً . ومن أيامهم :
1 - يوم السلان : غزت فيه مذحج أهل تهامة ومن بها من أولاد معد ، فاجتمعوا لحربها ، وكان أكثرهم ربيعة ، فرأسوا عليهم ربيعة بن الحارث ، فهزموا مذحجاً .
( تاريخ اليعقوبي : 1 / 224 )
2 - وقعة الخزاز : كانت بين القبائل القحطانية من أهل اليمن ، وبين ربيعة بن نزار عامة وتغلب خاصة ، وسببها ثورتهم على ملوك بني الحارث من كندة ، حيث كان ملك تغلب وبكر سلمة بن الحارث الكندي ، وملك قيس معدي كرب بن الحارث ، وملك أسد وكنانة حجر بن الحارث والد امرئ القيس الشاعر ، فثارت القبائل ضد بني الحارث فقتلتهم ، وبقي سلمة بن الحارث ، فلحق باليمن وجمع الجموع ، وسار ليقاتل بني نزار وكان عنده أسرى من ربيعة ، فجاء وفد ليفكهم فرفض وطلب كبرائهم رهينة ، وبلغ الخبر كليب وائل فبعث إلى ربيعة فجمعهم وسار بهم وعلى مقدمته السفاح التغلبي ، فالتقوا بخزاز فاقتتلوا فانهزمت مذحج . فملَّكت ربيعة كليباً أخ المهلهل قبل أن يقتله جساس وتشتعل بسببه حرب البسوس . ( الكامل : 1 / 521 ) .
3 - يوم كلاب الأول : بين الملك شرحبيل بن الحارث بن عمرو ملك بكر بن وائل ، وأخيه سلمة بن الحارث ملك تغلب والنمر بن قاسط ، فسار شرحبيل فيمن معه ومنهم الصنائع وهم قوم مع الملوك من شذاذ العرب ، فأقبلوا إلى كلاب وعلى تغلب السفاح بن خالد ، فاقتتلوا فلما كان آخر النهار خذلت بنو حنظلة وعمرو بن تميم والرباب بكر بن وائل وانهزموا ، وثبتت بكر وانصرفت بنو سعد ومن معها عن تغلب وصبرت تغلب ، ونادى منادي شرحبيل من أتاني برأس سلمة فله مائة من الإبل ، ونادى منادي سلمة بذلك ! فكانت الغلبة لتغلب وسلمة ، وانهزم شرحبيل ، ولحقه أبو الحنش فقتله وجاء برأسه لأخيه سلمة فندم وجزع وهرب أبو حنش
( الكامل : 1 / 550).
4 - يوم أوارة الأول : كان بين المنذر بن امرئ القيس ملك الحيرة وبين بكر بن وائل ، وسببه أن تغلب طردت ملكها سلمة بن الحارث ، فالتجأ إلى بكر بن وائل فملكته بكر عليها ! فحلف المنذر ليسيرن إليهم ويذبحهم على قلة جبل أوارة حتى يبلغ الدم الحضيض ! وسار إليهم في جموعه من تغلب والنمر بن قاسط فالتقوا بأوارة فاقتتلوا وانهزمت بكر ، وأمر المنذر بقتل الأسرى وهم كثر فذبحوا على جبل أوارة فجعل الدم يجمد ، فقيل له : أبيت اللعن لو ذبحت كل بكري على وجه الأرض لم تبلغ دماؤهم الحضيض ، ولكن لو صببت عليه الماء ففعل فسال الدم إلى الحضيض ، وأمر بالنساء أن يحرقن بالنار !
( الكامل : 1 / 553 )
5 - حربهم مع الحارث بن عمرو : ملك بكر بن وائل ، وذلك عندما طلب الملك الساساني أنوشروان الحارث بن عمرو وهو بالأنبار فهرب في أصحابه وماله ، فتبعه المنذر بالخيل من تغلب وإياد وبهراء فلحق بأرض كلب ونجا ، وأخذت بنو تغلب ثمانية وأربعين نفساً من بني آكل المرار ملك بكر بن وائل فضرب المنذر رقابهم بين دير بني هند والكوفة . وفيهم يقول امرؤ القيس :
ملوك من بني حجر بن عمرو *** يساقون العشية يقتلـونـا
فلـو فـي يـوم معـركة أصيبوا *** ولكن في ديار بني مرينـا
ولـم تغـسل جماجمهـم بغسل *** ولكن في الـدماء مرملينـا
تظـل الطيـر عـاكفـة عـليهـم *** وتنتزع الحواجب والعيونا
( الكامل : 1 / 435 )
6 - مقتل عمرو بن المنذر بن ماء السماء اللخمي ملك الحيرة . قتله عمرو بن كلثوم التغلبي الشاعر ، وسببه أن عمرو بن المنذر قال يوماً لجلسائه : هل تعلمون أن أحداً من العرب يأنف أن تخدم أمه أمي ؟ قالوا : ما نعرفه إلا أن يكون عمرو بن كلثوم التغلبي ، فإن أمه ليلى بنت مهلهل بن ربيعة وعمها كليب وائل ، وزوجها كلثوم وابنها عمرو . فبعث إلى عمرو بن كلثوم يستزيره ويأمره أن تزور أمه ليلى أمه هند بنت الحارث ، فقدم في فرسان من بني تغلب ومعه أمه ليلى فنزل على شاطئ الفرات ، وبلغ عمرو بن هند قدومه فأمر فضربت خيامه بين الحيرة والفرات وصنع لهم طعاماً ، ودعا الناس إليه فقرب إليهم الطعام على باب السرادق ، وجلس هو وعمرو بن كلثوم وخواص أصحابه في السرادق ،ولأمه هند قبة في جانب السرادق وليلى أم عمرو بن كلثوم معها في القبة ، وقال عمرو بن المنذر لأمه : إذا فرغ الناس من الطعام ولم يبق إلا الظرف فنحي خدمك عنك ، فإذا دنا الظرف فاستخدمي ليلى ومريها فلتناولك الشئ بعد الشئ ، فلما فرغت الظروف قالت هند لليلى : ناوليني ذلك الطبق ! قالت : لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها ، فألحت عليها فقالت ليلى : وا ذلاه يا آل تغلب ! فسمعها ولدها عمرو بن كلثوم فثار الدم في وجهه ، والقوم يشربون فعرف عمرو بن هند الشر في وجهه ، وثار ابن كلثوم إلى سيف ابن هند ( عمرو ) وهو معلق في السرادق وليس هناك سيف غيره فأخذه ثم ضرب به رأس عمرو بن هند فقتله ، وخرج فنادى يا آل تغلب فانتهبوا ماله وخيله ، وسبوا النساء وساروا فلحقوا بالحيرة ، فقال أفنون التغلبي :
لـعـمـرك مـا عـمرو بن هـنـد وقـد *** دعـا لتخـدم ليلى أمـه ، بموفـق
فقام ابن كلثوم إلى السيف مصلتاً *** وأمسـك مـن نـدمـانـه بالمخنـق
( الكامل : 1 / 547 )
7 - يوم بارق : اقتتل فيه بنو تغلب والنمر بن قاسط وناس من تميم ، فاجتمعت شيبان وقصدوا تغلب فقتلوا منهم مقتله عظيمة لم تصب تغلب بمثلها وسبوا حريمهم .
( الكامل : 1 / 648 ) .
8 - حربهم مع ملك الشام الحارث بن أبي شمر الغساني ، وكان مرَّ بجماعة من تغلب فلم يستقبلوه ، وركب عمرو بن كلثوم التغلبي فلقيه فقال له : ما منع قومك أن يتلقوني ؟ فقال : لم يعلموا بمرورك . فقال : لئن رجعت لأغزونهم غزوة تتركهم أيقاظاً لقدومي ! فقال عمرو : ما استيقظ قوم قط إلا نَبُلَ رأيهم وعزَّت جماعتهم ، فلا توقظن نائمهم . فقال : كأنك تتوعدني بهم ؟ أما والله لتعلمن إذا نالت غطاريف غسان الخيل في دياركم أن أيقاظ قومك سينامون نومة لا حلم فيها ! ثم رجع عمرو بن كلثوم عنه وجمع قومه وغزا بني تغلب ، فاقتتلوا حتى انهزم الحارث وبنو غسان ، وقتل أخو الحارث وعدد كثير !
9 - حربهم مع زهير بن جناب الكلبي : فقد جمع زهير من قدر عليه من أهل اليمن ، وغزا بكراً وتغلب ، فانهزمت بكر ثم انهزمت تغلب ، وأسر كليب ومهلهل ابنا ربيعة . ( الكامل : 1 / 505 ) .
10 - يوم زرود : موضع بين مكة والكوفة ، وفيه أغار جذيمة التغلبي على بني يربوع من تميم ، فانهزمت تغلب وأسر جذيمة
( معجم ما استعجم : 2 / 697 ) .
11 - يوم ذي بهدى : أغار الهذيل بن هبيرة التغلبي على ضبة ، وهم بطن من مضر ، فاستصرخت بنو ضبة بني سعد بن زيد مناة من تميم ، فانهزمت بنو تغلب ، وأسر الهذيل ، ثم فداه قومه ففكوا أسره . ( الكامل : 1 / 218 )
12 - يوم إراب : ماء بالبادية لبني رياح من تميم ، وقد غزاهم هذيل بن هبيرة التغلبي فسبى نساءهم . ( الكامل : 1 / 133 ) .
13 - يوم سفار : كان هذيل بن هبيرة التغلبي من بكر بن حبيب ، المعروفين بالأراقم ، وكان بنو تميم يفزِّعون به ولدانهم فأغار على إبل نعيم بن قعنب الرياحي فهرب رجالها ، فجلس الهذيل على شفير بئر تسمى سِفار مطمئناً ، فرآه حباشة المازني التميمي فرماه بسهم من خلفه فأصابه وسقط في القليب ميتاً ! ( الكامل : 3 / 739 ) .
14 - يوم ثبرة : من ديار بني مالك بن زيد مناة بن تميم ، كانت فيه حرب بينهم وبين تغلب ، فهزمت بنو يربوع . ( الكامل : 1 / 335 ) .
2 - حروب تغلب مع قيس في الإسلام !
قيس بن عيلان بن مضر بن نزار : قبيلة عربية كبيرة ، وبطونها كثيرة ، منها : بنو سليم بن منصور ، وبنو هوازن بن منصور ، وبنو عامر بن صعصعة ، وبنو هلال بن عامر ، وبنو فزارة وذبيان ، وعبس ، وكلاب ، وغطفان ، وغيرها . وهذا هو المتبادر من قيس والقيسية عندما تطلق الكلمة وهناك قبيلة أخرى تسمى قيساً وهم : بنو قيس بن ثعلبة ، بطن من بكر بن وائل ، وهم رهط الأعشى ميمون بن قيس .
وبعد هلاك يزيد بن معاوية ، كان زعيم القيسية عمير بن الحباب ، وقد بايع عبد الله بن الزبير ، فنقمت عليه قبائل اليمانية بزعامة حسان بن بحدل الكلبي الذين بايعوا مروان بن الحكم الأموي . بينما كانت بنو تغلب وبكر بن وائل يميلون إلى بني أمية لكنهم أقرب إلى الحياد . وعندما استقر الأمر لعبد الملك بن مروان قام بتحريك القيسية على تغلب وأشعل الحرب بينهم !
في الموسوعة العربية : «
أقامت تغلب بعد الإسلام في مواطنها بين الخابور والفرات ، واكتفى عمر بإضعاف الصدقات عليها ، وفي عصر بني أمية كانت موالية لهم ، وقد حدثت بينها وبين قبيلة قيس حرب ضارية لأن قيساً أرادت إجلاءها عن مواطنها ، وقد تداولت القبيلتان النصر في هذه الحرب ، وظهرت في وقائعها ألوان من الوحشية لا عهد للعرب بها من قبل في حروبهم . وقد هاج الحرب نزول عمير بن الحباب القيسي في ديار بني تغلب على الخابور ، وكان يطمع في إجلاء بني تغلب عنها لخصبها ، واستعان بعهد من مصعب بن الزبير يخوله جباية الصدقات من تغلب ، فلما أبت تغلب أداءها وقع الشر بين الجهتين وتوالت الوقائع بينهما ! ومن وقائعها يوم ماكسين الذي أوقعت فيه قيس بتغلب وقتلت منهم مقتلة عظيمة ، وقتلت رئيسهم شعيث بن مليل ، فاستعانت تغلب بقبائل ربيعة وأوقعت بقبيلة قيس يوم الثرثار . وما لبثت قيس أن ثأرت لهزيمتها في يوم الثرثار الثاني ، واتصل القتال بينهما ، وقتل عمير بن الحباب في إحدى الوقائع » .
