1- عيادة المريض سنة مؤكدة ومن أهل العلم من قال أنه فرض واجب للحديث
*- قال – صلى الله عليه وسلم - حق المسلم على المسلم ست - إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه - قال الحافظ في الفتح " وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَعْنَى " الْحَقّ " هُنَا الْوُجُوب خِلَافًا لِقَوْلِ اِبْن بَطَّال : الْمُرَاد حَقّ الْحُرْمَة وَالصُّحْبَة ، وَالظَّاهِر أَنَّ الْمُرَاد بِهِ هُنَا وُجُوب الْكِفَايَة " أي إذا قام به البعض سقط عن الآخرين
*- وقال –صلى الله عليه وسلم - إن الله عز وجل يقول يوم القيامة يا ابن آدم مرضت فلم تعدني قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين قال أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين قال أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني قال يا رب وكيف أسقيك وأنت رب العالمين قال استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي رواه مسلم
*- معنى الحديث : قال في العيادة لوجدتني عنده وفي الإطعام وكذا السقي لوجدت ذلك عندي إرشادا إلى أن الزيارة والعيادة أكثر ثوابا منهما ، سر ذلك أن المريض لا يروح إلى أحد بل يأتي الناس إليه فناسب قوله لوجدتني عنده بخلاف ذينك فإنهما قد يأتيان لغيرهما من الناس
لوجدتني عنده أي وجدت ثوابي وكرامتي – وهي أقرب من ثواب الطعام والشراب ، وإن كان ثوابهما لا يستخف به
*- وجاء عنه – صلى الله عليه وسلم أنه قال - خمس من فعل واحدة منهن كان ضامنا على الله عز وجل منها : من عاد مريضا – وفي رواية لعائشة ولفظه قال خصال ست ما من مسلم يموت في واحدة منهن إلا كان ضامنا على الله أن يدخل الجنة فذكر منها ورجل في بيته لا يغتاب المسلمين ولا يجر إليهم سخطا ولا نقمة ، ورواية معاذ بن جبل " من جاهد في سبيل الله كان ضامنا على الله ومن عاد مريضا كان ضامنا على الله ومن غدا إلى المسجد أو راح كان ضامنا على الله ومن دخل على إمام يعزره كان ضامنا على الله ومن جلس في بيته لم يغتب إنسانا كان ضامنا على الله
*- وجاء عنه أيضاً عليه الصلاة والسلام أنه قال لأصحابه يوما " من أصبح منكم اليوم صائما فقال أبو بكر أنا فقال من أطعم منكم اليوم مسكينا --- من تبع منكم اليوم جنازة --- من عاد منكم اليوم مريضا --- فقال – ص- ما اجتمعت هذه الخصال قط في رجل إلا دخل الجنة
*- وجاء عنه –صلى الله عليه وسلم - أنه قال " من عاد مريضا ناداه مناد من السماء طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا " .
*- وقال أيضاً " إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع قيل يا رسول الله وما خرفة الجنة قال جناها "
*- وقال " إذا عاد الرجل أخاه المسلم مشى في خرافة الجنة حتى يجلس فإذا جلس غمرته الرحمة فإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي وإن كان عشيا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح " .
*- و قال " من قال لا إله إلا الله والله أكبر صدقه ربه فقال لا إله إلا أنا وأنا أكبر وإذا قال لا إله إلا هو وحده قال يقول لا إله إلا أنا وحدي وإذا قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له قال يقول صدق عبدي لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي وإذا قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد قال يقول لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد وإذا قال لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله قال لا إله إلا أنا ولا حول ولا قوة إلا بي وكان يقول من قالها في مرضه ثم مات لم تطعمه النار "
*- وجاء أيضاً " من قال لا إله إلا الله والله أكبر - لا إله إلا الله وحده - لا إله إلا الله ولا شريك له - لا إله إلا الله له الملك وله الحمد - لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله يعقدهن خمسا بأصابعه ثم قال من قالهن في يوم أو في ليلة أو في شهر ثم مات في ذلك اليوم أو في تلك الليلة أو في ذلك الشهر غفر له ذنبه
*- الدعاء للمريض منها " تقول سبع مرات " أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك "
*- تلقين المحتضر : فإذا حضره الموت، فعلى من عنده أمور:
أ - أن يلقنوه الشهادة، لقوله صلى الله عليه وسلم: " لقنوا موتا كم لا إله إلا الله، (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوما من الدهر، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه) ".
وكان يقول:
" من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة "، وفي حديث آخر: " من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ".أخرجها مسلم في صحيحه، والزيادة في الحديث الاول عند ابن حبان
ب، ج - أن يدعوا له، ولا يقولوا في حضوره إلا خيرا، لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا حضرتم المريض أو الميت، فقولوا خيرا، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون " أخرجه مسلم والبيهقي وغيرهما.
