عرض مشاركة واحدة
قديم 05-04-2022, 10:36 PM   #3
صاحب الموقع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 10,419
افتراضي

تابع[/size]

سلسلة القبائل العربية في العراق ( 7) قبيلة بني شيبان
بقلم : علي الكوراني العاملي وعبد الهادي الربيعي الشيباني
الطبعة الأولى 1431 ه - 2010 م
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين .
بنو شيبان أحد أشهر بطون قبيلة بكر بن وائل من قبائل ربيعة ، ويرجع نسبهم إلى شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل . وهم من أقدم القبائل التي استوطنت العراق ، وعاشت في ربوعه . وكانت أصولهم من الحجاز ومساكنهم في العراق من البصرة إلى ذي قار وكانوا مع قبيلة عجل بن لجيم كالحليفين . وقد زارهم النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) في موسم الحج في مكة ، وعرض عليهم أن يحموه من قريش حتى يبلغ رسالة ربه ، فقال له رؤساؤهم ومنهم المثنى بن حارثة : « إنما أنزلنا بين ضرتين ! فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلّم ) : ما هاتان الضرتان ؟ قال : أنهار كسرى ومياه العرب ، وإنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى لا نحدث حدثاً ولا نؤي محدثاً ، وإني أرى هذا الأمر الذي تدعو إليه مما تكرهه الملوك ، فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب ، فعلنا . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلّم ) : ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق ، وإن دين الله لن ينصره إلا من أحاطه الله من جميع جوانبه ، أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلاً حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ويفرشكم نساءهم ، أتسبحون الله وتقدسونه ؟ فقال النعمان بن شريك : اللهم لك ذلك » . ( شرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي : 2 / 387 ) . وسرعان ما حقق الله عز وجل وعد رسوله ( صلى الله عليه وسلّم ) للشيبانيين ، فانتصروا على كسرى ، ووفوا بوعدهم للنبي ( صلى الله عليه وسلّم ) ! فبعد أن انهزم كسرى على يد هرقل ، ساءت أخلاقه مع رجال دولته ، وقام بقتل النعمان بن المنذر ملك الحيرة ، وكان كسرى أودع عنده دروعاً ووسائل حرب ، قيل إنها ألف درع أو نحوها ،فلما أحس المنذر بالخطر من كسرى ، أودعها مع عائلته عند بني شيبان ، ولما قتله كسرى طلب منهم تسليم الدروع وعائلة المنذر فأبوا ، وأرسل إليهم جيشاً قوياً فقاتلوه ، وكان شعارهم يا محمد !فنصرهم الله تعالى وهزموا جيش كسرى ، وأرسلوا وفداً إلى النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) يحمل خمس غنائمهم ، ودخل بعضهم في الإسلام ، وكان ذلك بعد معركة بدر بأربعة أشهر أو خمسة . ( تاريخ اليعقوبي : 2 / 46 ) . ومن ذلك اليوم تمهد تحرير العراق أمام بني شيبان وحلفائهم ، واستفادوا من اضطراب نظام كسرى بعد أن قتله ابنه شيرويه ، فقاموا بفتح أكثر العراق ، ولم يحتاجوا من المسلمين مدداً ، إلا في معاركهم الأخيرة على أطراف العراق وداخل إيران ولئن بالغ شاعرهم ابن نصلة الشيباني وهو قائد في الفتوحات ، في مدح قومه ،فإنهم أحق به من غيرهم في فتح العراق قال :
شيبان قومي وليس الناس مثلهم * لو ألقموا ما تضئ الشمس لالتقموا
لـو يقسم المجـد أرباعـاً لكان لـنا * ثـلاثـة وبـربـع تـجـتـزي الأمــــــم
ثـلاثـة صـافـيـات قـد جـمعن لـنـا * ونحن في الربع بين الناس نستهم
( الوافي للصفدي : 5 / 114 )
في الختام لا بد أن أشكر الأخ الباحث الشيخ عبد الهادي الطهمازي الذهلي الشيباني ، الذي بذل جهده في خدمة تاريخ الإسلام وبني شيبان ، وفقه الله وتقبل منه ومنا .
كتبه : علي الكوراني العاملي 16 / ربيع الأول / 1430هـ
الفصل الأول : ملامح عامة عن بني شيبان
1 - شيبان وجدُّه بكر بن وائل وبكر بن وائل من أشهر قبائل ربيعة ، المنسوبة إلى القبائل العدنانية من نزار بن معد بن عدنان قالوا إن أم وائل ثقفية ، وإنه تزوج هنداً بنت تميم بن مُرّ فأولد منها بكر بن وائل ، وتغلب بن وائل ، وعنز بن وائل ( المعارف لابن قتيبة / 91 ) وصارت ذراريهم قبائل كثيرة العدد .
وأولد بكر بن وائل كلاً من : علي بن بكر ، وبَدَن بن بكر ، ويَشْكر بن بكر ( المعارف / 97 ) وأولد علي صعباً ، وأولد صعب : عكابة بن صعب ، ولجيم بن صعب ، ومالك بن صعب . ثم أولد عكابة ثعلبة ، وأولد ثعلبة شيبان .
2 - منازل بكر بن وائل
كانت ديار بكر بن وائل في اليمامة غرباً إلى البحرين شرقاً ، ومن البحرين وأسياف البحر جنوباً إلى الأبلَّة في البصرة ، ثم امتدَّت إلى هيت شمالاً ، ثم توغلت داخل العراق في أعالي دجلة شمالاً إلى ما يعرف اليوم بديار بكر في تركيا ( معجم قبائل العرب : 1 / 93 ) وزادت أعداد بطون هذه القبيلة بعد الإسلام وإنشاء مدينتي البصرة والكوفة ، وضمت خطة قبائل بكر بن وائل في البصرة بطوناً كثيرة مثل : بني عجل بن لجيم ، وبني قيس بن ثعلبة ، وبني تيم الله بن ثعلبة ، وسدوس ، ويشكر ، وذهل ، وحنيفة كما كانت مع تغلب في الكوفة سُبْعاً وعليهم وعلة بن مخدوج .
3 - أشهر بطون بكر بن وائل :
1 - بنو شيبان : وهم بنو شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، وهم موضوع بحثنا .