وهذا نموذج من تحريش الأمويين بين القبيلتين :
« وكان بنو تغلب قد قتلت عمير بن الحباب السلمي ، فاتفق أن قدم الأخطل على عبد الملك بن مروان ، والجحاف بن حكيم السلمي جالس عنده ، فقال عبد الملك : أتعرف هذا يا أخطل ، قال : نعم ، هذا الذي أقول فيه :
ألا سائلُ الجحَّاف هـل هـو ثائرٌ *** بقتلى أصيبت من سليم وعامر
فخرج الجحاف مغضباً يجر مطرفه ، فقال عبد الملك للأخطل : ويحك أغضبته ، وأخلق به أن يجلب عليك وعلى قومك شراً ! فكتب الجحاف عهداً لنفسه من عبد الملك ! ودعا قومه للخروج معه ، فلما وصل البشر قال لقومه : قصتي كذا فقاتلوا عن أحسابكم أو موتوا ! فأغاروا على بني تغلب بالبشر وقتلوا منهم مقتلة عظيمة ، ثم قال الجحاف يجيب الأخطل :
أيا مالكٌ هل لمتني إذا حضضتني *** على الثأر أم هل لامني فيك لائمي
مـتى تدعني أخـرى أجبك بمثلها *** وأنـت امـرؤ بالحـق لسـت بـقـائـم
فقدم الأخطل على عبد الملك ، فلما مثل بين يديه أنشأ يقول :
لقد أوقع الجحاف بالبشر وقعة *** إلـى الله منها المشتكى والمعول
فـإن لـم تغيـرها قريش بعدلهـا *** يكن عن قريش مستمازٌ ومَرحل
( الكامل : 4 / 330 ، معجم البلدان : 1 / 427 )
ونلاحظ أن الرواية زعمت أن زعيم قيس زوَّر لنفسه مرسوماً من الخليفة القرشي ولم يحاسبه عليه ! وأن شاعر تغلب يطلب النصرة من الخليفة القرشي !
وقد تواصلت الحروب سنين بين تغلب وقيس ، ووصلت إلى أكثر من خمسة عشر وقعة ، وعدد المؤرخون أيامها ، وشعرها ، وسبيها ، وقتلاها ! فقالوا أول وقعاتهم بماكسين من الخابور « وقتل من تغلب خمس مئة » ( الكامل : 4 / 311 ) .
ويوم الثرثار الأول « فانهزمت قيس وقتلت تغلب ومن معها منهم مقتلة عظيمة ، وبقروا بطون ثلاثين امرأة من بني سليم » .
ويوم الثرثار الثاني : « فالتقوا بالثرثار واقتتلوا أشد قتال اقتتله الناس » ! ( الكامل : 4 / 311 ) .
ويوم الفدان ، ويوم السكير ، ويوم معارك ، ويوم لبى ، ويوم الشرعبية ، ويوم البليخ ، ويوم الحشاك ، ويوم الكحيل ، ويوم البشر ، ويوم خالة . . . الخ .
والخليفة الأموي فرحٌ بإشعال الحرب بين القبائل ، انتقاماً لموقف هذه ضده ، أو تضعيفاً لقوة قبيلة أخرى يخاف أن تخالفه ! ويبقى هو البرئ من التسبيب ، والحكَم الذي يتفضل ويتدخل لإيقاف الفتنة بين المسلمين وسفك الدماء !
الفصل الثالث : سياسة النبي ( صلى الله عليه وآله ) مع تغلب وغسان
1 - ديانة بني تغلب
كانت حِمْيَر تعبد الشمس ، وكنانة تعبد القمر ، وقيس تعبد الشعرى ، ولخم تعبد المشتري ، وطئ تعبد نجمة السهيل ، وأسد تعبد العطارد ، وتميم تعبد الدبران ، وبنو مليح يعبدون الجن ، وأكثر العرب يعبدون الأوثان والأصنام ، وكانوا يقولون : ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ! وكانوا يتخذون من أحجار الصحراء أصناماً إذا أرادوا السفر ويتخذون أحجاراً أخرى أثافيَّ لقدورهم . وكانوا يتمسحون بالأصنام ، ويرون أن القربان يجلب رضاها ، فإذا قربوا لها قرباناً تلطخوا بدمه .
وجعلوا الكعبة بيتاً مركزياً للأوثان فكان فيها أكثر من ثلاث مائة وستين صنماً منها اللات والعزى ومناة ، اللاتي كانت قريش تزعم أنهن بنات الله تعالى ، واللات بدورها أم سائر الآلهة وكانت تغلب من بين القبائل القليلة التي اعتنقت النصرانية .
قال اليعقوبي في تاريخه : 1 / 257 : « أما من تنصر من أحياء العرب ، فقوم من قريش من بني أسد بن عبد العزى ، منهم : عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى ، وورقة بن نوفل بن أسد . ومن بني تميم بنو امرئ القيس بن زيد مناة ، ومن ربيعة بنو تغلب . ومن اليمن طئ ، ومذحج ، وبهراء ، وسليح ، وتنوخ ، وغسان » .
وسبب تنصر بني تغلب قربهم من سوريا ، التي يحكمها الروم بواسطة بني غسان الذين تنصروا .
ومن السياسات الحكيمة للنبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه حرص على جذب القبائل العربية الواقعة تحت نفود الفرس والروم إلى صف العرب المسلمين ، وقام لذلك بعدة أعمال حققت هذا الهدف ، فقد منع الروم من تكوين قاعدة عسكرية عربية لهم في مملكة الجوف ، وأسر ملكهم الأكيدر وكتب معه اتفاقية ، ولم يقتله .
وعندما تنصَّر عدي بن حاتم الطائي وأخذ الروم يمدونه ، بعث إليه علياً رضي الله عنه فهرب عدي إلى الشام ، فأطلق النبي ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) أسراه وأرسل أخته سفانة بنت حاتم لتحضره ، فحضر وعفا عنه
وعندما أساء حاكم الشام الغساني وهدد النبي ( صلى الله عليه وآله ) بالحرب ، لم يرد النبي ( صلى الله عليه وآله ) على تهديده ، بل وجه المسلمين إلى حرب هرقل !
وكذلك لم ينتقم ( صلى الله عليه وآله ) من حاكم بصرى لقتله رسوله ، بل رد على ذلك بغزو مؤتة التي هي مركز تجمع لجيش الروم .
وكان نتيجة هذه السياسة أن قبائل العراق والشام ابتعدوا عن كسرى وهرقل ، واقتربوا من إخوانهم العرب وأسلموا .
ففي السنة التاسعة جاء وفد بني تغلب إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأعلنوا ولاءهم فكتب معهم اتفاقيةً تقرهم على مسيحيتهم ، على أن لا ينصروا أولادهم . فساعد ذلك على دخول أكثرهم في الإسلام ، بينما تأخر دخول الغساسنة إلى ما بعد وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
2 - فشل هرقل في حشد القبائل ضد النبي ( صلى الله عليه وآله )
قال المسعودي في التنبيه والإشراف / 134 ، وهو مؤرخ خبير بالروم : إن أمبراطور الروم هرقل بدأ حكمه عام هجرة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وحَكَم إلى السنة الثانية من خلافة عثمان ، فكان قائد الروم في حروبهم مع الفرس ، وفي حروبهم مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) والمسلمين .
بينما كان أمبراطور الفرس كسرى أبرويز عند هجرة النبي ( صلى الله عليه وآله ) في السنة الثالثة والثلاثين من حكمه .
وعندما ملك هرقل كانت الحرب بينه وبين الفرس في أدنى الأرض في حوران فانتصر فيها الفرس ، وقال عنها الله تعالى : ألَمِ . غُلِبَتِ الرُّومُ . فِي أَدْنَى الأرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ .
وبعدها حاصر الفرس القسطنطينية ، لكن قائدهم شهر براز ساءت علاقته بكسرى ، فاتفق مع هرقل وسحب جيشه من حصار القسطنطينية .
وحارب هرقل جيوش كسرى في مصر وسوريا فهزمها ، وحارب كسرى في الموصل ، فانهزم الفرس ، فغضب كسرى على كبار قادته وعماله وحبسهم ليقتلهم ، وكان عددهم ثلاثين ألفاً ! فاتفقوا وخلعوه وملَّكوا ابنه شيرويه . ( راجع الأخبار الطوال / 106 ) .
وعاد هرقل منتصراً ، وقد اطمأن إلى أن النظام الفارسي في حالة تفكك ، وكان له تأثير على ابن كسرى وقادة الجيش المتصارعين .
وقد استحاب الله لنبيه فمزق ملك كسرى وهو في أوج قوته ، فبعد أن حكم ثمانية وثلاثين عاماً حكم ابنه شيرويه ستة أشهر ، وأصابته كآبة بعد أن قتل أباه وإخوته الخمسة عشر ! ثم حكم ابنه أردشير سنة ونصفاً . ثم حكم شهر براز أربعين يوماً . ثم حكم كسرى بن قباذ ثلاثة أشهر . ثم حكمت بوران ابنة كسرى سنة ونصفاً ، وفي عهدها قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) عن الفرس : ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة . ثم حكم فيروز جشنس بنده ستة أشهر . ثم حكمت آزر ميدخت بنت كسرى ستة أشهر . ثم حكم فرخزاد خسرو بن أبرويز سنة . ثم حكم يزجرد بن شهريار بن كسرى عشرين سنة ، لكنه كان متخفياً هارباً من المسلمين حتى قتل في خلافة عثمان أو خلافة علي في أفغانستان . ( الطبري : 1 / 587 والتنبيه والإشراف / 89 ، والمحبر / 362 ، واليعقوبي : 1 / 156 ، و 172 ) .
وبعد انتصاره على الفرس ، بقي هرقل في بلاد الشام يرتب أمورها ، وأعلن أنه سيحج إلى بيت المقدس ماشياً شكراً للمسيح الذي نصره على الفرس .
وكان هرقل يهاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) أكثر مما يهاب كسرى ، فكان يعد لمعركته المقبلة معه ، ولكنه أجابه على رسالته بجواب ليِّن ، وأنه يؤمن بأنه النبي الأخير الذي بشر به عيسى ( عليه السلام ) ، واعتذر منه بأن بطارقة الروم لم يطيعوه في الاعتراف بنبوته ! فقد أراد بذلك أن يكسب الوقت للإعداد للحرب . وقد أمر هرقل الحارث ملك الشام أن يقتل حاكم عَمَّان لأنه بعث إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) بإسلامه ، ثم أمر بقتل يوحنا حاكم أيلة وصلبه ، لأنه كتب عهد صلح مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) عندما جاء إلى مؤتة ! كما أمر بقتل رسول النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى حاكم بصرى ، بينما أكرم هو رسوله وأجابه جواباً ليناً !
كان هرقل يحشد جيش غسان في الشام ، وجيش كندة عند الأكيدر ملك دومة الجندل ، ويهئ متنصرة المدينة ومنافقيها ومنافقي قريش وبقايا اليهود ، لحرب النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
ولكن كل ذلك عنده تمهيدات عسكرية وإعلامية ، لأن اعتماده في كل معاركه كان على فرسان الروم المحترفين ، الذي سيزحف بهم إلى المدينة خلف الجيش العربي !
لذلك قرر النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يوجه إلى هرقل رسالة قوية فيبادر إلى الاشتباك مع جيشه الرومي في بلاد الشام ، لصرفه عن التفكير في غزو الجزيرة . وكان حريصاً على تجنب المعركة مع الحكام العرب المحليين وحصر المعركة مع الروم ليضغط عليهم فينسحبوا من الشام ومصر ، ويضغط على الحكام المحليين ليفكوا ارتباطهم بالروم ، ويعقدوا معه معاهدات صلح .