- وليس التلقين ذكر الشهادة بحضرة الميت وتسميعها إياه، بل هو أمره بأن يقولها خلافا لما يظن البعض، والدليل حديث أنس رضي الله عنه:
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من الانصار، فقال: يا خال! قل: لا إله إلا الله، فقال: أخال أم عم؟ فقال: بل خال، فقال: فخير لي أن أقول: لا إله إلا الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم ".أخرجه الامام أحمد بإسناد صحيح على شرط مسلم.
- وأما قراءة سورة (يس) عنده، وتو جيهه نحو القبلة فلم يصح فيه حديث، بل كره سعيد بن المسيب توجيهه إليها، وقال: " أليس الميت امرأ مسلما!؟ " وعن زرعة بن عبد الرحمن أنه شهد سعيد بن المسيب في مرضه وعنده أبو سلمة بن عبد الرحمن فغشي على سعيد، فأمر أبو سلمة أن سلمة أن يحول فراشه إلى الكعبة.
فأفاق، فقال: حولتم فراشي!؟ فقالوا نعم، فنظر إلى أبي سلمة فقال: أراه بعلمك ؟ فقال: أنا أمرتهم! فأمر سعيد أن يعاد فراشه.إخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن زرعة.
- ولا بأس في أن يحضر المسلم وفاة الكافر ليعرض الاسلام عليه، رجاء.
أن يسلم، لحديث أنس رضي الله عنه قال: " كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده؟ فقال له أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار، (فلما مات، قال: صلوا على صاحبكم) ".أخرجه البخاري
*- إذا مات المسلم فإنه ينبغي على من عنده عدة أشياء
ا - فإذا قضى وإسلم الروح، فعليهم عدة أشياء: أ، ب - أن يغمضوا عينيه، ويدعوا له أيضا لحديث أم سلمة قالت: " دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة، وقد شق بصره، فأغمضه ثم قال: إن الروح إذا قبض تبعه البصر، فضج ناس من أهله فقال: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فان الملائكة يؤمنون على ما تقولون، ثم قال: اللهم اغفر لابي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه ".أخرجه مسلم وأحمد
د - وهذا في غير من مات محرما، فإما المحرم، فإنه لا يغطى رأسه ووجهه لحديث ابن عباس قال: " بينما رجل واقف بعرفة، إذ وقع عن راحلته فوقصته، أو قال: فأقعصته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين (وفي رواية: في ثوبيه) ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه (ولا وجهه)، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا ". أخرجه الشيخان
2- أن يلينوا مفاصله لكي لا تتصلب فيصعب غسلها .
3- أن يغطوه بثوب يستر جميع بدنه ، حيث سجي – أي غطي رسول الله صلى الله عليه وسلم لما توفي ببردة حبرة ، أي ثوب مخطط .
4- أن يعجلوا بتجهيزه والصلاة عليه ودفنه وخاصة في الصيف لئلا يتلف من الحر .
--- غسل الميت ---
1- أولى الناس بغسل الميت وصيه – أي الذي أوصى له الميت بغسله - .
2- الأنثى تغسلها وصيتها ثم أمها ثم ابنتها ثم القربى فالقربى .
3- الذكر يغسله وصيه ثم أبوه ثم الأقرب فالأقرب .
4- للزوج أن يغسل زوجته لقوله عليه الصلاة والسلام لعائشة " ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك " وللزوجة أن تغسل زوجها لأن أبا بكر أوصى أن تغسله زوجته .
5- للرجل والمرأة غسل من له أقل من سبع سنين سواء كان ذكرا أو أنثى .
--- كيفية غسل الميت ---
1- يسن عند تغسيل الميت أن يستر عورته ثم يجرده من ثيابه ويستره عن عيون الناس ، ثم يرفع رأسه إلى أقرب جلوسه ، ويعصر بطنه برفق ليخرج الأذى منه ويكثر صب الماء حينئذ ليذهب ما يخرج من الأذى .
2- يلف الغاسل على يده خرقة أو قفاز فينجي بها الميت – أي يغسل فرجيه دون أن يرى عورته أو يمسها – ثم يسمي ويوضؤه كوضوء الصلاة لقوله عليه الصلاة والسلام لغسالات ابنته زينب " ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها " .
3- لا يدخل الغاسل الماء في أنف الميت ولا فمه وإنما يدخل اصبعيه ملفوفاً بهما خرقة مبلولة بين شفتي الميت فيمسح أسنانه وفي منخريه فينظفهما .
