هنا سنورد بعض المقتطفات التي وردت في الكتاب الإلكتروني الذي شرفنا به الأخ الكريم الحوراني مشكوراً :
* * *
مقدمــــة
عندما أردت البحث عن تاريخ القبائل ودورها في منطقة حوران وجنوب بلاد الشام لم أوفق في إيجاد مصدر جامع لها يتكلم عنها بإسهاب وبالذات خلال الفترة العثمانية، وعلى اعتبار أن البادية هي جزء لا يتجزأ من حوران وأن قبائلها قد ساهمت بشكل أو بآخر بالأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية فيها فإنني قد قمت بإعداد هذا الكتاب البسيط في مادته والمتواضع في حجمه لأتكلم فيه عن قبيلتي ودورها في هذه المنطقة من حوران.
وأرجو أن يكون هذا البحث حافز لكل غيور من أبناء هذه البادية للقيام بالكتابة عن قبيلته لأن أهل مكة أردى بشعابها، كما يقول المثل ولنوجد في المحصلة تاريخ مشترك لهذه المنطقة حتى تقرأه الأجيال القادمة وذلك لنأخذ الجانب الحسن منه ونترك الجانب السيء في سبيل تقدم هذه الأمة خطوة إلى الأمام.
ويعتبر جل ما ذكر في هذا البحث منقولاً عن مصادر ومراجع معتمدة أثبتها في الهامش وجمعتها في آخر البحث وكان دوري هو جمع وتحرير وإعادة صياغة هذه الأحداث المتفرقة في بطون أمهات الكتب لتكون مادة واحدة ليسهل قراءتها وتتبع أحداثها للمهتمين.
ولقد قمت بتقسيم هذا البحث إلى أربعة فصول تحدثت في الفصل الأول وباختصار عن منطقة حوران وسكانها منذ القدم وحتى الآن، ثم تحدثت عن الإمارة الطائية في بلاد الشام وعلاقة عشائر السردية بها وبقبائل المنطقة.
وفي الفصل الثاني والثالث تحدثت عن تاريخ عشائر السردية منذ بدايات القرن السادس عشر وحتى نهاية القرن التاسع عشر.
أما في الفصل الرابع والأخير تحدثت عن تاريخهم في القرن العشرين ومشاركتهم بالأحداث السياسية سلباً أو إيجاباً ثم عن استقرارهم في محافظة المفرق في المملكة الأردنية الهاشمية.
وأخيراً، فإذا أخطأت فمني وإذا وفقت فما توفيقي إلا بالله.
شلاش عمير عيد الدبيس السردية
* * *
الفصل الأول
عشائر السردية وتاريخهم في بلاد الشام
إقليم حوران :
حوران إقليم جغرافي متكامل يضم الهضبة الواقعة بين حوض دمشق في الشمال، ومنخفض وادي اليرموك وجبال عجلون ومنخفض وادي الأزرق ووادي السرحان في الجنوب والجنوب الشرقي، كما تمتد بين جبل الشيخ وهضبة الجولان في الغرب، والجنوب الغربي والبادية من الشرق، ولقد كانت حوران إدارياً تضم جبل العرب، وجبل الجادور، وجبال اللجاه، وجبال الجولان، وعجلون، وسهل عجلون وسهل حوران وسهل النقرة 1.
أما تسمية حوران فيعتقد أنها جاءت من اللغة الآرامية (حوريم: بلد الكهوف، أو من اللغة السبئية " بمعنى البلد الأسود) أما الأشوريون فسموها (حورانو: أي النقرة) في حين سماها اليونان والرومان " اورانتيس "، وقد ورد ذكرها في التوراة باسم " باشان، باثان: بلد العجول السمينة" كما سميت بلاد العمالقة، أما العرب في الجامعلية فسموها حوران بمعنى الملجأ أو الكهف 2.
سكان حوران عبر العصور :
1- الرفائيون " العمالقة " : ينتسبون إلى جدهم رافا الجبار وهم آراميون سموا بالجبابرة، سكنوا حوران منذ 2500 ق. م. والمشهور من ملوكهم الملك عوج الجبار ملك حوران الذي كان طول سريره حوالي خمسة أمتار وعرضه أربعة أذرع 3.