وبهذه الرؤية أمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) جعفر بن أبي طالب ( رحمه الله ) أن يتوغل إلى قرب القدس حيث الجيش الرومي المحترف ، ولم يأمره أن يثأر من حاكم بصرى ، ولا من الحارث حاكم الشام ! يقول بذلك لهرقل إن الاشتباك مع الجيش الرومي ، وليس مع غيره !
وبهذه الخطة قصد النبي ( صلى الله عليه وآله ) هرقل في تبوك ، وكان يحث المسلمين على المعركة فيقول : « أغزوا الروم » ! الاستيعاب :
1 / 266 ) فكان يوجههم إلى الروم ، وكان من نتائج سياسته ( صلى الله عليه وآله ) أن بني تغلب قرروا الانضمام إلى جبهة العرب فوفدوا على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! ومعناه أنهم قرروا أن يتحملوا غضب القبائل المتحالفة مع الروم ، وأولهم خلطاؤهم الغساسنة ملوك الشام .
3 - وفد تغلب إلى النبي ( صلى الله عليه وآله )
دخل بعض أفراد قبيلة تغلب في الإسلام ، ثم أرسلت وفداً إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) في عام الوفود ، رغم أنها بعيدة عن مركز الوحي وقريبة من دولة الشام ، التي يحكمها هرقل بواسطة الغساسنة .
قال ابن سعد في الطبقات : 1 / 316 : « قدم على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وفد بني تغلب ستة عشر رجلاً ، مسلمين ونصارى عليهم صُلُبُ الذهب ، فنزلوا دار رملة بنت الحارث ، فصالح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) النصارى على أن يقرهم على دينهم ، على أن لا يصبغوا ( يُعَمِّدُوا ) أولادهم في النصرانية ، وأجاز المسلمين منهم بجوائزهم » .
وكتب أمير المؤمنين بينهم وبين النبي ( صلى الله عليه وآله ) كتاباً بذلك الشرط .
وروى البيهقي في سننه : 9 / 217 : «
قال علي بن أبي طالب لئن بقيت لنصارى بني تغلب لأقتلنَّ المقاتلة ولأسبينَّ الذرية ، فإني كتبت الكتاب بين النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبينهم على أن لا يُنَصِّروا أبنائهم » .
ومعناه أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) اشترط عليهم أن لا يشجعوا أولادهم على اعتناق النصرانية ، بل يتركوهم ليدخلوا في الإسلام .
وذكرت بعض النصوص أن بطوناً منهم كانت تسكن العراق دخلت الإسلام في السنة السادسة عشرة للهجرة ( الطبري : 3 / 141 ، والكامل : 2 / 523 ) وأما التي كانت تسكن قرب بلاد الروم فرفضوا ، فكتب عمر إلى الوليد بن عتبة أن يتركهم ، وخاف أن يسطو عليهم فعزله وأقر عليهم فرات بن حيان وهند بن عمرو الجملي . ( الكامل : 2 / 533 ) .
4 - الموقف الفقهي من نصارى تغلب
قال العلامة الحلي في تذكرة الفقهاء : 9 / 286 : « بنو تغلب بن وائل من العرب من ربيعة بن نزار ، انتقلوا في الجاهلية إلى النصرانية . وانتقل أيضاً من العرب قبيلتان أخريان وهم تنوخ وبهراء ، فصارت القبائل الثلاثة من أهل الكتاب ، تؤخذ منهم الجزية كافة كما تؤخذ من غيرهم ، وبه قال علي ( عليه السلام ) وعمر بن عبد العزيز لأنهم أهل كتاب ، فيدخلون تحت عموم الأمر بأخذ الجزية من أهل الكتاب .
وقال أبو حنيفة : لا تؤخذ منهم الجزية ، بل تؤخذ منهم الصدقة مضاعفة ، فيؤخذ من كل خمس من الإبل شاتان ، ويؤخذ من كل عشرين ديناراً دينار ، ومن كل مائتي درهم عشرة دراهم ، ومن كل ما يجب فيه نصف العشر العشر وما يجب فيه العشر الخمس . وبه قال الشافعي وابن أبي ليلى والحسن بن صالح بن حي وأحمد بن حنبل ، لأن عمر ضعف الصدقة عليهم !
وهي حكاية حال لا عموم لها ، فجاز أن تكون المصلحة للمسلمين في كف أذاهم بذلك . ولأنه كان يأخذ جزية لا صدقة وزكاة . ولأنه يؤدي إلى أن يأخذ أقل من دينار بأن تكون صدقته أقل من ذلك . ولأنه يلزم أن يقيم بعض أهل الكتاب في بلد الإسلام مؤبداً بغير عوض ، بأن لا يكون له زرع ولا ماشية .
وروى العامة عن علي ( عليه السلام ) أنه قال : لئن تفرغت لبني تغلب ليكونن لي فيهم رأي لأقتلن مقاتلتهم ولأسبين ذراريهم ، فقد نقضوا العهد وبرئت منهم الذمة حين نصروا أولادهم » . جواهر الكلام : 21 / 233 ، والخلاف : 6 / 49 ، والمبسوط : 2 / 50 ، والمغني : 10 / 87 و 590 .
وكانت نتيجة سياسة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين أن تغلباً دخلت عامتها في الإسلام ، إلا قليلاً منهم يقيم في سوريا .
الفصل الرابع : بنو تغلب بعد وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله )
1 - اتهام التغلبيين بأنهم ارتدوا بعد النبي ( صلى الله عليه وآله )
اتهم التاريخ الرسمي بني الهذيل بن عمران ، أحد بطون تغلب بأنهم انضموا إلى سجاح المتنبئة ، عندما أعدَّت جيشاً كثيفاً لاجتياح المدينة ، بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) !
قال ابن الأثير في الكامل : 2 / 355 : « فبينما الناس ( المسلمين ) ببلاد تميم مسلمهم بإزاء من أراد الردة وارتاب ( من أتباع الحنفي مسيلمة الكذاب) إذ جاءتهم سجاح بنت الحارث بن سويد بن عقفان التميمية ، قد أقبلت من الجزيرة ، وادعت النبوة ، وكانت ورهطها في أخوالها من تغلب تقود أفناء ربيعة معها الهذيل بن عمران في بني تغلب ، وكان نصرانياً فترك دينه وتبعها ، وعقبة بن هلال في النمر ( بن قاسط ) وزياد بن فلان في إياد ، والسليل بن قيس في شيبان . وكانت سجاح تريد غزو أبي بكر فأرسلت إلى مالك بن نويرة اليربوعي التميمي تطلب الموادعة ، فأجابها وردها عن غزوها ( المدينة ) وحملها على أحياء من بني تميم ، فأجابته .
وعزمت من هناك على غزو قبيلة الرباب وهم بطن من ضبة ، فسجعت لأتباعها : أعدوا الركاب ، واستعدوا للنهاب ، ثم أغيروا على الرباب ، فليس دونهم حجاب .
فساروا إليهم فلقيتهم ضبة وعبد مناة ، فقتل بينهم قتلى كثيرة وأسرى ، ثم تصالحوا .
وقال ابن الأثير في الكامل : 2 / 357 : « ثم سارت سجاح في جنود الجزيرة حتى بلغت النباج ، فأغار عليهم أوس بن خزيمة الهجيمي في بني عمرو ، فأسر الهذيل وعقة ، ثم اتفقوا على أن يطلق أسرى سجاح ، ولا تطأ أرض أوس .
ثم خرجت سجاح في الجنود إلى اليمامة وقالت : عليكم باليمامة ودفوا دفيف الحمامة ، فإنها غزوة صرامة ، لا يلحقكم بعدها ملامة . فقصدت بني حنيفة ، فبلغ ذلك مسيلمة فخاف إن هو شغل بها أن يغلب ثمامة وشرحبيل بن حسنة والقبائل التي حولها على اليمامة ، فأهدى لها ثم أرسل إليها يستأمنها على نفسه حتى يأتيها فأمنته ، فجاءها في أربعين من بني حنيفة ، فصالحها على
غلات اليمامة سنة تأخذ النصف ، وتترك عنده من يأخذ النصف فأخذت النصف وانصرفت إلى الجزيرة .
فلم تزل سجاح في تغلب حتى نقلهم معاوية عام الجماعة ، وجاءت معهم وحسن إسلامهم لإسلامها ، وانتقلت إلى البصرة وماتت بها » .
وذكر : 2 / 398 ، أن خالداً وعدهم ليلة وساعة يجتمعون فيها إلى المصيخ ، وخرج خالد من العين قاصداً إليهم فلما كانت تلك الساعة من ليلة الموعد اتفقوا جميعاً بالمصيخ فأغاروا على الهذيل ومن معه وهم نائمون من ثلاثة أوجه فقتلوهم ، وأفلت الهذيل في ناس قليل ، وكثر فيهم القتل ، وكان مع الهذيل عبد العزى بن أبي رهم أخو أوس مناة ، ولبيد بن جرير وكانا قد أسلما ومعهما كتاب أبي بكر بإسلامهما ، فقتلا في المعركة ، فبلغ أبا بكر قول عبد العزى :
أقول إذ طرق الصباح بغارة *** سبحانك اللهم رب محمـد
سبحـان ربـي لا إلـه غـيـره *** رب البلاد ورب من يتورد
2 - الصحابة من بني تغلب
1 : أديم التغلبي : ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب ( 1 / 138 ) ، روى عنه صبي بن معبد في كنز العمال ( 5 / 162 ) .
2 : روح بن حبيب : أدرك النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وروى عن بعض الصحابة ( تاريخ دمشق : 18 / 238 )
3 : مرثد بن عامر : أبو الكنود ، روى عن بكير بن مسمار الرياحي ( الإصابة : 6 / 55 ) .
4 : مفضل بن أبي الهيثم : أدرك النبي ( صلى الله عليه وآله ) وروى عنه . ( المصدر السابق : 6 : 294 ) .
وقد تقدم قول ابن حجر عن عتبة بن الوعل إنه صحابي .
3 - مشاركة بني تغلب في فتح العراق
لما رأى التغلبيون تعاضد الروم والفرس على قتال العرب ، تحركت العصبية القومية فيهم ، فقاتلوا مع المسلمين رغم أن بعضهم كانوا ما زالوا نصارى . ففي السنة الثالثة عشرة للهجرة أمدَّ ابن مردي الفهر التغلبي في أناس من نصارى تغلب ، المثنى بن حارثة الشيباني في معركة البويب . ( الطبري : 2 / 648 . )
كما ساهموا في فتح تكريت في السنة السادسة عشرة للهجرة ، فقد روى الطبري ( 3 / 141 ) أنه بلغ سعد بن أبي وقاص وهو في المدائن اجتماع أهل الموصل إلى الأنطاق ( وهو أحد ملوك الروم في الموصل ) واجتماع أهل جلولاء على مهران ، أحد قادة الفرس ، فسرح إلى الأنطاق عبد الله بن المعتم ، واستعمل على مقدمته ربعي بن الأفكل العنزي وعلى ميمنته الحارث بن حسان الذهلي ، وعلى ميسرته فرات بن حيان العجلي ، ففصل عبد الله بن المعتم في خمسة آلاف من المدائن ، فسار إلى تكريت أربعاً حتى نزل على الأنطاق ومعه الروم وإياد وتغلب والنمر ، ومعه الشهارجة وقد خندقوا بها ، فحصرهم أربعين يوماً فتزاحفوا فيها أربعة وعشرين زحفاً ، وكانوا أهون شوكة وأسرع أمراً من أهل جلولاء .
ووكل عبد الله بن المعتم بالعرب ليدعوهم إليه والى نصرته على الروم ، وأقبلت العيون من تغلب وإياد والنمر إلى عبد الله بن المعتم ، وأخبروه أنهم قد استجابوا له فأرسل إليهم : إن كنتم صادقين بذلك فاشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ثم أعلمونا رأيكم . فرجعوا إليهم بذلك أي بقبولهم الإسلام ، فردهم إلى الروم وقال : إذا سمعتم تكبيرنا فاعلموا أنا قد نهدنا إلى الأبواب التي تلينا لندخل عليهم منها ، فخذوا بالأبواب التي تلي دجلة وكبروا واقتلوا من قدرتم عليه ، ونهد عبد الله والمسلمون لما يليهم وكبروا وكبرت تغلب وإياد والنمر وقد أخذوا بالأبواب ( أي أبواب نهر دجلة لئلا يفروا بالسفن ) فحسبوا أن المسلمين أتوهم فبادروا الأبواب التي عليها المسلمون فلم يفلت من أهل الخندق إلا من أسلم من تغلب وأياد والنمر .