2 - بنو تيم الله بن ثعلبة : وهم أولاد تيم بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل .
3 - بنو ذهل بن ثعلبة : وهم بنو ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، ويعبر عنهم بذهل الأصغر قبالة ذهل بن شيبان ، حيث يعبرون عنهم بذهل الأعظم لكثرتهم .
4 - بنو قيس بن ثعلبة : وهم بنو قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر .
5 - بنو عجل بن لجيم : وهم بنو عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، ولجيم أخٌ لعكابة بن صعب .
6 - بنو حنيفة بن لجيم : وهم بنو حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، وحنيفة أخ لعجل بن لجيم .
7 - بنو يشكر بن علي بن بكر بن وائل ، كانوا يسكنون اليمامة .
8 - سدوس بن ثعلبه : أخ شيبان ، وثعلبة بن صعب بن عكابة .
4 - أشهر بطون بني شيبان :
لشيبان أربعة أولاد : ذهل وتيم وثعلبة وعوف ، ولا عقب لعوف ( المعارف / 99 ) . وفي أولاد ذهل وثعلبة الكثرة والعدد ، قال أبو عمرو بن العلاء : جاء الإسلام وأربعة أحياء قد غلبوا الناس كثرة شيبان بن ثعلبة ، وجشم بن بكر بن تغلب ، وحنظلة بن صعصعة وحنظلة بن مالك . ( الإنباه على قبائل الرواة ابن عبد البر : 87 ) .
وأشهر بطون بني شيبان هم :
1 - بنو أسعد بن همام : والنسب إليه أسعدي ، وهم بنو أسعد بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان ، قال ابن ماكولا : وهم جماعة كثيرة ، ولهم الآن بقية صالحة . ( إكمال الكمال : 1 / 155 )
2 - أُمامة : وهم بنو قيس وحارثة ابني عمرو المزدلف بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان ( معجم قبائل العرب : 1 / 40 ) ، وأُمامة أمهم فنسبوا إليها ( الأعلام : 5 / 205 ) وكان حارثة يلقب بذي التاج ، وكان على بكر بن وائل يوم أوارة حيث قتلوا المنذر بن ماء السماء ملك الحيرة ، وعدُّوا بني قيس بطنا برأسه .
3 - بجاد : قالوا : هم قبيلة من شيبان . ( معجم قبائل العرب : 1 : 61 )
4 - بنو بجير بن مرة : بن ذهل بن شيبان ( المصدر السابق : 1 : 62 )
5 - بنو تيم بن شيبان : والنسب إليه تيمي ، وفيهم السؤدد والسخاء ( المعارف : 99 ) ، ومن ديارهم القحقح كانوا يشاركون بني رياح بن يربوع من تميم سكناها ( معجم ما استعجم : 3 / 1049 ) ، منهم جعفر بن ورقاء أمير بني شيبان بالعراق ومنهم جبلة بن سحيم التيمي التابعي .
6 - بنو ثعلبة بن شيبان : بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، وهم بطن كبير ( معجم قبائل العرب : 1 : 145 )
7 - بنو جساس بن مرة : بن ذهل بن شيبان ( المصدر السابق : 1 : 186 )
8 - بنو جندب بن مرة : بن ذهل بن شيبان ، وهو أخو جساس ( المصدر السابق : 1 : 210 )
9 - بنو حوشب : بن يزيد بن الحارث ، بن يزيد بن رويم ، بن عبد الله بن سعد بن مرة بن ذهل بن شيبان ، والنسب إليه حوشبي ، منهم شهاب بن خراش أبو الصلت الشيباني . ( سير أعلام النبلاء : 8 / 284 )
10 - الخِدرة : بكسر الخاء ، لقب عمرو بن ذهل بن شيبان ، وهو غير الخدري من الأنصار الذي ينسب إليه أبو سعيد الخدري . ( تاج العروس : 6 / 332 ) .
11 - بنو دب بن مرة بن ذهل بن شيبان ومنهم غياث بن عمران بن مرة قتله معاوية مع حجر بن عدي ( معجم قبائل العرب : 1 : 373 )
12 - بنو ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة ، والنسب إليه ذهلي وهم كثرة منهم : بنو مرة بن ذهل ، ومحلم والحارث وربيعة ، وأمهم رقاش . وعبد غنم بن ذهل ، وعوف وصبيح وشيبان ، وأمهم الوارثة من بني يشكر . . وعمرو ، وأمه جذرة . ( المعارف : 100 )
13 - بنو ربيعة أو أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان ، ومنهم : عبد الله بن خارجة بن حبيب أحد الشعراء زمن الدولة الأموية ( معجم قبائل العرب : 3 : 1183 ) وهانئ بن قبيصة بن هانئ الشيباني .
14 - بنو سعد بن مرة بن ذهل بن شيبان ( المصدر السابق : 2 : 519 ) ومنهم طلاب بن حوشب .