2- الآموريون: ينتسبون إلى آموري رابع أولاد كنعان، ويعني إسمهم سكان الجبال وهم من أقوى القبائل حيث اشتهروا ببسالتهم، وسطوتهم وطول قاماتهم ومن ملوكهم " سيحون " وقد شاركهم بسكنى حوران قبيلتا العمونيين، والموآبيين "ينتمون إلى موآب بكر ابنة لوط الكبرى " ، ومن ملوكهم عجلون وبالاق وابن خفور 4.
3- الايطوريون: ينتسبون إلى ايطور بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الله، وقد سكنوا اللجاه، وتنسب إليهم مملكة ايطوريا " الجيدور " وهم إخوة الأنباط ويعتقد أن هذه القبيلة قد بادت، أو اختلطت مع غيرها من القبائل.
4- الحوريون : اشتق اسمهم من حوريم أي سكان المغاور يعتقد أنهم من بقايا قبيلة ثمود العربية البائدة وانهم أقدم من الكنعانيين، وهم الذين حفروا الكهوف الصخرية الكبيرة المعروفة بالحرة الحورانية.
5- الآشوريون: ينتسبون إلى آشور بن سام وفتحوا حوران وفي عام 645 ق. م. زحف آشور بانيبال على دمشق وحوران واستقر فيها حتى جاءت جموع السيثيين " التتر " 5.
6- السلوقيون: كانت حوران من ممتلكات السلوقيين " نسبة إلى سلوقس أحد قادة جيوش الاسكندر في سورية " .
7- الأنباط : قدم الأنباط إلى حوران في القرن الأول قبل الميلاد " 88 ق. م. " وينتسبون إلى نبابوت بن إسماعيل جد العرب كانوا يكتبون ويتكلمون اللغة الآرامية، ويعتقد أن آخر ملوكهم هو زامل الذي انتهى حكمه عام " 105م" .
8- الرومان: احتل الرومان سورية عام " 64 ق. م. " وتم تشكيل ولاية عربية في بصرى الشام 6.
9- الضجاعم: ينتسبون إلى إحدى فروع سليح وقد قدموا من سبأ في اليمن وينقسمون إلى مناذرة سكنوا في بلاد ما بين النهرين، وشكلوا مملكة الحيرة وإلى تنوخيين تفرقوا في حوران، ودمشق آخر ملوكهم زياد ابن الهبولة وتنصروا بعهد ملكهم عمر بن مروان بن الحاف 7.
10- الغساسنة: ينتسب بنو غسان إلى جدهم مزيقياء وهو عمر بن عامر، قدموا إلى حوران في أوائل القرن الثالث الميلادي وأول من نزل منهم على عين ماء غسان هو ماء السماء عامر بن حارثة الغطريف ابن امرؤ القيس البهلوي من سلالة نوح الجد الثاني للعالم، عرف بنو مزيقياء في حوران بالغساسنة، والمناذرة بالعراق، والأزد في منى، والأوس في المدينة، وخزاعة بجوار مكة، ثم تفرق شمل الغساسنة بعد الفتح الإسلامي وانتشروا في معظم القرى الحورانية ومنهم من أسلم ومنهم من بقي على نصرانيته 8.
11- القريشيون: ينتسبون إلى قريش، ومنهم الشهابيون 9 والرفاعية 10 والحريري11، والحراكي، والبلخي 12، والعبيسي، والحلقي13، والقادرية (الكيلانية) 14، وغيرهم والذين قدموا إلى حوران في عهد الفتوح الإسلامية.
12- المقدادية: وينتسبون إلى المقداد بن الأسود الكندي الصحابي الجليل15.
13- العشائر البديوة المتنقلة: ومنها شمر، طيء، السردية، بنو كلاب، بنو كلب، عنزة، بنو هلال، زبيد، آل ربيعة الطائيون، السرحان، العيسى، الفحيلية، النعيم، جهينة، بنو خالد، قضاعة 16، أنظر أيضاً جدول رقم (1) (الملاحق).
14- العائلات المصرية والحمصية17 .
15- العشائر غير العربية : 1- التركمان 2- الأكراد18 3- الزط 19.
بعد أن ذكرنا نبذة عن تاريخ منطقة حوران وعن سكانها نتحدث عن دور القبائل العربية في تلك المنطقة وفي بلاد الشام، وبالذات دور الإمارة الطائية في بلاد الشام وعن أحلافهم وما آلت إليه تلك الإمارة من انقسام إلى ثلاث إمارات في جنوب، ووسط، وشمال بلاد الشام، ثم هجرة القبائل النجدية إلى بلاد الشام وتأثيرها على مجريات الأحداث هناك.
يتبع ..