«بئر هداج» في تبوك السعودية تروي تيماء منذ 2500 عام
يعود تاريخها إلى منتصف الألف الأول قبل الميلاد وتعد من أقدم الآبار وأكبرها عالمياً
| «بئر هداج» («الشرق الاوسط») |
|
تبوك: علي الميداني
مع كل عيد يتجمع الصغار والكبار من أهالي تيماء ليغتسلوا في مياه بئر هداج، ويستمتعون بأوقاتهم هناك. وتقع هذه البئر في مدينة تيماء التابعة لمحافظة تبوك شمال غربي السعودية. وكانت قديماً محط راحة للحجاج القادمين من الشام وإيران وتركيا. وتعتبر من أكبر الآبار النابعة في العالم، إذ يبلغ محيط فوهتها 65 مترا، ويرجع وجودها إلى منتصف الألف الأول قبل الميلاد. يقول يعرب العلي، مدير متحف الآثار في تبوك لـ«الشرق الأوسط»، إن تاريخ البئر يعود إلى منتصف الألف الأول قبل الميلاد، وذلك اعتمادا على مقارنة طريقة بنائها مع العديد من المعالم الأثرية المؤرخة مثل قصور الرضم والسور والحمراء التي تعود إلى العهد البابلي شمال الجزيرة العربية. وتقع بئر هداج وسط تيماء القديمة، وهي أحد أهم آثار السعودية. وعن مسمى بئر هداج، يذكر الدكتور عبد الرحمن الأنصاري، خبير الآثار السعودي، في كتاباته إن هناك صلة بين لفظ «هداج» واسم «هددو» او «أدد»؛ إله الماء لدى الساميين، وخاصة الآراميين الذين استوطنوا تيماء أوائل الألف الأول قبل الميلاد. كما تعرف البئرُ باسم شيخ الجوية، بمعنى شيخ الآبار وكثيرا ما يطلق على الرجل الكريم، هداج تيماء. ولبئر هداج أهميتها إذ جعلت من تيماء مدينة زراعية كثيرة النخيل، وذلك لسعة ووفرة وعذوبة مائها حيث كان يشربها سبعة وسبعون جملا في وقت واحد. وتعتمد البئر على إنتاجية العين الموجودة في زاويتها الجنوبية الغربية، والتي لا زال ماؤها يتدفق حتى وقتنا الحاضر، وتنتقل المياه إلى المزارع بواسطة واحدة وثلاثين قناة تبدأ من حواف البئر وتتفرع لتصل إلى بساتين تيماء في مختلف مواقعها. وتغير حجم البئر مع المراحل الزمنية التي مرت عليها، فقد كان أكبر سعة من وضعها الحالي، إذ يذكر انه حين أعيد بناء جداره الشمالي قبل أكثر من 50 عاما، تبين وجود جدار آخر خلف الجدار الساقط، وأن حجارته كانت حمراءَ ومتآكلة مما يؤكد أن حدوده كانت قبل 2500 سنة أكثرَ اتساعٍ مما هي عليه البئر الآن. كما أن البئر تعرضت للطمر بعد حادثة الطوفان الذي أزال الكثير من القصور. ووصف الشاعر امرؤ القيس القوة التدميرية للطوفان بقوله: وتيماء لم يترك بها جدع نخلة.. ولا أطماً إلا مشيداً بجندل وتعتبر بئر هداج من أهم المعالم الحضارية القائمة على المستوى العالمي، إذ لا يوجد ما يماثلها، ولم يعرف العالم أضخمَ ولا أشهرَ منها منذ العصور القديمة. كما أنها مقصدُ الكثيرِ من زوار مدينة تيماء وضواحيها.