أحسنت الشيخ ابو مشاري الرفدي في هذا الرد القيم على المشككين بنسب قبيلة عنزة، وكأنها وليدة اليوم والأمس القريب، ألم يقرأ التاريخ الدكتور عادل الأشرم، ألم يعلم أن قبيلة عنزة تدور مع التاريخ ويدور معها منذ زمن القارظ العنزي بالدهر الجاهلي القديم إلى عهدنا اليوم، واسمها متعارف عليه ومتداول بين لا أقول العرب فحسب بل بين الأمم في توراتها وانجيلها وحتى قرآن المسلمين بسنة نبيهم وأثره بقوله عليه السلام: نعم القوم عنزة رهط شعيب وختان موسى مبغي عليهم منصورين. وفي رواية صابرون، وهذا من دلائل النبوة ومعجزاتها ان ذكرهم باقي الى اخر الزمن. كقوله صلى الله عليه وسلم: اشد أمتي على الدجال بنو تميم، وقوله صلى الله عليه وسلم: تقوم الساعة ورجل من مزينة يخوض حوضه. فهناك من العرب من يبقى ذكرهم الى قيام الساعة ومنهم بالطبع عنزة من ورد ذكرها انه يحصل عليها او على من تمثله ويمثلها تعب ونصب وبغي، وها نحن نعيش بعض مما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جرى ويجري على بعض الصابرون منهم. ثم بعد قالت العرب في امثالها العامة: اللي ما له أول ما له تالي، فعنزة مشهورة بالجاهلية بأسمها اليوم وكانت السيادة له على ربيعة كلها بالدهر الجاهلي القديم وكان اللواء في عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار للأكبر فالأكبر من ولد نزار، وكان من سنة عنزة بن أسد بن ربيعة أنهم يوفرون لحاهم وقصون شواربهم فلا يفعل ذلك من ربيعة الا من يخالفهم ويريد حربهم. الكامل في التاريخ لابن الاثير .قلت : وسنة عنزة هذه هي سنة الانبياء، وقد أورد الدكتور جواد علي في كتابه المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام من ترجمة- الحارث بن كعب المذحجي حين نزل به الموت قال لأبناءه: لم أعرف أحد على دين شعيب الا انا وتميم بن مر واسد بن خزيمة. يعني جدود القبائل المعاصرة اليوم تميم بن مر واسد ابن خزيمة. ولا استغرب مثل هذا الخبر. فقد أورد بن الكلبي في نسب ابناء مذحج ان أمهم هي سلمى بنت منصور بن عكرمة، وبنفس نسب عنزة بن أسد انا سلمى كذلك أك يذكر ويقدم أبناء عنزة. يعني متعاصرين بالولادة. وذكر الحديث الشريف رهط شعيب أي عنزة في زمن شعيب عددها رهط ما بين الثلاثة الى العشرة. كذلك مما يدل على قدم عنزة بن أسد بالتاريخ هو خبر صمنهم بالجاهلية واسمه- السعير، وله قصة أوردها جواد علي بالمفصل عندما ترجم لجعفر بن خلاس الكلبي، وكان من خبره في صنم عنزة - السعير ، قال : وكان الناس يحجون اليه ويطوفون حوله، ويعترون العتاير له . وقد ورد في شعر لجعفر بن خلاس الكلبي، وكان راكبا ناقة له ، فمرت به ، وقد عترت عنزة عنده، فنفرت ناقته منه . فأنشأ يقول:
نفرت قلوصي من عتاءر صرعت
حول السعير تزوره ابنا يقدم
وجموع يذكر مهطعين جنابه
ما ان يحير اليهم بتكلم
انتهى
قلت : هذا اكبر دليل صارخ في نسب عنزة وقدمها بالتاريخ. وان يذكر ويقدم جموع كثيرة في زمنه. وانه اي الجعفري الخلاسي الكلبي ممن يؤمن بعبادة الاصنام بقوله:
ما ان يحير اليهم بتكلم. وهذا قول من لا يعترف بالاصنام وهم قليل من العرب:
كورقة بن نوفل
وقس بن ساعدة
وزهير بن أبي سلمى وغيرهم قليل.
فمن هنا لا ينكر قدم نسب عنزة وشهرتها الا من لم يطلع على التاريخ بشكل كافي.
اخيرا وليس آخرا اكرر شكري وتقديري للشيخ أبو مشاري الرفدي والشكر كذلك موصولا للاستاذ الاديب الكبير - عبدالله بن عبار العنزي على جهوده الجبارة في تدوين ما لم يدونه غيره في نسب عنزة، بل ولن يدونه احد بعده الا عالة عليه. فهو السباق لجمع ما توارثه جيل قد انقطع وتوفاهم الله وتغمدهم برحمته. ولولا جمعه المبارك في كتابه السامق: أصدق الدلايل في أنساب بنو وايل لذهب تاريخنا خاصة المتأخر بالموروث ادراج الرياح. ولكن الله تعالى قيض استاذنا واديبنا ابن عبار ووفقه لجمع ما استطاع جمعه من ذلك الجيل المبارك رحمهم الله. ولا أرى جمعه الا كجمع ابن الكلبي جمهرته من نفس جيل والده وجيل المخضرمين منهم. فكل من جاء بعد الاثنين منهم فهو عالة عليهما وان جحد البعض فضلهما وكل في زمانه.