15 - بنو سيار بن مرة بن ذهل بن شيبان ( المصدر السابق : : 569 )
16 - بنو عمرو بن مرثد بطن من بني شيبان بن ثعلبة بن عكابة ( المصدر السابق : 2 : 836 )
17 - بنو كثير بن مرة بن ذهل بن شيبان ( المصدر السابق : 3 : 978 )
18 - بنو محلم بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة والنسب إليه محلمي ( الأنساب السمعاني 5 : 216) ومنهم عوف بن محلم من أشراف العرب في الجاهلية ، الذي قال عنه ملك الحيرة عمرو بن هند : لا حر بوادي عوف . ( الأعلام : 5 : 96 )
19 - بنو مرة بن الحارث بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان ، استوطنوا خراسان بعد الفتح الإسلامي . ( الأعلام : 8 : 94 )
20 - بنو مرة بن ذهل ، وهو أبو جساس قاتل كليب ، وقد قتلوا منهم كثيراً بكليب لكن زاد عددهم . ( شرح نهج البلاغة : 4 : 19 )
21 - مرة بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان شاعر جاهلي ، قال :
يا صاحبي تـرحلا وتقـربـا * فلقـد أنـَى لمسافـر أن يـطـربـا
طال الثواء فقربا لي بازلاً * وَجْناء تقطع بالرداف السبسبا
( معجم البلدان : 5 / 197 )
22 - المزدلف ، وهو عمرو بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان ( معجم قبائل العرب : 3 : 1082 ) ، وسمي المزدلف لأنه قال في الحرب : يا بني بكر بن وائل إزدلفوا بمقدار رميتي برمحي هذا ، وكان فارساً صاحب وقائع ، أسره بنو تميم في وقعة يوم جوف الدار في هجر ( الأعلام : 5 : 222 )
23 - بنو مصقلة بن هبيرة بن شبل ، ومنهم علي بن شجاع المصقلي الصوفي وابنه أحمد ( الأنساب : 5 : 314 )
24 - نضلة بن مرة بطن من شيبان ( معجم قبائل العرب : 3 : 1183 )
25 - همام بن مرة ، بطن من مرة بن ذهل ( المصدر السابق : 3 / 1224 ) ، وهو أخ جساس قتل في حرب البسوس ، ومنهم معن بن زائدة
26 - بنو مازن بن شيبان ، وهم شرقي دجلة في جهة الموصل ، وأكثر أئمة الخوارج في ربيعة منهم ( المصدر السابق : 2 : 622 )
5 - منازل بني شيبان ومياههم
بَتَّا : من قرى النهروان من نواحي بغداد ( معجم البلدان : 1 : 334 )
جدِّية : أرض بنجد كانت لبني شيبان ( المصدر السابق : 2 : 115 )
قشاوة : جرت لهم فيها وقعة مع بني سليط (المصدر السابق :4 : 351 )
المسناة : ماء لبني شيبان . ( معجم ما استعجم : 4 : 1229 )
سلامان : ماء لهم على طريق مكة . ( المصدر السابق : 3 : 745 )
ثيتل : ماء لبني شيبان ( المصدر السابق : 1 : 351 )
كاظمة : من مياه بني شيبان ( المصدر السابق : 4 : 1110 )
ذي قار : وفيه جرت وقعتهم مع الفرس .
نهي : ماء لبني شيبان كانت لهم فيه وقعة مع تغلب .
الفصل الثاني : حروب بني شيبان
حاربت شيبان قبائل ودولاً وقد اشتهرت حرب البسوس بينهم وبين بني عمهم بني تغلب بن وائل .
ولهم حروب مع تميم ، وأياد ، وكعب كما حاربوا ملك الحيرة ، وملك الشام ، ثم حاربوا إمبراطورية الفرس .
حرب البسوس
وقد استمرت نحو أربعين سنة وانتهت في سنة 534 ميلادية ، وسببها قتل جساس بن مرَّة البكري لكليب بن ربيعة الجشمي التغلبي ، فقد كانت قبائل معد ملكت عليها كليباً لبطولته في حربهم مع قبائل اليمن يوم خزاز ( الكامل : 1 / 520 ) فكان يأمرهم فيطيعونه ، ثم بغى عليهم فكان يحمي مواقع السحاب فلا يرعى أحد فيها ، وإذا رعت إبله في مكان يمنع أن يرعى معها غيرها ، ويمنع مرور أحد بين بيوته ! وكان يقول : وحش أرض كذا جواري ، فلا يصيد منها أحد ! وتزوج كليب جليلة بنت مرة أخت جساس ، وحمى أرضاً بالعالية ، وهي هضبة في نجد ، وكان جساس يرعى إبله فيها برضى كليب ، فنزل سعد بن شميس بن طوق الجرمي ضيفاً على البسوس بنت منقذ التميمية خالة جساس ، فطلبت من جساس أن يرعى ناقة سعد بن شميس مع إبله ، وخرج كليب ذات يوم يتفقد الإبل ومراعيها ، فرأى ناقة سعد بن شميس وكانت تسمى سراب ، ترعى مع إبل جساس فأنكرها فقال لجساس : لا تعد هذه الناقة إلى هذا الحمى ، فقال جساس : لا ترعى إبلي مرعى إلا وهذه معها ، فقال كليب : لئن عادت لأضعن سهمي في ضرعها ! فقال جساس : لئن وضعت سهمك في ضرعها لأضعنَّ سنان رمحي في لبتك ( عنقك ) ثم تفرقا ! وخرج كليب مرة أخرى يتصفح الإبل فوجد تلك الناقة فرمى ضرعها بسهم فولت ولها عجيج عظيم حتى انتهت إلى خباء صاحبها ، فلما رآها صاح : واذلاه ، وخرجت البسوس على صوت صراخ ضيفها ، فوضعت يدها على رأسها ثم صاحت واذلاه ! وجساس يراها ، فقال لها : سأقتل جملاً أعظم من هذه الناقة ، فظنوا أنه يريد قتل غلال فحل إبل كليب ! وخرج كليب يوماً آمناً فتبعه جساس فقتله ووضع عليه أحجاراً وعاد إلى منزله . وعلم المهلهل بن ربيعة أخو كليب بالأمر ، فأنشد :
قتيل ما قتيل المرء عمرو * وجساس بن مرة ذي صريم
أصاب فـؤاده بأصـم لَـدْنٍ * فـلم يعطف هناك عـلى حميم
فإن غـدا وبعـد غد لرهن * لأمـر مـا يـقـام لـه عـظـيـــم
جسيماً ما بكيت به كليباً * إذا ذكـر الفـعـال مـن الجسيم
وبلغ جساس منزله وأخبر أباه مرة بالخبر ، فأرسل أبوه إلى قومه يدعوهم إلى نصرته ، فشحذوا السيوف وقوَّموا الرماح وتهيؤوا للرحلة والحرب . وأرسل المهلهل رجالاً إلى مرة بن ثعلبة أبو جساس فعرضوا عليه أربعة خلال : إما أن يحيي كليباً ، أو يدفع إليهم أحد ولديه جساس أو همام ليقتل به ، أو يمكِّنهم من نفسه فقال : أما إحيائي كليباً فلست بقادر عليه ، أما جساس فإنه غلام ظعن على عجل ولا يدرى أيِّ بلاد قصد ، وأما همام فهو أبو عشرة وأخو عشرة وعم عشرة ، ولن يسلمه قومه بجريرة غيره ، أما أنا فما هي إلا أن تجول الخيول فأكون أول قتيل ، ولن أتعجل الموت . ثم عرض عليهم أن يقتلوا أحد أولاده غير جساس ومرة بكليب ، أو يدفع دية لهم ألف ناقة ، فأبوا ، واستعرت الحرب واستمرت أربعين عاماً وكان فيها أيام مشهورة كيوم عنيزة : وهو أول يوم التقوا فيه وتناصف الفريقان ، فلم تكن فيه الغلبة لأحد من الفريقين ،ثم تفرقوا ! ويوم نهي : وهو ماء كانت بني شيبان نازلة عليه ، وكان مهلهل يقود تغلب ، والحارث بن مرة يقود شيبان ، فقتلت بين الطرفين قتلى كثيرة ، وكانت الدائرة فيه لتغلب . ويوم الذنائب : وهي وقعة عظيمة كانت بينهم ، قتل فيها شرحبيل بن مرة والحارث بن مرة . ويوم واردات : حيث ظفرت تغلب واستحرَّ القتل في بني شيبان وقتل فيه همام بن مرة . فبعث مرة ابنه جساساً إلى الشام ، وبعثت تغلب رجالاً لتعقبهم فظفروا بهم وقتل جساس واثنان معه .
