الحق والحق يقال : أن كتاب أصدق الدلايل في أنساب بني وايل ، لمؤلفه الاستاذ الأديب الكبير - عبد الله بن عبار العقاري الفدعاني العنزي ، هو حقا كتاب القرن العشرين لمن غابه عنه معرفة اليقين في أنساب ربيعة الفرس عامة ، وقبيلة عنزة خاصة ، بل لم ولن يأتي أحدا بمثله خصوصا بما يخص بطون وفخوذ وفصايل عنزة بن أسد اليوم ، ولسبب بسيط ، هو أن مؤلفه قد جمعه في وقت توافرت فيه جماهير قبيلة عنزة من كبار السن وحفاظ أنساب عنزة قبل ذهابهم وانقراض جلهم من الحياة الفانية ، ولن تتوفر هذه الفرصة لغيرة ابدا البتة ، ولو اجتهد من أجتهد في ما قام به المؤلف الكريم من جمع للمعلومة وتوثيقها وتنقيحها وطبعها ، بل له اليد الطولا في ذلك ، ولن يبلغ في ذلك أحد غير مهما بلغ من جده واجتهاده ، وأن كل من تعرض لكتاب بن عبار بنقد وتشويه ، أو المطالبة بوقفه لسبب غير علمي فهو مأزورا غير مأجور ، ولم أرى من أهل السابقة العلمية من فعل ذلك وحذر من بعض المصادر الا ما تعلق بأمر العقيدة والتوحيد ، وأما بالنسبة لكتب التاريخ والادب والانساب ، فللعلماء طريقتهم بنقدها بالطريقة العلمية لا انتقادها ، أو انتقاد مؤلفيها والحط من مراتبهم ، فالعلماء الراسخين في العلم لهم طريقتهم بالنقد كتدوين الملاحظة مع أصل الكتاب بدون تغيير أو اختصار مخل ، أو القيام بالاستدراك والاضافة مع الاحتفاظ بالاصل كما اسلفنا ، وكذلك ذكر المؤلفين بالذكر الحسن ، ونقدهم من غير التعرض لذواتهم كما يفعل من يجهل العلم وأهله ممن تصدر لتخصص ليس له به فقه أو ادرى معرفة ، فأعود وأقول : لا يعلم قدر المؤلف بن عبار وكتابه الا من يأتي بعده بقرون ، فهانحن نتخبط خبط عشواء بأنساب قديمة لم نجد ما يزيح عنها الظلمة ككتاب بن عبار ، فكيف لو طال بنا الامد في حضارتتا اليوم وأتى جيل لا يعلم عن نسبه الا أماني ولم يجد كتاب بن عبار عن انساب عنزة أمامه ؟!
هذه نبذة بسيطة هنا أحاول بها ان اضع شهادة حق حول هذا الكتاب وعظيم قدره ومرتبة مؤلفه في بابه ، وأبريء نفسي أمام الله ممن تعدا على الرجل وكتابه ممن تعدا الكتاب الى ذات مؤلفه واشتغل به وترك الاصل وهو النقد العلمي والاستدراك والملاحظة وأرشاد المؤلف الى ما يلزم من أضافة ، خصوصا وهو حي يرزق ، والله ولي الصالحين .