4 - بنو تغلب مع أمير المؤمنين في صفين
قال نصر بن مزاحم في وقعة صفين / 145 : « ثم مضى أمير المؤمنين حتى نزل بأرض الجزيرة ، فاستقبله بنو تغلب والنمر بن قاسط بالجزيرة . :
قال علي ليزيد بن قيس الأرحبي : يا يزيد بن قيس قال : لبيك يا أمير المؤمنين . قال : هؤلاء قومك ، من طعامهم فاطعم ، ومن شرابهم فاشرب » .
وفي وقعة صفين / 146 : « أتاه وفد بني تغلب فصالحوه على أن يقرهم على دينهم ، ولا يصبغوا أبناءهم في النصرانية . قال : وقد بلغني أنهم قد تركوا ذلك ، وأيم الله لئن ظهرت عليهم لأقتلن مقاتلتهم ولأسبين ذراريهم . فلما دخل بلادهم استقبلته مسلمة لهم كثيرة ، فسر بما رأى من ذلك » .
ومن أبطال تغلب شريك بن خزيم التغلبي ، وقد شهد صفين مع أمير المؤمنين علي وأصيبت عينه ، وسكن بعد وفاته في بيت المقدس ، ولما بلغه مقتل الحسين رجع إلى الكوفة ونهض للطلب بثأره مع المختار ، وسار مع إبراهيم بن الأشتر لقتال جيش الشام بقيادة ابن زياد ، وقتل الحصين بن نمير أحد قادة جيش يزيد في كربلاء ، فقد برز الحصين وهو يقول :
يا قـادة الكوفة أهل المنكر *** وشيعة المختار وابن الأشتر
هل فيكم قرم كريم العنصر *** مهـذب فـي قـومـه بـمـفـخـر
يبرز نحوي قاصداً لا يمتري
فخرج إليه شريك بن خزيم التغلبي ، وهو يقول :
يا قاتـل الشيخ الكريم الأزهر *** بكـربـلا يـوم التقاء العسكر
أعني حسيناً ذا الثنا والمفخر *** ابـن النـبي الطاهر المطهر
وابـن عـلـي البـطـل المظـفـر *** هذا فخذها من هزبر قسور
فالتقيا بضربتين فجدله التغلبي صريعاً ، فدخل على أهل الشام من أهل العراق مدخل عظيم ( ذوب النضار / 135 ) .
ثم استشهد ( رحمه الله ) في تلك المعركة . ( الأعلام : 3 : 163 )
وفي كتاب وقعة صفين لنصر / 487 ، قال خالد بن المعمر :
وفـت لعـلي مـن ربـيعـة عصبـة *** بصم العوالي والصفيح المذكر
شقيـق وكردوس ابن سيد تغلب *** وقـد قـام فيها خالـد بن المعمر
يقارع بالشورى حريث بن جابر *** وفاز بها لولا حضين بن منذر
ومن شخصيات بني تغلب : عتبة بن الوعل ، شاعر أهل الكوفة ، وأحد أبطال الفتوحات الإسلامية . ( الطبري : 3 / 141 ) .قال ابن حجر في الإصابة : 5 / 93 : له إدراك وقد سكن الكوفة وشهد مع أمير المؤمنين علي وساهم في ردِّ الغارات التي كان يشنها معاوية على العراق والحجاز .
قال ابن أعثم في الفتوح : 4 / 225 : ثم بعث معاوية برجل من أصحابه يقال له الحارث بن نمر التنوخي في ألف رجل من حماة أهل الشام ، وأمره بالغارة على بلاد الجزيرة ممن هم في طاعة علي . قال : فأقبلت خيل أهل الشام حتى بلغت تخوم صفين ودارا ، فأغاروا على قوم من بني تغلب ممن كانوا في طاعة علي ، فأسروا منهم ثمانية نفر وانصرفوا راجعين إلى الشام ، وقام رجل من أهل الجزيرة يقال له عتبة بن الوعل ، فجمع قومه من بني تغلب ، ثم صار إلى جسر منبج فعبر الفرات وأغار على أوائل الشام فغنم غنائم كبيرة ورجع إلى الجزيرة وقال :
ألا أبـلـغ معـاويـة بـن صخـر *** فـإنـي قـد أغـرت كـمـا تغـيـر
صبحنا منبجـاً بالخيـل تـردى *** شـوازب فـي أياطلهـا ضميـر
بـكـل سميـدع مـاض جـسـور *** على الأهوال في ضنك يسير
وكـل مـجـرب بـطـل هــمــــام *** لـدى الهيجاء مطلبـه عسيـر
وفـتيـان يـرون الصبـر مجـداً *** بـأيـديـهـم مـهـنـدة ذكــــــور
5 - بنو تغلب في مواجهة الخوارج
وقاتل التغلبيون سنة سبع وسبعين للهجرة مع عتاب بن ورقاء الرياحي شبيب بن زيد الشيباني الخارجي ، الذي قصد الكوفة أيام الحجاج الثقفي لينتزعها منه ، ويبدو أن عددهم كان كبيراً فقد قسموا إلى ثلاثة أقسام وعلى كل قسم منهم أمير وهم : قبيصة بن والق ، وعبد الله بن الحليس ، ونعيم بن عليم ، وكانت تغلب تقاتل في ميسرة عتاب وعليها نعيم بن عليم التغلبي . ( الطبري : 5 / 89 )
6 - - شهداء بني تغلب مع الإمام الحسين بن علي
استشهد مع الحسين من بني تغلب :
1 : كنانة بن عتيق التغلبي : ورد ذكره في الزيارتين ( إقبال الأعمال : ابن طاووس : 3 : 78 و 345 ) ، وهو من شهداء الحملة الأولى . ( أنصار الحسين : شمس الدين : 107 )
2 : وضرغامة بن مالك التغلبي ، وورد ذكره في الزيارتين ، وهو من شهداء الحملة الأولى . ( المصدر السابق : 94 )
3 : وقاسط بن زهير بن الحرث التغلبي : ورد ذكره في زيارة الناحية بعنوان قاسط بن ظهير : « السلام على قاسط وكرش ابني ظهير التغلبيين »
( إقبال الأعمال : 3 : 78 )
كما ورد اسمه في الزيارة الرجبية لكن من دون ذكر نسبه ( الإقبال : 3 :
346 ) . وكرش هو كردوس الآتي ، وروي : قاسط بن عبد الله . ( رجال الطوسي : 104 )
4 : وكردوس بن زهير ، أخو قاسط ورد ذكره في الزيارتين بعنوان ( كرش ) ويحتمل أن يكون هو نفسه كردوس التغلبي الذي يروي عن أمير المؤمنين
( المصدر السابق : 80 )
وقال السماوي في إبصار العين : 200 : « قاسط بن زهير بن الحرث التغلبي ، وأخوه كردوس بن زهير بن الحرث التغلبي ، وأخوه مقسط بن زهير بن الحرث التغلبي ، كان هؤلاء الثلاثة من أصحاب أمير المؤمنين ( رضي الله عنه) ومن المجاهدين بين يديه في حروبه ، صحبوه أولاً ثم صحبوا الحسن ثم بقوا في الكوفة ولهم ذكر في الحروب لا سيما صفين . ولما ورد الحسين كربلاء خرجوا إليه فجاؤوه ليلاً وقتلوا بين يديه في الحملة الأولى » فعد أخاهما مقسطاً مع قاسط وكردوس ، ولم يرد له ذكر في الزيارتين .
الفصل الخامس : فضل الدولة الحمدانية على المسلمين
1 - زعامة بني حمدان لقبيلة تغلب
عندما جاءت الدولة العباسية كان زعيم بني تغلب حمدان بن حمدون بن الحارث ، جد الأسرة الحمدانية أميراً على قلعة ماردين قرب الموصل ، وكان مثرياً . وكان عدد من بني تغلب في مناصب الدولة ، كإسحاق بن أيوب العدوي التغلبي والي الجزيرة للمعتمد العباسي ، ومالك بن طوق والي دمشق للمتوكل العباسي وهشام بن عمرو بن بسطام ولي السند للمنصور العباسي . لكن دولة بني حمدان بدأت في سنة 292 ه عندما عيَّن المكتفي عبد الله بن حمدان حاكماً على الموصل ، وعاشت دولتهم قرناً
( 292 - 393 ه ) وكانت خط دفاع المسلمين مقابل الروم ، الذين كانت عاصمتهم القسطنطينية .
وعندما استوزر الراضي العباسي أحمد بن محمد البريدي ، ثم ولاه البصرة وواسط والأهواز ، طمع أخوه في بغداد فزحف إليها واحتلها سنة 330 ، فاستنجد الخليفة بآل حمدان ليعيدوا له عاصمته فجاءه ناصر الدولة وأخوه سيف الدولة بجيش فخاف البريدي ، وهرب إلى واسط وأخلى بغداد ، وقصده الحمدانيون إلى واسط ونشب القتال بينهما ، ففرَّ البريدي إلى البصرة . ثم نصبه الخليفة أميراً عليها . ( الكامل في التاريخ : 8 / 385 ) .
وفي سنة 333 ، هاجموا حلب وهي تحت حكم الإخشيديين فغلبوا عليها ، ثم هاجموا حمص فهزموا حاكمها كافوراً الإخشيدي وغلبوا عليها ( الكامل : 8 / 445 ) ، ثم انتصر ناصر الدولة على تكين التركي ، فاستقر له الأمر بالموصل والجزيرة عام 335 .
وبعد هذه الانتصارات قام ناصر الدولة وإخوته بتنظيم شؤون دولتهم ،
وأسسوا المدارس الدينية ، وقاموا برعاية العلماء والشعراء والأدباء ، خصوصاً في حلب العاصمة . .
وفي عام 336 ، اختلف معز الدولة البويهي السلطان الرسمي للخلافة وناصر الدولة الحمداني ، ودارت بينهما حروب ، وفي عام 345 ، تدخل سيف الدولة وتعهد أن يحمل ناصر الدولة إلى دار الخلافة مليونين وتسع مائة ألف درهم كل عام وضمنها عنه .
2 - شخصية سيف الدولة المميزة
قال السيد الأمين : 8 / 269 : « سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان . ولد في سنة 303 ، وتوفي سنة 356 ، البطل العربي الذي صمد في وجه الروم ورد عاديتهم عن بلاد الشام ، وحمى موطنه من غاراتهم وحكمهم ، فلقد أنشأ علي بن حمدان دولته الحمدانية في أحرج ظرف من ظروف العرب والمسلمين ، حين قام نقفور فوقاس الثاني يلوح بمطامعه الهوجاء ، ويزمجر بأمانيه الواسعة في استرداد بلاد الشام ، والنفاذ منها حتى إلى الحجاز ، ولقد كان ضعف الخلافة وتشتت قواها وتمزق شمل البلاد وانقسامها ، مما أغراه على الطمع وشجعه على الإقدام ، ولكنه واجه الصخرة الصلدة التي تحطمت عليها آماله وتبعثرت فيها مطامعه ، واجه سيف الدولة بفروسيته المفادية وشجاعته المتعالية ، فرده خائباً وتغلل في صميم بلاده ، واشتبك معه بمعارك كانت من أروع الصفحات في تاريخنا الحربي والسياسي والأدبي ، وحسبك أنها أبرزت بطلاً كسيف الدولة وشاعرين كالمتنبي وأبي فراس ، وأنها كانت كفيلة بحفظ البلاد وحمايتها ورد الروم عنها إلى الأبد .
وكما كان سيف الدولة مجلياً في الميدان العسكري ، فقد كان مجلياً كذلك في ميادين العلوم والآداب ، إذ جمع في بلاطه من العلماء والشعراء والأدباء ما كان منهم خير حفظة لتراث العرب وأفضل رواد لثقافتهم » . انتهى .
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء : 16 / 187 : « سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان صاحب حلب ، مقصد الوفود ، وكعبة الجود ، وفارس الإسلام ، وحامل لواء الجهاد . كان أديباً مليح النظم ، فيه تشيع . ويقال ما اجتمع بباب ملك من الشعراء ما اجتمع ببابه وله غزو ما اتفق لملك غيره ، وكان يضرب بشجاعته المثل ، وله وقع في النفوس ، فالله يرحمه » .