ويوم تحلاق اللمم : حيث حلقت بكر بن وائل رؤوسها ليعرفوا فسمي بذلك ( الكامل : 1 / 532 ) .
ويوم الحنو : بذي قار انتصرت فيه بكر على تغلب ( المعارف / 605 ) .
ويوم فطيمة : موضع بالبحرين ، اشتركت فيه بنو شيبان وبنو ضبيعة من ربيعة على تغلب ( معجم البلدان : 4 / 268 ) .
ويوم صعاب : رمال بين البصرة واليمامة ، قتل فيه الحارث بن مرة أخو جساس ( الأعلام : 8 / 94 ) . ولهم مع تغلب أيام أخرى !
حروبهم مع بني تميم
وهي كثيرة ،منها : يوم نقف قشاوة : وفيه أغار بسطام بن قيس الشيباني وهو من أشهر فرسان العرب ، على بني يربوع فأتاهم ضحى في يوم ريح ومطر وقد عادت إبلهم من الرعي فأخذها ، فتبعه بنو يربوع لإستنقاذها فقتل منهم وأسر .
ويوم الغبيط : فيه أغار بسطام بن قيس على بعض بطون تميم ، وكانوا متجاورين في صحراء فلج ، وهي واد في البصرة لبني العنبر من تميم ( معجم البلدان : 4 / 271 ) فانهزم التميميون وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وساق إبلهم وأموالهم ، فتبعتهم بنو مالك وبنو اليربوع من تميم ، فادركوا بسطاماً بغبيط المدرة ، فقاتلوهم وصبر الفريقان ثم انهزم أصحاب بسطام ووقع هو في الأسر ، ثم فدى نفسه بألف بعير ، واستعادت تميم أموالها . ( الكامل : 1 ا / 600 ) .
ويوم زبالة : وفيه أغار الأقرع بن حابس المجاشعي التميمي على بني شيبان ، فلقيه بسطام وعمران بن مرة في زبالة ، موضع بين مكة والكوفة ، فاقتتلوا قتالاً شديداً ظفرت فيه بنو شيبان ، ووقع الأقرع بن حابس وأخوه أسيرين في أيديهم ، ثم فدى نفسه فأطلق بسطام سراحه . ( المصدر السابق : 1 / 602 ) .
ويوم مبائض : وهو ماء قريب من مياه بني تميم ، جاء هانئ بن مسعود الشيباني وأنزل قومه فيه ، فبلغ خبره تميماً فأرادوا استأصالهم لبعد بني شيبان عن قومهم ، وعلم هانئ بأمر الغارة فأوصى أصحابه بالثبات قليلا ثم الفرار من المعركة ، فإذا انشغلت تميم بجمع الغنائم يكرون عليهم مرة أخرى ، فجاءت تميم فأوقعت فيها فقاتلوا يسيرا ثم تفرقوا كما أمرهم هانئ ، فلما انشغل التميميون بالغنيمة والسبي ، كرَّ الشيبانيون عليهم فقتلوا منهم مقتلة عظيمة لم تلق تميم مثلها . ( الكامل : 1 / 603 ) .
ويوم زويرين : وسببه أن أراضي بكر بن وائل أجدبت ، فانتجعوا أرض تميم بين اليمامة وهجر ، فكان لا يلقى بكري تميمياً إلا قتله ولا يلقى تميمي بكرياً إلا قتله ، وتطاير الشر بينهم ، فتجمعت بكر بن وائل عند الحوفزان الحارث بن شريك ، من سادات بني شيبان ، والوادك بن الحارث الشيبانيان ، وحنظلة بن سيار العجلي وعزموا على غزو بني دارم من تميم ، واجتمع بنو حنظلة وسعد والرباب من تميم ، وعزموا على غزو بكر بن وائل ، فالتقى الفريقان في الطريق فجعلت بنو تميم بعيرين بينهما سموهما زويرين ، يعني إلهين وأقسموا على أن لا يفرُّوا حتى يفرَّ الجملان ووصلت شيبان للبعيرين فأخذوهما وذبحوهما ، واشتدَّ القتال فانهزمت تميم وقتل زعيمهم ، وغنمت بكر أموالهم ونساءهم . وأيامهم مع تميم كثيرة منها : يوم جدود ، ويوم ذي طلوح .
حربهم مع ملك الشام
فقد أغار زياد بن الهبولة ملك الشام على حجر بن عمرو الكندي ، الملقب بآكل المرار ملك نجد وأطراف العراق ، واستغل زياد فرصة إغارة حجر على البحرين وكانت ديارهم خالية فسبى نساءهم ، وكانت زوجة حجر آكل المرار من السبايا ، فقفل حجر راجعاً وجدَّ السير ومعه أشراف شيبان وبعثوا سدوس بن شيبان ليتحسس أمر زياد وعسكره ، فجمع حجر كندة وربيعة وسار إلى زياد فوقعت بينهم وقعة كبيرة عرفت بيوم البردان ، انهزم فيها أهل الشام ، وأخذ سدوس بن شيبان زياداً أسيراً ، لكن ابن أخيه عمرو بن أبي ربيعة بن ذهل عدا على زياد فقتله ، ثم دفع ديته إلى آسره . ( الكامل : 1 / 506 ) .