4- يستحب أن يغسل برغوة السدر رأسه ووجهه وباقي السدر لجسده يغسل جانبه الأيمن من جهة الأمام ومن جهة الخلف وهكذا يفعل بجانبه الأيسر للحديث السابق " ابدأن بميامنها " إذا تعذر السدر فالصابون يحل مكانه أو الشامبو " ويستخدم قطعة ليف ناعم أو اسفنج لتدليك الجسم .
5- يغسل ذلك الصابون بالماء مع دلك باليد إلا عند العورتين بالقفازات ويعم الماء الجسد كله .
6- إذا احتاج الأمر لغسله ثانية بالصابون فلا بأس ثم يغسل بالماء لقوله عليه الصلاة والسلام للغسالات " اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك .
7- يسن أن يجعل في الغسلة الأخيرة كافورا - أي في الماء بعد غسله من الصابون بماء نظيف ، ثم نجعل الكافور بوعاء آخر من ماء فيسكب فوق الميت فيكون وتراً -
لقوله عليه الصلاة والسلام للغسالات " واجعلن في الاخرة كافورا أو شيئا من كافور" والكافور من أنواع الطيب بارد تطرد رائحته الحشرات .
8- يظفر شعر المرأة ثلاث ظفائر بعد أن ينقض في أول الغسل ويسدل وراء ظهرها لقول أم عطية عندما غسلت زينب ابنة النبي صلى الله عليه وسلم " فضفرنا شعرها ثلاثة قرون فألقيناها خلفها " . ، وإذا سقط شيء من شعر الميت فيوضع في الكفن .
9- تنشيف الميت بعد غسله ، ثم يوضع على عورته قطعة قماش ناشفة غير الأولى .
ملاحظة :
* ليس من السنة توجيه الميت إلى القبلة أثناء الغسل ، وإنما يكون ذلك في قبره .
* إذا خرج من الميت أذى بول أو غائط بعد سبع غسلات فإنه يحشى فرجه بقطن ثم يغسل المحل المتجنس ثم يوضأ الميت ، أما إذا خرج الأذى بعد تكفينه فإنه لا يعاد غسله لأن فيه مشقة .
--- تكفين الميت---
1- يجب تكفين الميت ويكون ثمنه من مال الميت لأمره عليه الصلاة والسلام بذلك.
2- يستحب في الكفن أن يكون ثلاث لفائف بيضاء غير شفافة تغيب الرأس والقدمين
--- طريقة التكفين ---
1- يُرَش شيء من ماء الورد على الكفن ثم يُبَخَّر فوق مبخرة مسك .
2- ثم تُبسَط بعضها فوق بعض – أي اللفائف - .
3- رفع الميت ووضعه على الكفن فوق اللفائف .
4- يستحب ربط خرقة عليها قطن يوضع عليها حنوط وهو طيب خاص بالموتى وإذا تعذر الحنوط فيوضع مسك أو أي نوع من أنواع الطيب الزيتي ، فتغطى بها عورة الميت من الأمام والخلف – أي كالحفَّاظ – لئلا تخرج منه رائحة كريهة .
5- يستحب وضع الحنوط أو أي نوع من أنواع الطيب على منافذ وجه الميت عينيه ، ومنخريه وشفتيه وأذنيه وعلى مواضع السجود وإذا طيب جميع الجسد فلا حرج .
6- يرد الطرف اللفافة الأولى على شقه الأيمن ، ثم طرفها الآخرعلى شقه الأيسر ثم يفعل باللفافة الثانية مثلما فعل الأولى ، ثم الثالثة ثم تسحب الفوطة التي كانت تغطي العورة ، ثم تعقد الربطات على الكفن ويستحب أن تكون سبع ربطات حتى لا تتفرق
7- ما يزيد من الكفن عند رأس الميت يرد على الرأس والوجه ، وكذلك ما زاد على الرجلين يرد ثم يربط بعد ذلك .
8 - وتحل الأربطة بعد ادخال الميت القبر دون كشف للوجه إلا من مات وهو محرم بالحج .
* وأخيراً : نذكر بثواب المغسل عند الله تعالى مشروطان بشرطين اثنين :
1- : أن يستر عليه ولا يحدث بما قد يرى من المكروه لقوله صلى الله عليه وسلم : "من غسل مسلما فكتم عليه غفر له الله أربعين مرة ومن حفر له فأجنه أجري عليه كأجر مسكن أسكنه إياه إلى يوم القيامة ومن كفنه كساه الله يوم القيامة من سندس واستبرق الجنة " .
2- : أن يبتغي بذلك وجه الله لا يريد به جزاء ولا شكورا ولا شيئا من أمور الدنيا قال صلى الله عليه وسلم " إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا وابتغي به وجهه " .
نسأل الله أن يحسن خاتمتنا أجمعين