وقال ابن خلكان ( 3 / 406 ) : « جمع من نفض الغبار الذي يجتمع عليه في غزواته شيئاً ، وعمله لبنة بقدر الكف ، وأوصى أن يوضع خده عليها في لحده ، فنفذت وصيته في ذلك » .
وقد حفظ بغزواته بيضة العرب والإسلام ، ولولاه لتقدم الروم في بلاد الشام ، وربما استصفوها كلها بعد أن ضعف العباسيون . وكان قد جمع من نفض الغبار الذي يجتمع عليه في غزواته . . الخ . » .
ووصف المتنبي تأثير حمايته لحدود الدولة الإسلامية ، فقال :
« كيـف لا يأمـن العراق ومصر *** وسرايـاك دونهـا والخيـول
لو تحرفت عن طريق الأعـادي *** ربـط السدر خيلهم والنخيـل
ودرى مـن أعـزه الـنـفع عـنـه *** فيهـمـا إنـه الحـقـيـر الـذليـل
أنـت طـول الحيـاة للـروم غـازٍ *** فمتى الوعد أن يكون القفول
وسوى الروم خلف ظهرك رومٌ *** فـعـلـى أي جـانـبـك تـمـيــل
قعـد الناس كلهم عن مساعيك *** وقـامـت بهـا القنـا والنصول
مـا الـذي عـنـده تـدار المنـايـا *** كالـذي عـنـده تـدار الشمـول
سيف الدولة أحد أبطال التاريخ ، وصاحب شخصية حافلة بالحياة والنشاط ، وذو نواح متعددة ، تتراقص على جنباتها المغامرة ، والشعر والسيف والقلم والبطولة والأدب ، فهو من الشخصيات التي تثير الإعجاب وتسترعي النظر . مر بتاريخ العرب في فترة كانت الفوضى تقتلها ، فنجح في أن يلجم الفوضى وأخرج منها نظاماً ، وخلق من ضعف العرب قوة ، وصمد لقوات الروم ، وقاد جموع العرب يذود عن دولته بحد سيفه .
قال غوستاف سيشلمبرجر : شغل سيف الدولة أذهان المؤرخين والكتاب والشعراء في القرن العاشر الميلادي ، فما أن تقرأ صفحة لمؤرخ بيزنطي ، أو قطعة لكاتب من كتاب ذلك العصر ، أو قصيدة من قصائد شاعر من شعراء العرب أو اليونان ، حتى يستهويك الوصف والحديث عنه . لقد أقسم مؤرخ زار حلب في عصر سيف الدولة أن قصور الخلفاء في بغداد ، وقصور ملوك الروم في القسطنطينية كانت أقل بهاء من قصور سيف الدولة ، وأن الفنون على تباين أنواعها كانت مضطهدة في عاصمة المسيحية ، ولكنها كانت تنعم بتسامح كبير في عاصمة الحمدانيين وكان المصورون والمثالون من الروم يهربون من قيصر إلى سيف الدولة ، فيستقبلهم ويكرمهم ويشجعهم ويستفيد من عبقرياتهم .
وقال بروكلمن في تاريخ الشعوب الإسلامية : 2 / 91 : « ولئن كان سيف الدولة مديناً بما تم له من شهرة عريضة لنضاله الموفق ضد الروم في المحل الأول ، فليس من شك في أنه مدين بذلك في المحل الثاني لعطفه على الفنون والعلوم ، ورعايته لها .
وبالتالي فإن مدينة حلب في عهد سيف الدولة جمعت أكابر رجال ذلك العصر على اختلاف بلدانهم وتباين ثقافتهم ، كالفارابي ، والشريف أبي إبراهيم جد بني زهرة ، وابن نباتة ، والمتنبي ، والصنوبري ، وابن خالويه ، وابن جني والبكتمري ، والنامي ، وكشاجم ، وابن أبي الفياض وأبي الفرج العجلي ،
وكثيرين غيرهم من القضاة والنحويين والأدباء والشعراء والفنانين العرب وغير العرب .
وحكى ابن خالويه عن أبي فراس أنه قال : طلب ملك الروم قسطنطين بن لاون الهدنة من سيف الدولة لما كثرت وقائعه بالروم ، واتصلت غزواته ، فأبى إلا بشروط قد بعد عهد الروم بمثلها ، فعند ذلك أراد ملك الروم أن يظهر لسيف الدولة قوته ، فهادن ملك الغرب ، وصرف من كان في جهته من العساكر ، لأن نصارى الغرب وملوكهم لم يكونوا مع ملك القسطنطينية على وفاق ، وهادن أيضاً ملك البلغار والروس والترك والإفرنجة وسائر الأجناس واستنجدهم على حرب سيف الدولة وبعث عسكراً عظيماً بينهم رجل يسمى البركمونس وهو أخو الملكة زوجته ، وابن رومانوس الملك قبله ، وأنفق من الأموال ما يعظم قدره ، حتى قيل إنه أخرج اثني عشر ألف عامل لحفر الخندق حول عسكره ، يريد بذلك أن يقهر سيف الدولة أو يحمله على قبول الهدنة بالشروط التي يريدها ، وسار متوجهاً إلى ديار بكر ، وبلغ سيف الدولة خبره فجهز العساكر إلى ديار بكر ، وأقام هو في غلمانه ، واتفق أن الفرات زاد فمنع البركمونس من العبور ، فعدل إلى الشام ونزل على سميساط فافتتحها في بعض يوم ، ونزل على رعبان ، ونفر إليه سيف الدولة فيمن بقي معه ، وأمر أبا فراس بالتقدم فكان أبو فراس أول من لحق العسكر وأحسن البلاء وثبت يقاتل ، حتى استحر القتل وكثر الأسر في أصحابه ثم انصرف بباقيهم حتى خلصهم ، وأسر في هذه الوقعة أخواه ، ودق رمحين في تريبق الجزري رئيس الحرزيم ، وأسر تريبق بعض أصحاب أبي فراس ، فأرى تريبق ذلك الأسير الجراح التي فيه من أبي فراس ، وقال له : أكتب إلى صاحبك أبي فراس وقل له مثلك لا يتسمى في مثل ذلك اليوم ، ويعرفه الناس ، وذلك لأن أبا فراس كان حينما يطعن أو يضرب تريبق يتكنى ويتسمى ويقول خذها وأنا فلان ، على عادة العرب في الحروب ، فأراد تريبق نصحه وإن كان عدوه بأن من كان مثله رئيساً شجاعاً واتراً لا يتسمى في مثل ذلك اليوم ، الذي هو فيه في عدد قليل ،وعدوه في عدد كثير فيعرفه الناس ويجتهدوا في قتله أو أسره متى عرفوه !
فقال أبو فراس في ذلك بيتين جميلين ، وكان اعتذاره فيهما عن تسمية اعتذاراً شعرياً طريفاً :
يعيب علي أن سميت نفسي *** وقـد أخـذ القنا منهم ومنا
فقل للعلج لو لم أسم نفسي *** لسماني السنان لهم وكنى
أي لو لم أتَكَنَّ لعرفوني بطعني وضربي » .
« بدأ غزو الروم ومحاربتهم وهو لا يتجاوز التاسعة عشر أو الحادية والعشرين ، ولم يكفَّ عن المعارك ، يباشرها بنفسه وراكباً أو ماشياً حتى وفاته ، أي مدة اثنتين وثلاثين سنة ، لا تمر عليه سنة إلا ويسير للحرب إما غازياً أو مدافعاً ، إما منتصراً أو منكسراً » ! 8 / 269 ) .
وتوفى سيف الدولة سنة 356 هجرية ، وخلفه ابنه أبو المعالي ، الذي لقبه الخليفة بعد عشر سنين بسعد الدولة . قال الزركلي في الأعلام : 3 / 162 ، ما خلاصته : كان سعد الدولة بن سيف الدولة في ميافارقين عندما توفي أبوه سنة 356 ، فجاء إلى حلب وجلس على سرير أبيه ، وطمع الروم بحلب فغزوها ، فخاف سعد الدولة أن يُحصر فيها فخرج سنة 358 ، إلى ميافارقين بلد أمه ، ووكل غلامه قرغويه بحلب فلم يدافع عنها وعقد مع قائد الروم معاهدة مذلة للمسلمين ، فغضب سعد الدولة وانتقل إلى معرة النعمان فأقام ثلاث سنين ، ثم هاجم حلب ودخلها بعد أحداث وفي سنة 367 كتب إلى بغداد أنه في طاعتها ، فجاءته خلعة من الطائع العباسي مع لقب سعد الدولة .
وفي سنة 371 طالبه الدمستق بردس قائد جيش الروم بمال الهدنة فاتفق معه على 400 ألف درهم فضة كل سنة . لكن ملك الروم هاجم حلب سنة 373 بجيش كبير ، فصمد له سعد الدولة وانهزم الدمستق ، واستمر سعد الدولة قوياً مهاباً . ومات بعلة الفالج في حلب سنة 381 » .
وقال الذهبي في سيره : 16 / 189 : « وكانت دولته نيفاً وعشرين سنة ، وبقي بعده ابنه سعد الدولة في ولاية حلب خمساً وعشرين سنة » . لكن دولة الحمدانيين ضعفت بعد سيف الدولة ( رحمه الله ) .