حربهم مع ملك الحيرة
وهو المنذر بن امرئ القيس اللخمي المعروف بابن ماء السماء وكانت بينه وبين بكر بن وائل وعلى الأخص شيبان منهم ، لقرب مواطنهم من الحيرة . وسببها أن تغلباً أخرجوا ملكهم سلمة بن الحارث بن عمرو الكندي ، فالتجأ إلى بكر بن وائل فملكوه عليهم ، فبعث إليه ملك الحيرة يدعوه إلى طاعته فأبى البكريون ، فسار المنذر بجموعه إليهم فالتقوا عند جبل أوارة ، فانهزمت بكر بن وائل وقتل المنذر منهم كثيراً وأسر جماعة ، وقام بذبحهم على الجبل وأرسل الماء على دمائهم لتبلغ الوادي ! وتشفَّع رجل من قيس بن ثعلبة في النساء فأطلق المنذر سراحهن . ( الكامل : 1 / 553 ) .
حربهم مع بني ضبة
في يوم شقيقة : وبنو ضبة بطن من مضر ، فقد غزا بسطام الشيباني بني ضبة بن أد ، وهم في غرَّة فاستاق إبلهم ، لكنهم أدركوه في بعض الطريق ، وحمل خليفة بن عاصم على بسطام فقتله ومعه جماعة من بني شيبان . ( الكامل : 1 / 616 ) .
هذا ، ولهم حروب أخرى ، منها :
يوم مسلحان : قاتلوا فيه بني كلب بن وبرة ، من قضاعة ، حيث غزا ربيعة بن زياد الكلبي بني أبي ربيعة من شيبان فظفرت بنو شيبان وقتلوا ربيعة بن زياد وأسروا آخرين ( الكامل : 1 / 607 )
ويوم غارة بني سليم على شيبان : وقد قادها النصيب السلمي ، فلقيه صليع بن عبد غنم من شيبان ، فسأله عن وجهه فأخبره بغزوه لبني شيبان ، فاستعدت له وكان الظفر لها وقتلوا النصيب .
الفصل الثالث :
1 - القبائل التي عرض عليها النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) نفسه
2 - زار النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) بني شيبان في موسم الحج روى ابن حبان في الثقات : 1 / 80 ، وغيره عن علي قال : « لما أمر الله رسوله أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر حتى دفعنا إلى مجلس من مجالس العرب فتقدم أبو بكر فسلم وقال : ممن القوم ؟ قالوا : من ربيعة . قال : وأي ربيعة أنتم أمن هامتها أم من لهازمها ؟ فقالوا : لا ، بل من هامتها العظمى قال أبو بكر : وأي هامتها العظمى أنتم ؟ قالوا : من ذهل الأكبر . قال أبو بكر : فمنكم عوف الذي يقال له لاحر بوادي عوف ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم بسطام بن قيس صاحب اللواء ومنتهى الأحياء ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم جساس بن مرة حامي الذمار ومانع الجار ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم الحوفزان قاتل الملوك وسالبها أنفسها ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم أصهار الملوك من لخم ؟ قالوا : لا . قال أبو بكر : فلستم إذا ذهلاً الأكبر ، أنتم ذهل الأصغر !
فقام إليه غلام من بني شيبان يقال له دغفل حين بَقَل وجهه فقال : على سائلنا أن نسأله ! يا هذا إنك سألتنا فأخبرناك ولم نكتمك شيئاً فممن الرجل ؟ فقال أبو بكر : أنا من قريش . فقال الفتى : بخ بخ أهل الشرف والرئاسة ، فمن أي القرشيين أنت ؟
قال : من ولد تيم بن مرة . قال : أمكنت والله الرامي من صفاء الثغرة ، فمنكم قصي الذي جمع القبائل من فهر ، فكان يدعى في قريش مجمعاً ؟ قال : لا . قال : فمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف ؟ قال : لا . قال : فمن أهل الحجابة أنت ؟ قال : لا . قال : فمن أهل الندوة أنت ؟ قال : لا . قال : فمنكم شيبة الحمد عبد المطلب مطعم طير السماء الذي كأن وجهه القمر يضئ في الليلة الظلماء الداجية ؟ قال : لا . قال : فمن أهل السقاية ؟ قال : لا ! واجتذب أبو بكر زمام الناقة فرجع إلى رسول الله ( ص ) فقال الغلام :
صادف درأ السيل درأً يدفعه * يُهيضه حيناً وحيناً يصدعه !
أما والله لو ثبت ! قال فتبسم رسول الله فقال علي : فقلت يا أبا بكر لقد وقعت من الأعرابي على باقعة ( داهية ) ! فقال لي : أجل يا أبا الحسن ما من طامة إلا وفوقها طامة ، والبلاء موكل بالمنطق ! قال علي : ثم دفعنا إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار فتقدم أبو بكر فسلَّم وقال : ممن القوم ؟ فقالوا : من شيبان بن ثعلبة فالتفت أبو بكر إلى رسول الله فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما وراء هؤلاء القوم عز هؤلاء غرر قومهم وفيهم مفروق بن عمرو ، وهانئ بن قبيصة والمثنى بن حارثة ، والنعمان بن شريك وكان مفروق بن عمرو قد غلبهم جمالاً ولساناً ، وكأن غديرتاه تسقطان على تربيته ، وكان أدنى القوم مجلساً من أبي بكر فقال أبو بكر : كيف العدد فيكم ؟ فقال مفروق : إنا لنزيد على ألف ، ولن يغلب ألف من قلة ! فقال أبو بكر : وكيف المنعة فيكم ؟ قال مفروق : علينا الجهد ولكل قوم جد . قال أبو بكر : كيف الحرب بينكم وبين عدوكم ؟ قال مفروق : إنا لأشد ما نكون غضباً حين نلقى ، وإنا لأشد ما نكونن لقاء حين نغضب ، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد ، والسلاح على اللقاح ، والنصر من عند الله يديلنا مرة ويديل علينا أخرى ، لعلك أخو قريش ؟ قال أبو بكر : وقد بلغكم أنه رسول الله ها هو ذا . قال مفروق : قد بلغنا أنه يذكر ذلك . قال : فإلى مَ تدعو يا أخا قريش ؟ قال : أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأني رسول الله ، وأن تؤووني وتنصروني ، فإن قريشاً قد تظاهرت على أمر الله فكذبت رسله واستغنت بالباطل عن الحق ، والله هو الغني الحميد ! فقال مفروق بن عمرو : إلى ما تدعونا يا أخا قريش ؟ فتلا رسول الله : قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ . ( الأنعام : 151 ) .