3 - من شعر المتنبي في مدح سيف الدولة الحمداني :
اشتهر المتنبي بسيف الدولة واشتهر سيف الدولة بالمتنبي ، فقد عرَّفه عليه ابن عمه الشاعر أبو فراس الحمداني ، فأعجبه وأكرمه ولازمه المتنبي نحو ثماني سنين من سنة 337 إلى سنة 345 ، ورافقه في بعض غزواته إلى داخل بلاد الروم ، ووصف معاركه بقصائد بليغة كانت من عيون الشعر العربي . قال يمدح سيف الدولة ، ويهنؤه بعيد الأضحى سنة 342 من قصيدة ، وأنشده إياها في ميدانه بحلب ، وهما على فرسيهما :
لـكـل امـرئ مـن دهـره مـا تـعـودا * وعادة سيف الدولة الطعن في العدا
هو البحر غص فيه إذا كان ساكناً * عـلى الـدر واحـذره إذا كـان مـزبـدا
تـظـل مـلـوك الأرض خـاشعـة لـه * تـارقـه هـلـكـى وتـلـقـاه سـجــــــــدا
وتحيي له المال الصوارم والقـنـا * ويـقـتـل مـا تحـيي الـتـبسـم والـجـدا
لذلـك سـمى ابـن الدمستق يـومـه * مـمـاتـا وسـمـاه الـدمـسـتـق مـولـدا
فـولـى وأعطـاك ابـنـه وجـيـوشه * جـميعـا ولـم يـعـط الـجـميـع ليحمـدا
ومـا طلبت زرق الأسنـة وغـيـره * ولـكـن قسطنـطيـن كـان لـه الـفـدى
فأصبح يجتـاب المسوح مخـافـة * وقـد كـان يجتـاب الـدلاص المسردا
ويمشي به العكاز في الدير تائبا * وما كان يرضى مشي أشقـر أجـردا
وما تاب حتى غادر الكر وجهـه * جـريحـا وخـلى جفنـه النقـع أرمـدا
هنيئا لك العيد الذي أنـت عـيـده * وعـيـد لمـن سـمى وضحى وعـيـدا
فذا اليوم في الأيام مثلك في الورى * كما كنت فيهم أوحدا كان أوحدا
هو الجد حتى تفضل العين أختها * وحـتى يكـون اليـوم للـيـوم سيـدا
ومن يجعل الضرغام للصيد بازه * تصيـده الضـرغـام فـيـمـا تصيـدا
وما قتـل الأحرار كالعفـو عـنهم * ومـن لك بالحـر الذي يحفظ الـيـدا
إذا أنـت أكـرمت الكـريـم ملـكتـه * وان أنـت أكـرمـت اللـئيـم تـمتردا
وضع الندى في موضع السيف بالعلى * مضر كوضع السيف في موضع الندا
وما الدهر إلا من رواة قصائدي * إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا
فسار بـه مـن لا يسيـر مشـمـرا * وغـنـى بـه مـن لا يـغـني مـغــردا
ودع كل صوت غير صوتي فإنني * أنا الطائر المحكي والآخر الصدى
تركت السرى خلفي لمن قل ماله * وأنعلت أفراسي بنعماك عسجـدا
وقـيـدت نفسي فـي ذراك محـبـة * ومن وجد الإحسان قيدا تقيدا
وقال المتنبي يمدح سيف الدولة وقد سار لبناء مدينة الحدث الحمراء لحمرة بيوتها ، وقلعتها على جبل الأحيدب ، وذكر إيقاعه فيها بالدمستق ملك الروم وأسره صهره وابن بنته ، وأقام سيف الدولة إلى أن بناها ، فأنشده المتنبي يوم الثلاثاء لتسع خلون من رجب سنة 343 ، قصيدته التي منها :
عـلى قـدر أهـل العـزم تـأتي العـزائـم * وتـأتـي عـلى قـدر الكـرام المـكـارم
وتعظم فـي عـيـن الصغيـر صغـارهـا * وتصغـر فـي عـيـن العـظيم العظائـم
يكلـف سيـف الـدولـة الجـيـش هـمـه * وقد عجزت عنه الجيوش الخضارم
ويطلـب عـنـد النـاس مـا عـنـد نفسه * وذلـك مـا لا تـدعـيـه الـضـراغـــــم
هـل الحـدث الحـمـراء تعـرف لونهـا * وتـعـلـم أي الـسـاقـيـيـن الـغـمـائـــم
سـقـتـهـا الغـمـام الغـر قـبـل نـزولـه * فـلـمـا دنـا منـهـا سقـتهـا الجـمـاجـم
بنـاهـا فأعـلى والقـنـا يـقـرع القـنـا * ومـوج الـمـنـايـا حـولـهـا مـتـلاطـــم
وكـان بهـا مثـل الجنـون فأصبحـت * ومـن جـثـث القـتـلى عـلـيهـا تـمـائـم
طـريـدة دهـر سـاقـهـا فـرددتـهـــــا * عـلى الديـن بالخطى والـدهـر راغـم
تـفـيـت الـلـيـالـي كـل شـئ أخـذتــه * وهــن لــمــا يـأخـذن مـنـك غــوارم
إذا كـان مـا تنـويـه فعـلا مضارعـا * مضى قـبـل أن تلقى عـليـه الجـوازم
أتـوك يـجـرون الـحـديـد كـأنـمــــا * أتــوا بــجــيــاد مــا لــهــن قــوائـــم
خميس بشرق الأرض والغرب زحفه * وفـي أذن الجـوزاء مـنـه زمـازم
تقـطـع مـا لا يقـطـع الـدرع والقـنـا * وفـر مـن الفـرسـان مـن لا يصـادم
وقفت وما في الموت شـك لـواقـف * كـأنـك فـي جفـن الـردى وهـو نائـم
تـمـر بـك الأبـطـال كـلمى هـزيـمـة * ووجـهـك وضـاحٍ وثـغـرك بــاســـم
ضممت جناحيهم على القلب ضمة * تـمـوت الخـوافـي تحتهـا والـقـوادم
بضرب أتى الهامات والنصر غائب * وصـار إلـى اللـبـات والنصـر قـادم
حـقـرت الـردينيات حـتى طـرحتهـا * وحـتى كـأن السيـف للرمـح شـاتـم
ومـن طـلـب الفـتـح الجليـل فـإنـمـا * مفاتيحـه البيـض الخفاف الصوارم
نـثـرتـهـم فـوق الأحـيـدب نــثــــرة * كـما نثـرت فـوق العروس الدراهم
تـظـن فـراخ الـفـتـخ انـك زرتـهـــا * بـإمـاتـهـا وهـي العـتـاق الصـلادم
إذا زلـقـت مـشـيـتـهـا بـبـطـونـهــا * كـمـا تتمشى فـي الصعـيـد الأراقـم
أفـي كـل يـوم ذا الـدمستـق مـقـدم * قـفـاه عـلـى الاقـدام لـلـوجـه لائــم
وقـد فجعـتـه بابـنـه وابـن صهـره * وبالصهـر حملات الأميـر الغواشم
ولـسـت ملـيـكـا هـازمـا لـنـظـيـره * ولـكـنـك التـوحـيـد للـشـرك هـازم
تـشـرف عـدنـان بـه لا ربـيـعــــة * وتفتـخـر الـدنـيـا بـه لا العـواصـم
ألا أيها السيف الذي ليس معـمـداً * ولا فـيـه مـرتـاب ولا منـه عاصم
هنيئاً لضرب الهام والمجد والعلى * وراجـيـك والإسـلام أنـك سـالـــم
وعبَر سيف الدولة نهر آلس في بلاد الروم وهو نهر عظيم ونزل على صارخة وخرشنة وهما مدينتان بالروم فأحرق ربضهما وكنائسهما وقفل غانماً ، فلما صار على آلس راجعاً وافاه الدمستق ملك الروم فصافه الحرب فهزمه وأسر بطارقته وقتل ، ثم سار فواقعه في موضع آخر فهزمه أيضاً ، ثم واقعه على نهر آخر وقد ملَّ أصحابه السفر وكلُّوا من القتال فانهزموا واجتاز أبو الطيب ليلاً بقطعة من الجيش نيام بين قتلى ، فقال المتنبي يذكر الحال وما جرى في الدرب من الخيانة :
غـيـري بأكثـر هـذا النوع ينخـدع * إن قاتلوا جبنوا أو حدثوا شجعوا
ليس الجـمال لـوجـه صح مـارنـه * أنـف العـزيـز بقطع العـز يجتدع
وفارس الخيل من خفت فوقـرهـا * في الدرب والدم في اعطافه دفع
بالجـيش تمتـنع السـادات كـلهـم * والجيش بابن أبي الهيجاء يمتنع
قـاد المقانب أقصى شربهـا نهـل * عـلى الشكيم وأدنى سيرها سرع
حـتى أقـام عـلى أرباض خرشنة * تشقى به الروم والصلبان والبيع
للسبي ما نكحوا والقتل ما ولدوا * والنهب ماجمعوا والنار مازرعوا
تـغـدو المنـايـا فـلا تنفـك واقفـة * حـتى يقـول لهـا عـودي فـتنـدفـع
قل للدمستق ان المسلمين لـكـم * خانـوا الأمير فجازاهم بما صنعوا
لاتحسبوامن أسرتم كان ذارمق * فـلـيس يـأكـل إلا المـيتـة الضبـع
فـكـل غـزو إليـكـم بـعـد ذا فـلـه * وكـل غـاز لسيـف الـدولـة التبـع
تمشي الكرام على آثار غيرهم * وأنـت تخـلـق مـا تـأتي وتـبـتـدع
وهل يشينك وقت كنت فارسـه * وكـان غيرك فيه العاجـز الضرع
من كان فوق محل الشمس موضعه * فليس يرفعه شئ ولا يضـع
إن السلاح جميع الناس تحمله * وليس كـل ذوات المخـلب السبع
وأراد سيف الدولة قصد خرشنة فعاقه الثلج ، فقال المتنبي :
عــواذل ذات الــخــال فــي حــواسـد * وإن ضـجـيـع الـخـود مـنـي لـمـاجـد
يـرد يـداً عـن ثـوبـهـا وهـو قـــــــادر * ويعصي الهوى في طيفها وهو راقد
متى يشتفي من لاعج الشوق بالحشا * مـحـب لهــا فـي قـربـه مـتـبـاعـــــد
إذا كنت تخشى العـار فـي كـل خـلـوة * فـلـم تـتـصـبـاك الـحـسـان الـخـرائـد
ألـح عـلـي الـسـقــم حـتـى ألـفـتـــــه * ومـل طـبـيـبـي جـانـبـي والـعـوائـــد
مـررت عـلى دار الحبيـب فحمحمـت * جـوادي وهـل تشجي الجياد المعاهد
ومـا تنكـر الدهـماء من رسـم منـزل * سقتهـا ضريب الشول فـيـه الـولائـد
أهــم بـشـئ والـلـيـالـي كـأنـهــــــــا * تــطــاردنــي عــن كــونــه وأطـــارد
وحـيـد مـن الـخـلان فـي كـل بــلــدة * إذا عـظـم الـمـطـلـوب قـل المسـاعـد
وتسعـدني فـي غـمـرة بـعـد غـمـرة * سبـوح لـهـا مـنـهـا عـليهـا شـواهـد
تـثـنـى عـلى قـدر الـطـعـان كـأنـمـا * مـفـاصـلـهـا تـحـت الـرمـاح مـــراود
وأورد نـفـسي والـمهـنـد فـي يـدي * مـوارد لا يـصـدرن مـن لا يـجـالــــد
ولـكـن إذا لـم يـحـمـل القـلـب كـفـه * عـلى حالـة لـم يحمـل الكـف سـاعـد
خـلـيـلـي انـي لا أرى غـيـر شـاعـر * فـلـم منهـم الدعـوى ومني القصائد
فـلا تـعـجـبـا ان الـسيـوف كـثـيـرة * ولـكـن سـيـف الـدولـة الـيـوم واحـد
له من كريم الطبع في الحرب منتض * ومن عادة الاحسان والصفح غامد
ولـمـا رأيـت الـنـاس دون مـحـلـــــه * تـيـقـنـت أن الـدهـر لـلـنـاس نـاقـد
أحقهـم بالسيـف مـن ضـرب الطـلى * وبـالأمـن مـن هانت عـليه الشدائـد
وتضحي الحصون المشمخرات في * الـذرى وخيلـك فـي أعناقهن قـلائـد
أخـو غـزوات مـا تـغـب سـيـوفــــه * رقـابـهـم إلا وسـيـحـان جـامــــــــد
بـذا قـضـت الأيـام مـا بـيـن أهـلهـا * مـصائـب قـوم عـنـد قـوم فـوائـــــد
وكل يرى طـرق الشجاعة والنـدي * ولـكـن طـبـع النـفس للنـفـس قـائـد
نهـبـت من الأعمار مـا لـو حويتـه * لـهـنـئـت الـدنـيـا بـأنـك خـالـــــــــد
فـأنـت حسام الملك والـلـه ضـارب * وأنـت لـواء الـديـن والـلـه عـاقـــد
وقال أبو فراس الحمداني يمدح سيف الدولة وقد ورد عليه رسول ملك الروم يلتمس الفداء من قصيدة :
لعـيـنيـك مـا يـلـقـى الـفـؤاد ومـا لـقـي * وللـحـب مـا لـم يبـق مـني ومـا بـقـي
ومـا كنـت ممـن يدخـل العـشـق قـلـبـه * ولكـن مـن يـبصـر جـفـونـك يـعـشـق
وبين الرضى والسخط والقرب والنوى * مـجـال لـدمـع الـمـقـلـة الـمـتـرقـرق
وغضبي من الإدلال سكرى من الصبا * شـفـعـت إلـيـهـا مـن شـبـابـي بـريـق
وأشـنـب مـعـسـول الـثـنـيـات واضــح * سـتـرت فـمـي عـنـه فـقـبـل مـفـرقـي
واجـيـان غـزلان كـجـيـدك زرنـنــــــي * فـلـم أتـبـيـن عـاطـلا مـن مـطـــــوق
سـقى الـلـه أيـام الصـبى مـا يـسـرهـا * ويـفـعـل فـعـل الـبـابـلـي الـمـعـتــــق
ولـم أر كـالألـحـاظ يـوم رحـيـلـهـــــم * بـعـثـن بـكـل القـتـل مـن كـل مشـفـق
أدرن عــيـونـا حـائـرات كـأنـهـــــــــا * مـركـبـة احـداقـهـا فـوق زئـبــــــــق
عـشـيـة يـعـدونـا عـن النـظـر الـبـكـا * وعـن لـذة التـوديـع خـوف التـفـرق
نـودعـهـم والـبـيـن فـيـنــا كـأنـــــــه * قـنـا ابن أبـي الهيجاء في قلب فيلق
قـواض مـواض نسـج داود عـنـدهـا * إذا وقـعـت فـيـه كـنـسـج الـخـدرنـق
تـقـد عـلـيـهـم كـل درع وجـوشــــن * وتـفـري إلـيـهـم كـل سـور وخـنـدق
يـغــيـر بـهـا بـيـن الـلـقـان وواسـط * ويـركـزهـا بـيـن الـفـرات وجـلـــــق
رأى مـلـك الـروم ارتيـاحـك لـلـنـدى * فـقـام مـقـام الـمـجـتـدي المـتـمـلـق
وخـلـى الـريـاح السمهرية صاغـرا * لا درب مـنـه بـالـطـعـان وأحـــــذق
وكـاتـب مـن ارض بـعـيـد مـرامهـا * قـريـب عـلـى خـيـل حـواليـك سبـق
وقد سار في مسراك منهـا رسولـه * فـمـا سـار إلا فـوق هـام مـفـلـــــق
فـلـمـا دنـا أخـفـى عـلـيـه مـكـانـــه * شـعـاع الحـديـد الـبـارق الـمـتـالـق
واقبل يمشي في البساط فما درى * إلى البحر يسعى أم إلى البدر يرتقي
وكـنـت إذا كـاتـبـتـه قـيـل هــــــــذه * كـتـبـت إلـيـه فـي قـذال الـدمستـق
فـان تـعـطـه مـنـك الأمـان فـسـائـل * وإن تـعـطـه حـد الحسـام فـاخـلـق
بلغـت بسيـف الـدولـة النـور رتـبـة * أنـرت بـهـا ما بين غرب ومشرق
إذا شـاء ان يـلهـو بـلحـيـة أحـمـق * أراه غـبـاري ثـم قـال لـه الـحـــق
ومـا كـمـد الـحـسـاد شـئ قـصـدتـه * ولكنـه مـن يـزحـم البحـر يـغـرق
واطـراق طـرف العيـن ليس بنافع * إذا كان طرف القلب ليس بمطرق
فيـا أيهـا المطلـوب جـاوره تمتنـع * ويا أيهـا المحـروم يمـمـه تـرزق
وقال أبو فراس يمدح سيف الدولة بعد دخول رسول ملك الروم إليه :
دروع لملك الروم هـذي الرسائلُ * يـرد بـهـا عـن نـفسه ويشاغـلُ
أرى كـل ذي مـلـك إليـك مصيـره * كـأنـك بـحـر والـملـوك جـداول
إذا مطـرت منهـم ومنك سحائـب * فـوابـلـهـم طـلُّ وطـلـك وابــــل
أفي كل يوم تحت ضبني شويعر * ضعيفٌ يقاويني قصيٌر يـطـاول
وأتعـب مـن ناداك من لا تجيبـه * وأغيظ من عاداك من لا تشاكـل
وما التيه طبي فيهم غـيـر أنني * بغيـض إلـيَّ الجـاهـل المتـعـاقـل
الفصل السادس : من أعلام بني تغلب
1 - من أعلامهم الزعماء والعلماء
1- عبد الله بن حمدان : أبو الهيجاء ، والد سيف الدولة وناصر الدولة ، وهو أول من تولى الموصل من الأمراء الحمدانيين ، ولاه المكتفي العباسي سنة 293 .
( الكامل في التاريخ : 7 / 539 )
ثم عزله المقتدر العباسي ، فعاد إلى بغداد ، ثم خلع عليه المقتدر وأعاده والياً عليها في السنة التالية . ( الكامل : 8 / 90 ) .
وفي سنة 312 تولى حراسة أمر الحجاج ، فاعترضهم القرامطة في عودتهم فوقع أبو الهيجاء أسيراً في أيديهم . ( الكامل : 4 / 148 ) .
ثم تولى صد هجوم القرامطة عن الأنبار سنة 315 . ( الكامل : 8 / 172 ) . وقتل سنة 317 في فتنة خلع المقتدر العباسي . ( الكامل : 8 / 200 ) .
2 : الحسن بن عبد الله بن حمدان : ناصر الدولة ، أبو محمد ، صاحب الموصل ، حكمها مدة اثنين وثلاثين سنة . ( الأعلام : 2 / 195 ) وهو أخ سيف الدولة وأكبر منه سناً ، وأقدم منزلة عند الخلفاء ، وقد خاض الحسن حروباً في تلك الفترة التي نشبت فيها الصراعات بين حكام المقاطعات ، وصار حكام بني العباس لا يملكون لأنفسهم أمراً ، وانتشر السلب والنهب وقطع الطرق ، وكان ناصر الدولة أحد القادة الأفذاذ ، الذين أمنوا السبل ، واستقامت الأمور .
ثم ولي الحسن بن حمدان ديار ربيعة ، ونصيبين وسنجار والخابور ورأس عين وميافارقين وأرزن ، وضمن ذلك بمال معلوم . ( الكامل في التاريخ : 8 / 217 ) .
ثم كان الحسن إلى جانب الخليفة المقتدر عندما ثار عليه مؤنس الخادم . وكان « شديد المحبة لأخيه سيف الدولة ، وتغير أحواله بعد وفاته وساءت أخلاقه ، وضعف عقله ، فسيره أولاده إلى قلعة أردمشت ، ومات بها سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة ، ودفن بتل توبة شرقي الموصل . وكانت مدة إمارته اثنتين وثلاثين سنة » . ( الوافي بالوفيات : 12 / 57 ) .
3 : الحسن بن علي بن الحسين بن حمدان : أبو العشائر ، وهو ابن عم أبي فراس الحمداني وأب زوجته ، وهو من مشاهير أمراء بني حمدان ، وكان شاعراً مجيداً ، وللمتنبي والسري الرفاء وأبي فراس فيه مدائح كثيرة . وهو الذي عرَّف المتنبي على سيف الدولة ، وله معه قصص . وكان والياً على أنطاكيا وكان يغزو الروم فوقع أسيراً وبقي في أسرهم حتى مات هناك ، فرثاه أبو فراس :
أأبا العشائر لا محلك دارس * بين الضلوع ولا مكانك نازح
إنـي لأعلـم بعـد موتـك أنـه * مـا مـدَّ للإسـراء يـوم صالـح
4 : سعيد بن حمدان : والد الشاعر أبي فراس ، فارس شجاع كان أميراً في نهاوند ( الكامل : 8 / 157 ) ثم عهد له المقتدر العباسي سنة 315بصد غزو القرامطة لمنطقة هيت فحماها منهم ( الكامل : 8 / 173 ) ، ثم عين والياً على النهروان وواسط . ( صلة تاريخ الطبري / 102 ) .
ثم كلف بمهام في بغداد ، ثم ولاه المقتدر الموصل وديار ربيعة وشرط عليه غزو الروم ، وأن يستنقذ ملطية منهم ، فسار منها إلى ملطية ، وبها جمع من الروم ومن عسكر مليح الأرمني ومعهم بني بن نفيس صاحب المقتدر ، وكان قد تنصر وهو مع الروم ، فخافوا من سعيد فأخلوها ودخلها سعيد ، واستخلف عليها أميراً . ثم غزا بلاد الروم في شوال من تلك السنة المذكورة ، وقتل منهم كثيراً . ( الكامل : 8 / 235 ) .
ثم انتدبه المقتدر العباسي سنة 320 لقتال مؤنس الخادم عندما تمرد في الموصل وسار إلى بغداد ، فالتقى معه قرب تكريت ، وقتل في هذه المعركة أخوه داود بن حمدان ( الكامل : 8 / 241 ) .
5 : سليمان بن حمدان بن حمدون : من شجعان بني حمدان ، شارك في حروبهم ، وقال عنه ابن خالويه : كان أبو الوليد سليمان بن حمدان شيخ بني حمدان ، وصاحب الغلب في كل وقعة ، ولعلو شأنه سمي الحرون لذلك ، وفيه يقول أبو فراس :
وعمي الحرون عند قلب كل كتيبة * تخف الجبال وهو للموت صابر
6 : مهلهل بن نصر بن حمدان : أبو زهير ، شهد مع سيف الدولة سنة 339 فتح حصن العيون والصفصاف ، واستشهد في تلك الغزوة ببلاد الروم .
وفي ذلك يقول المهلهل :
لقد سخنت عيون الروم لمـا * فتحنـا عـنـوة حصن العيـون
ودوخـنـا بـلادهـم بــجـــــرد * سواهـم شـزب قـب البطـون
عليها مـن ربـيعـة كـل قـرم * فقيـد المثـل ليس بـذي قرين
وبالصفصاف جرعنا علوجاً * شـداداً منهـم كـأس المنـون
( معجم البلدان : 2 / 256 و : 3 / 413 )
6 : هبة الله بن الحسن : أبو القاسم بن ناصر الدولة ، كان والياً على حران من قبل أخيه ، وعهد إليه سنة 362 قتال الروم بناحية ميافارقين ، فطمع به الدمستق ملك الروم ، وكان الدمستق في كثرة لكن أولاد ناصر الدولة لقوه في مضيق لا تجول فيه الخيل والروم على غير أهبة ، فانهزموا ، وأخذوا الدمستق أسيراً ولم يزل محبوساً إلى أن مرض سنة 363 ، فبالغ أبو تغلب في علاجه وجمع الأطباء له فلم ينفعه ذلك ، ومات . ( الكامل في التاريخ : 8 / 628 ) .
7 : أبو الفضائل بن شريف : تولى إمارة حلب بعد أبيه شريف بن سيف الدولة سنة 381 ، وكان بكفالة لؤلؤ التركي غلام سيف الدولة . فطمع وزير العزيز الفاطمي في حلب فسير إليها جيشاً في ثلاثين ألفاً عليهم منجوتكين التركي ، فكاتَبَ لؤلؤ كاتِب بسيل ملك الروم ، في النجدة على المصريين ، وبعث إليه بهدايا وتحف ، فوصل كتابه وملك الروم يقاتل ملك البلغار ، فبعث إلى نائبه بأنطاكية يأمره بإنجاد لؤلؤ فسار في خمسين ألفاً حتى نزل على العاصي بين أنطاكية وحلب ، فلما بلغ ذلك منجوتكين قصد الروم فنصر الله المسلمين وانهزم الروم ، وتبعهم منجوتكين إلى أنطاكية فأحرق ونهب ضياعها . وعاد منجوتكين إلى حلب فحصرها فعلم لؤلؤ فكاتب منجوتكين وأرغبه في المال ، فقبلوا ورحلوا ، فبلغ العزيز ذلك فشق عليه ، فأرجع منجوتكين في السنة التالية فحاصر حلب ثلاثة عشر شهراً فقلَّت الأقوات واشتد الحصار على لؤلؤ وأبي الفضائل ، فكاتبا ملك الروم ثانياً ، وكان قد توسط بلاد البلغار فجاء بنفسه في مائة ألف ، فلما قرب من البلاد أرسل لؤلؤ إلى منجوتكين يقول : إن الإسلام جامع بيني وبينك وأنا ناصح لكم وقد وافاكم ملك الروم بجنوده . فسار إلى دمشق ووصل ملك الروم فنزل على باب حلب ، وخرج إليه أبو الفضائل ولؤلؤ ثم عادا إلى حلب . ورحل بسيل إلى الشام ففتح حمص وشيزر ونهب وأسر ونازل طرابلس نيفا وأربعين يوماً فامتنعت عليه فعاد إلى بلاده . ولما بلغ الخبر العزيز عظم عليه ونادى في الناس بالنفير لغزو الروم وبرز من القاهرة وحدثت به أمراض منعته وأدركه الموت . ثم إن لؤلؤا دس السم إلى أبي الفضائل على يد زوجته بنت لؤلؤ ، فسمته فمات سنة 391 ، وقام مقامه ولداه أبو الحسن علي وأبو المعالي شريف أياماً ، ثم حملا إلى مصر ، وبهما ختمت سلطنة آل حمدان ، وحكم لؤلؤ حلب حتى توفي سنة 399 .
الحسن بن الحسين بن عبد الله : الأمير المعروف بناصر الدولة وسيفها ذو المجدين ، المقتول بمصر سنة 465 ، وهو من أحفاد ناصر الدولة . ولي إمارة دمشق من قبل المستنصر العلوي صاحب مصر سبع سنين ثم استدعاه إلى مصر ( تاريخ دمشق : 13 / 77 ) وارتفع مقامه عند المستنصر الفاطمي حتى صار من كبار القادة ، إلى أن قتل سنة 465 ه في فتنة داخلية نشبت بين الأتراك والعبيد فقتله القادة الأتراك ( الكامل : 10 / 80 ) . وبموته انتهى ملك بني حمدان .