قال مفروق : وإلى مَا تدعو يا أخا قريش ؟ فتلا رسول الله ( ص ) : إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ . ( النحل : 90 )
فقال مفروق : دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ، وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة ، فقال : وهذا هانئ بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا .
فقال هانئ : قد سمعت مقالتك يا أخا قريش ، وإني أرى إن تركنا ديننا واتبعناك على دينك لمجلس جلسته إلينا ، زلةٌ في الرأي وقلة فكر في العواقب ، وإنما تكون الزلة مع العجلة ، ومن ورائنا قوم نكره أن نعقد عليهم عقداً ، ولكن ترجع ونرجع وتنظر وننظر ! وكأنه أحب أن يشركه في الكلام المثنى بن حارثة ، فقال : وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا .
فقال المثنى : قد سمعت مقالتك يا أخا قريش والجواب هو جواب هانئ بن قبيصة في تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك ، وإنما أنزلنا بين ضرتين ! فقال رسول الله ( ص ) : ما هاتان الضرتان ؟ .
قال : أنهار كسرى ومياه العرب ، وإنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى لا نحدث حدثاً ولا نؤي محدثاً ، وإني أرى هذا الأمر الذي تدعو إليه مما تكرهه الملوك ، فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب ، فعلنا . فقال رسول الله ( ص ) : ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق ، وإن دين الله لن ينصره إلا من أحاطه الله من جميع جوانبه ، أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلاً حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ويفرشكم نساءهم أتسبحون الله وتقدسونه ؟ فقال النعمان بن شريك : اللهم لك ذلك ( شرح الأخبار للقاضي النعمان : 2 / 387 )
الفصل الرابع : معركة ذي قار
بطولة بني شيبان وبني عجل بن لجيم وقعة ذي قار من الوقائع المشهورة في التاريخ ، وننقلها باختصار من تاريخ الطبري ( 1 / 608 ) وغيره من المصادر التي أدرجناها فقد قتل النعمان بن المنذر اللخمي ملك الحيرة عدي بن زيد العبادي الشاعر ، وكان عدي يعمل مترجماً لكسرى فاستدعى كسرى النعمان فخاف منه ، فمضى سراً إلى ذي قار ونزل على هانئ بن مسعود سيد شيبان وبكر بن وائل ، وأودع عنده أمواله ونساءه ثم ذهب إلى كسرى فحبسه في خانقين حتى مات في سجنه بل قتله ! ونصب إياس بن قبيصة الطائي ملكاً على الحيرة ، وأمره أن يبعث إليه بتركة النعمان وعائلته والدروع التي كانت لكسرى عنده ،وكانت أربعة آلاف درع برواية اليعقوبي ( 1 / 225 ) فأرسل إياس إلى هانئ بن مسعود الشيباني أن يبعث بالأموال والنساء إليه ، فأبى هانئ أن يسلم خفرته وأمانته :
« فلما منعها هانئ غضب كسرى وأظهر أنه يستأصل بكر بن وائل وعنده يومئذ النعمان بن زرعة التغلبي وهو يحب هلاك بكر بن وائل فقال لكسرى يا خير الملوك أدلك على غرة بكر ، قال : نعم . قال : أمهلها حتى تقيظ فإنهم لو قد قاظوا تساقطوا على ماء لهم يقال له ذو قار تساقط الفراش في النار ، فأخذتهم كيف شئت وأنا أكفيكهم ! فترجموا له قوله تساقطوا تساقط الفراش في النار فأقرهم حتى قاظوا وجاءت بكر بن وائل فنزلت الحنو حنو ذي قار وهى من ذي قار ليلة ، فأرسل إليهم كسرى النعمان بن زرعة ، أن اختاروا واحدة من ثلاث خصال ، فنزل النعمان على هانئ ثم قال له : أنا رسول الملك إليكم أخيركم ثلاث خصال : إما أن تعطوا بأيديكم فيحكم فيكم الملك بما شاء ، وإما أن تعروا الديار ، وإما أن تأذنوا بحرب ! فتآمروا وتشاوروا ، فولوا أمرهم حنظلة بن ثعلبة بن سيار العجلي ، وكانوا يتيمنون به فقال لهم : لا أرى إلا القتال ، لأنكم إن أعطيتم بأيديكم قتلتم وسبيت ذراريكم ، وإن هربتم قتلكم العطش وتلقاكم تميم فتهلككم . فآذِنوا الملك بحرب . فبعث الملك إلى إياس ، وإلى الهامرز التستري ، وكان على مسلحة بالقطقطانة ، وإلى جلابزين وكان مسلحةً ببارق ، وكتب كسرى إلى قيس بن مسعود بن قيس بن خالد بن ذي الجدين ، وكان كسرى استعمله على طف سفوان ، أن يوافوا أياساً ، فإذا اجتمعوا فأياس على الناس . وجاءت الفرس معها الجنود والفيول عليها الأساورة ، ويومها قال النبي ( ص ) : اليوم انتصفت العرب من العجم ، فحفظ ذلك اليوم ، فإذا هو يوم الوقعة ! .