9 : عبد الأعلى بن حصين التغلبي : تابعي يروي عن وقاص عن سلمان الفارسي ، وعن أنس بن مالك وعن أبيه . : 141 )
10 : عبد السلام بن أحمد بن علي بن حبة الخزاز : من شيوخ الشريف محمد بن علي بن الحسن العلوي الشجري ،
11 : الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن حمدون : الكاتب ، من نسل سيف الدولة بن حمدان . عاش في المدائن وتوفي سنة 608 ،
كان من الأدباء العلماء طاهر الأخلاق ، حسن الصورة ، محباً للكتب واقتنائها ، ثم تقاعد به الدهر فأخذ يبيعها وهو يبكي عليها كالمفجوع بأحبائه . ألف كتباً ولم يجسر على أظهارها خوفاً من محيطه المخالف لمذهبه . وكان آخر من بقي من هذا البيت ، ولم يخلف إلا ابنة يسمى زوجها ابن الدوامي .
2 - من أعلامهم الرواة
1 : حصين التغلبي : روى عن أسماء بنت عميس أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : أقول كما قال أخي موسى : رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي . وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي . وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي . يَفْقَهُوا قَوْلِي .
2 : حفص بن عمرو بن بيان التغلبي : من أصحاب الصادق ( رجال الطوسي : 189 )
3 : أبو المرجى بن محمد بن المعمر التغلبي : روى عنه النعماني في كتاب الغيبة
4 - جندل بن والق بن هجرس : وثقه ابن حبان في الثقات : 8 / 168 ، روى عنه أبو زرعة وأهل العراق ، روى عنه الصدوق في العلل ( 1 / 1779 ) وفي المناقب لمحمد بن سليمان عن أبي سعيد . مات سنة 226 ه - .
( معجم الرجال والحديث : 2 / 35 ) .
5 - حبيب بن الحسين التغلبي : من شيوخ والد الصدوق ( رحمه الله )
6- إبراهيم بن الحسن التغلبي : روى عنه الحسكاني حديث تصدق علي بالخاتم بثلاث وسائط ، عن جابر . ( شواهد التنزيل : 1 / 225 ) .
7 - أحمد بن التغلبي : .
8 - وذكر الشيخ الطوسي : إسماعيل بن محمد التغلبي والفضيل بن فضالة ، ومحمد بن الأسود التغلبي ، ومحمد بن زهير التغلبي ، ومحمد بن طارق التغلبي .013 - ومحمد بن يحيى بن أبي مرة : « قال : مررت بجعفر بن عفان الطائي فرأيته على باب منزله فسلمت عليه فقال : مرحباً بك يا أخا تغلب ، أجلس فجلست إليه ، فقال : ألا تعجب من مروان بن أبي حفصة شاعر بني العباس :
أنى يكون وليس ذاك بكائن * لبني البنات وراثة الأعمام
فقلت : والله إني لأتعجب منه وأُكثر لذلك ! فهل قلت في ذلك شيئاً ؟ فقال : نعم قلت فيه :
لـم لا يـكـون وإن ذاك لـكـائــــنٌ * لـبـني الـبـنات وراثـة الأعـمـامِ
لـلـبـنـت نصـفٌ كامـلٌ مـن مالـه * والـعـم مـتـروكٌ بـغـيـر سـهـام
مـا لـلـطـليـق ولـلـتـراث وإنـمـا * صلى الطليق مخافة الصمصام
وسبب هذه الأبيات أن العباسيين ادعوا أنهم أولى بإرث النبي ( صلى الله عليه وآله ) من بني علي وفاطمة ، لأن العم أولى من البنت ! فأجابهم التغلبي
( رحمه الله ) بأن العم خارجٌ من الإرث في الإسلام مع وجود الأبناء والبنات . والعباس خارج من الإرث المعنوي للنبي ( صلى الله عليه وآله ) لأنه لم يهاجر فانفصمت ولايته ، بل هو طليق لأنه خرج مع المشركين لحرب النبي في بدر ، وأسر وأطلق .
3 - من أعلامهم الشعراء
1 : عمرو بن كلثوم العتابي : أحد الشعراء الجاهليين الكبار من أصحاب المعلقات ، كان فارساً شجاعاً ساد قومه ، وهو الذي قتل عمرو بن هند اللخمي ملك الحيرة .
( الأعلام : 5 / 84 )
2 : المهلهل بن ربيعة : الملقب بالزير سالم ، واسمه عدي بن ربيعة بن مرة ، وهو الذي هيج حرب البسوس مع بني شيبان بعد مقتل أخيه كليب ، وهو خال الشاعر امرئ القيس . ( المصدر السابق : 4 / 220 ) .
3 : غياث بن غوث : الأخطل التغلبي ، شاعر نصراني مدح ملوك بني أمية ونادمهم ، وتهاجى مع جرير والفرزدق . ( المصدر : 5 / 123 ) .
4 : الحارث بن سعيد : أبو فراس الحمداني ، من بطن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل ، وهو من فرسان السيف والقافية ، قال الثعالبي في يتيمة الدهر ( 1 / 75 ) « كان فرد دهره وشمس عصره ، أدباً وفضلاً وكرماً ونبلاً ومجداً وبلاغةً وبراعةً وفروسيةً وشجاعة . وشعره مشهور سائر بيِّن الحسن والجودة والسهولة والجزالة والعذوبة والفخامة والحلاوة والمتانة ومعه رواء الطبع وسمة الظرف وعزة الملك . وكان الصاحب ( بن عباد ) يقول بدء الشعر بملك وختم بملك ، يعني امرأ القيس وأبا فراس ، وكان المتنبي يشهد له بالتقدم والتبريز ، ويتحامى جانبه فلا ينبري لمباراته ، ولا يجترئ على مجاراته » .
ولد أبو فراس في بيت أدب ورئاسة سنة 320 ، وكان في الثالثة من عمره حين قتل والده في صراع على السلطة مع أعمامه . ونشأ أبو فراس يتيماً يعطف عليه ابن عمه سيف الدولة علي بن حمدان . وعندما حكم حلب اصطحبه معه ليتمرس في العلم والأدب والفروسية ، فحضر مجالس الفارابي ، والمتنبي ، والسري بن أحمد الموصلي ، وأبي الفرج الببغاء ، وأبي الفرج الوأواء وأبي اسحق ، وإبراهيم بن هلال الصابي . واصطحبه سيف الدولة في غزواته وأعطاه إمارة منبج ، فكان يغزو الروم ، فنصبوا له كميناً وأسروه سنة 351 ، فطلبه ملكهم الدمستق فدية ثقيلة ، فطال أسره أربع سنوات ، ونظم في الأسر قصائده الروميات ، ثم فداه سيف الدولة بمال عظيم .
5 : عمير بن شييم القطامي : شاعر غزل أدرك الأخطل صغيراً .
( المصدر السابق : 5 : 88 )
6 : كعب بن جعيل : مخضرم ، كان في صفين شاعر معاوية .
7 : الأخنس بن شهاب : جاهلي شجاع ، حضر حرب البسوس .
8 : جابر بن حنَّه بن حارثة : طاف ببادية العراق وذكرها في شعره ، وصحب امرئ القيس في سفره إلى بلاد الروم .
9 : عمرو بن الأيهم : عاصر الأخطل ، وحضر حرب تغلب وقيس .
10 : النابغة التغلبي الحارث بن عدوان . ( خزانة الأدب : 2 / 122 ) .
11 - أحمد بن محمد بن علي بن يحيى بن صدقة التغلبي ، ابن الخياط الدمشقي : شاعر مجيد طاف بالبلاد ، له ديوان طبع في النجف سنة 1343 . توفي سنة 517 . ( الذريعة : 9 ق 1 / 21 ) ( وفيات الأعيان : 1 / 145 )
4 - من أعلامهم العلماء
قال محمد كرد علي في خطط الشام : « وكان حكم بني حمدان وظهر من الحمدانيين علماء ، منهم محمد بن علي الحمداني ، ومحمد بن حمدان بن محمد الحمداني ، ومحمد بن ظافر الحمداني ، ومحمد بن سليمان الحمداني ، ومحمد بن عمار ، والمظفر بن علي بن الحسين ، وناصر بن أبي طالب الحمداني ، وهبة الله بن حمدان بن محمد ، وترجم لهم في أمل الآمل .
5 - من مشاهير نساء بني تغلب
1 : خولة بنت الهذيل بن هبيرة : تزوجها النبي ( صلى الله عليه وآله ) فجاؤوا بها إليه لكنها ماتت في الطريق . ( المحبر : محمد بن حبيب البغدادي : 93 )
2 : الصهباء بنت حبيب بن ربيعة : تزوجها أمير المؤمنين علي ، فأولد منها عُمر بن علي ورقية ، قيل كانت سبية من عين التمر . محمد بن سليمان الكوفي : 2 : 49 )
3 : بهجت بنت الحارث بن عبد الله التغلبي : روت عن خالها عبد الله بن منصور
4 : جميلة بنت ناصر الدولة : اشتهرت بالكرم والعقل والجمال . لم تتزوج أنفة من أن يتحكم بها الزوج . ولما تغلب عضد الدولة البويهي على أخيها أمير الموصل ، فرت مع أخيها إلى الرملة ، فخرج عليهم دغفل بن مفرج أمير طئ فقتل أبا تغلب ، وحمل جميلة إلى عضد الدولة فألقاها في دجلة فماتت غرقاً . ( الأعلام : 2 / 139 )
5 : تقية بنت سيف الدولة : عالمة أديبة ، بعثت بعشرة آلاف دينار لينسخوا لها ديوان الشريف الرضي ( رحمه الله ) . ( الغدير : 4 / 200 ) .
6 - من موالي بني تغلب
من أبرز مواليهم : آل حيان التغلبي ، وهم بيت كبير في الكوفة يعملون بالصيرفة ، منهم : إسحق بن عمار بن حيان الصيرفي وإخوته : إسماعيل ، وقيس ، ويوسف ، ويونس . وأولادهم : محمد ، ويعقوب ابنا إسحق ، وبشر وعلي ابنا إسماعيل ، وعبد الرحمن بن بشر ، ومحمد بن يعقوب بن إسحاق ، وعلي بن محمد بن يعقوب . وأبوهم عمار بن حيان من أصحاب الحديث روى عن الصادق وإسحق بن عمار ، وإسماعيل بن عمار ، ويونس بن عمار ، وبشر بن إسماعيل ، وأحمد بن بشر بن عمار ، وعبد الرحمن بن بشر ، كلهم من أصحاب الصادق أما علي بن إسماعيل بن عمار ، فهو من أصحاب الكاظم . ( تاريخ الكوفة : البراقي : 455 )
وفي الفوائد الرجالية : 1 / 287 : « وإسحاق بن عمار بن حيان من المشاهير الأعيان ، وكان هو وأخوه إسماعيل وجهين موسرين .
كان أبو عبد الله إذا رأى إسحاق بن عمار وإسماعيل بن عمار قال : وقد يجمعهما لأقوام ! يعني الدنيا والآخرة . . .
وقد خصصنا كل كتيب بقبيلة ، لنقدم صورة عامة عنها وترجمة مختصرة لأبرز شخصياتها .
ونأمل ان يتيسر لنا أن نعضد ذلك بفيلم وثائقي ، يصور مشاهد عن كل قبيلة من مناطقها ، ومقابلات مع شخصياتها وجمهورها ، لتكون الحجة أبلغ ، وتعرف شعوبنا العربية
انتهى ملخص ما ذكر في مقدمة كتاب تغلب اسوق هذه النبذة عن تاريخ قبيلة تغلب ونسبها وأماكن تواجدها في الزمان والمكان وفي عصر وجود تغلب في تلك المناطق فأن قبيلة عنزة التي من سلالتها ضنا بشر وضنا مسلم كانت في خيبر وضواحي المدينة كما أن قبيلة تغلب لم تسكن في خيبر وبكر كذلك فمن أين لفقت الرواية الكاذبة التي تدعي أن قبيلة ضنا بشر وهم عنزة كيف صاروا تغلب ؟ وضنا مسلم وهم من عنزة كيف صاروا بكر ؟ ومن يصدّق بهذه المقولة الباطلة