فلما دنا جيش الفرس بمن معهم انسلَّ قيس بن مسعود ليلاً فأتى هانئاً فقال له : أعط قومك سلاح النعمان فيقووا ، فإن هلكوا كان تبعاً لأنفسهم وكنت قد أخذت بالحزم ، وإن ظفروا ردوه عليك ، ففرق الدروع والسلاح في ذي القوى والجلد من قومه ، فلما دنا الجمع من بكر قال لهم هانئ : يا معشر بكر إنه لا طاقة لكم بجنود كسرى ومن معهم من العرب ، فاركبوا الفلاة فتسارع الناس إلى ذلك ، فوثب حنظلة بن ثعلبة بن سيار فقال له : إنما أردت نجاتنا فلم تزد على أن ألقيتنا في الهلكة ! فرد الناس وقطع وُضَن الهوادج لئلا تستطيع بكر أن تسوق نساءهم إن هربوا ، فسمى مُقَطِّع الوُضُن وهى حزم الرحال ويقال مقطع البطن والبطن حزم الأقتاب وضرب حنظلة على نفسه قبة ببطحاء ذي قار وآلى أن لا يفر حتى تفر القبة ، فمضى من مضى من الناس ورجع أكثرهم واستقوا ماء لنصف شهر فأتتهم العجم فقاتلتهم بالحنو فجزعت العجم من العطش فهربت ولم تقم لمحاصرتهم ، فهربت إلى الجبابات فتبعتهم بكر وعجل أوائل بكر ، فتقدمت عجل وأبلت يومئذ بلاء حسناً واضطمت عليهم جنود العجم فقال الناس : هلكت عجل ، ثم حملت بكر فوجدوا عجلاً ثابتة تقاتل وامرأة منهم تقول :
إن يظفروا يحرزوا فينا الغَرِل * إيها فداء لكم بنى عجل
( والغرل : العيش الرغد ) وتقول أيضاً تحضض الناس :
إن تهزموا نعانق * ونفرش النمارق
أو تهربوا نفارق * فراق غير وامق
فقاتلوهم بالجبابات يوماً ، ثم عطش الأعاجم فمالوا إلى بطحاء ذي قار ، فأرسلت إياد إلى بكر سراً وكانوا أعواناً على بكر مع إياس بن قبيصة : أيُّ الأمرين أعجب إليكم : أن نطير تحت ليلتنا فنذهب ، أو نقيم ونفر حين تُلاقوا القوم ؟ قالوا : بل تقيمون ، فإذا التقى القوم انهزمتم بهم ! قال : فصبحتهم بكر بن وائل والظعن واقفة يذمرن الرجال على القتال . وقال يزيد بن حمار السكوني وكان حليفاً لبنى شيبان : يا بنى شيبان أطيعوني وأكمنوني لهم كميناً ، ففعلوا وجعلوا يزيد بن حمار رأسهم ، فكمنوا في مكان من ذي قار يسمى إلى اليوم الجب ، فاجتلدوا وعلى ميمنة أياس بن قبيصة الهامرز ، وعلى ميسرته الجلا بزين ، وعلى ميمنة هانئ بن قبيصة رئيس بكر يزيد بن مسهر الشيباني وعلى ميسرته حنظلة بن ثعلبة بن سيار العجلي وجعل الناس يتحاضون ويرجزون فقال حنظلة بن ثعلبة :
قـد شاع أشياعكم فجـدوا * ما عـلتي وأنـا مُـؤْدٍ جَـلـْدُ
والقوسُ فيهـا وتـر عَرَدُّ * مـثـل ذراع البـكـر أو أشـد
جعلت أخبـار قومي تـبـدو * إن المنايـا ليس منهـا بـد
هـذا عــمـيـر حـيــه ألـــد * يــقـدمـه لـيـس لـه مــــرد
حتى يعود كالكميت الورد * خلوا بنى شيبان واستبدوا
نفسي فداكم وأبي والجد
وقال حنظلة أيضاً :
يا قوم طيبوا بالقتال نفسا * أجدر يوم أن تفلوا الفرسا
ثم صيروا الأمر بعد هانئ إلى حنظلة ، فمال إلى مارية ابنته وهى أم عشرة نفر أحدهم جابر بن أبجر ، فقطع وضينها ، فوقعت إلى الأرض ، وقطع وُضُن النساء فوقعن إلى الأرض ، ونادت ابنة القرين الشيبانية حين وقعت النساء إلى الأرض :
ويهاً بنى شيبان صفاً بعد صف * إن تهزموا يصبغوا فينا القلف
فقطع سبع مائة من بنى شيبان أيدي أقبيتهم من قبل مناكبهم ، لأن تخف أيديهم بضرب السيوف ، فجالدوهم . قال : ونادى الهامرز مرد ومرد ! فقال برد بن حارثه اليشكري : ما يقول ؟ قالوا : يدعو إلى البراز رجل ورجل قال : وأبيكم لقد أنصف فبرز له فقتله برد فقال سويد بن أبي كاهل:
ومنا بريد إذ تخدى جموعكم * فلم تقربوه المرزبان المسورا
أي لم تجعلوه . ونادى حنظلة بن ثعلبة بن سيار : يا قوم لا تقفوا لهم فيستغرقكم النشاب ، فحملت ميسرة بكر وعليها حنظلة على ميمنة الجيش وقد قتل برد منهم رئيسهم الهامرز ، وحملت ميمنة بكر وعليها يزيد بن مسهر على ميسرة الجيش وعليهم جلا بزين ، وخرج الكمين من جب ذي قار من ورائهم ، وعليهم يزيد بن حمار ، فشدوا على قلب الجيش وفيهم إياس بن قبيصة ، وولت اياد منهزمة كما وعدتهم ، وانهزمت الفرس . قال سليط : فحدثنا أسراؤنا الذين كانوا فيهم يومئذ ، قالوا : فلما التقى الناس ولت بكر منهزمة فقلنا يريدون الماء ، فلما قطعوا الوادي فصاروا من ورائه وجاوزوا الماء قلنا : هي الهزيمة ، وذاك في حر الظهيرة وفى يوم قائظ ، فأقبلت كتيبة عجل كأنهم طن قصب لا يفوت بعضهم بعضاً ، لا يمعنون هرباً ، ولا يخالطون القوم ، ثم تذامروا فزحفوا فرموهم بجباههم ، فلم تكن إلا إياها فأمالوا بأيديهم فولوا ، فقتلوا الفرس ومن معهم ، ما بين بطحاء ذي قار حتى بلغوا الراحضة ! قال فراس : فخبرت أنهم أتبعوا فارس يسعون لم ينظروا إلى سلب ولا إلى شئ ، حتى تعارفوا بأدم موضع قريب من ذي قار فوجد ثلاثون فارساً من بنى عجل ، ومن سائر بكر ستون فارساً وقتلوا جلا بزين قتله حنظلة بن ثعلبة وقال أعشى بن ربيعة:
ونحـن غـداة ذي قـار أقمنـا * وقـد شهـد القبائل محلبينـا
وقـد جاؤوا بهـا جأواء فلقاً * ململمـة كتـائبـهـا طـحـونـا
ليـوم كـريهـة حـتى تجـلـت * ظـلال دجـاه عـنـا مصلتينـا
فـولـونـا الـدوابـر واتقـونـا * بنعـمـان بن زرعـة أكتفينـا
وذدنا عارض الأحرار وردا * كما ورد القطا الثمد المعينا
وفي الإصابة لابن حجر : 2 / 117 : « حنظلة بن سيار كان رئيساً في الجاهلية وهو صاحب قبة حنظلة ، ضربها يوم ذي قار فتقطعت عليها بكر بن وائل فقاتلوا الفرس حتى هزموهم فبلغ ذلك النبي ( ص ) فسرَّه وقال : هذا أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم ، وبي نصروا قال : وبعث حنظلة يومئذ بخمس الغنائم إلى النبي ( ص ) وبشره بالفتح ، وكانت العرب قبل ذلك تُرَبِّع ( أي ترسل ربع الغنيمة للملك ) ، فلما بلغ حنظلة قول الله تعالى : واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول . . الآية ، سره ذلك . وفي ذلك يقول حنظلة :
ونحن بعثنـا الوفد بالخيل ترتمي * بهـم قـلصٌ نحـو النبي محمد
بما لقي الهرموز والقوم إذ غزوا * وما لقي النعمان عند التورد
وقال اليعقوبي في تاريخه : 2 / 225 : « لما قَتَلَ كسرى أبرويز النعمان بن المنذر بعث إلى هانئ بن مسعود الشيباني : ابن ابعث إليَّ ما كان عبدي النعمان استودعك من أهله وماله وسلاحه ! وكان النعمان أودعه ابنته وأربعة آلاف درع ، فأبى هانئ وقومه أن يفعلوا ، فوجه كسرى بالجيوش من العرب والعجم ، فالتقوا بذي قار ، فأتاهم حنظلة بن ثعلبة العجلي فقلدوه أمرهم ، فقالوا لهانئ :
ذمتك ذمتنا ولا نخفر ذمتنا ، فحاربوا الفرس فهزموهم ومن معهم من العرب » . وقال : اليعقوبي : 2 / 46 : « وحاربت ربيعة كسرى ، وكانت وقعتهم بذي قار ، فقالوا : عليكم بشعار التهامي ، فنادوا : يا محمد يا محمد فهزموا جيوش كسرى وقتلوهم ، فقال رسول الله : اليوم أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم وبي نصروا ، وكان يوم ذي قار بعد وقعة بدر بأشهر أربعة أو خمسة » . والاستيعاب : 1 / 73 .
فكان ذلك النصر تاريخ اليعقوبي : 1 / 214 و 225 ، ومعجم البلدان : 4 / 293 ، والمحبر / 360 ، والإصابة : 1 / 447 و 466 و : 2 / 117 ، و : 6 / 222 ، وتاريخ الطبري : 1 / 606 و 608 و 611 و 613 ، ومجمع الزوائد : 6 / 211 ، وفتح الباري : 6 / 187 ، وكبير الطبراني : 2 / 46 ، و : 6 / 62 ، ومعارف ابن قتيبة / 603 ، ومعجم ما استعجم : 3 / 1042 ) .
وفد بني شيبان إلى النبي ( صلى الله عليه وآله )
ذكرت المصادر أن بني شيبان أرسلوا وفداً إلى النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) ، وروى اليعقوبي ذلك وسقط اسم رئيس وفد شيبان فمكان اسمه بياض في أصل الكتاب ، ورووا عن قيلة بنت مخرمة التميمية أن النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) كتب لحريث بن حسان الشيباني أول من بايع رسول الله على الإسلام له ولقومه . ( الطبقات : 1 : 317 )
الفصل الخامس : بنو شيبان فتحوا العراق
1 - نهض بنو شيبان بثقل معارك فتح العراق كانوا بنو شيبان وبكر بن
وائل في حالة حرب مع نظام كسرى ، وقد اغتنموا موت كسرى واضطراب نظامه وواصلوا توسيع نفوذهم في مناطق العراق .
قال البلاذري في فتوح البلدان : 2 / 295 ، مختصراً : « كان المثنى بن حارثة الشيباني وسويد الذهلي ، يغيران على القرى الواقعة تحت حكم الساسانيين ، وذلك في خلافة أبي بكر ، وكتب لأبي بكر أن يمدَّه بالجيش لحرب الفرس ، فأرسل إليه خالد بن الوليد فوجَّه المثنى بن حارثة إلى أُلّيس ، منطقة قرب السماوة ، فخرج إليه صاحبها جابان بجيشه فالتقوا قرب النهر فهزمهم المثنى ثم صالحهم ، ثم دنا المثنى بمن معه إلى الحيرة فخرجت إليه خيول صاحب كسرى التي كانت في المخافر فهزمهم ثم جاء خالد فصالحهم بعد أن وطد المثنى بن حارثة له الأمور وقائد الفتوحات هو الصحابي البطل المثنى بن الحارث الشيباني ، وهو من أهل البلد وجنوده من عشيرته وغيرهم ، كان الفعل الميداني لبني شيبان وحلفائهم .
2 - تأثير انهيار نظام كسرى على فتح العراق انهيار نظام كسرى في العراق بعد هزيمته على يد هرقل ، ثم هزيمة جيشه في معركة ذي قار ، على يد بني شيبان وبني عجل .
قال الدينوري في الأخبار الطوال / 111 : « فلما أفضى الملك إلى بوران بنت كسرى بن هرمز ، شاع في أطراف الأرضين أنه لا مَلِكَ لأرض فارس وإنما يلوذون بباب امرأة ، فخرج رجلان من بكر بن وائل ، يقال لأحدهما المثنى بن حارثة الشيباني ، والآخر سويد بن قطبة العجلي ، فأقبلا حتى نزلا فيمن جمعا بتخوم أرض العجم ، فكانا يغيران على الدهاقين ، فيأخذان ما قدرا عليه ، فإذا طلبا أمعنا في البر فلا يتبعهما أحد ، وكان المثنى يغير من ناحية الحيرة ، وسويد من ناحية الأبلة ، وذلك في خلافة أبي بكر ، فكتب المثنى بن حارثة إلى أبي بكر يعلمه ضراوته بفارس ويعرفه وهنهم ويسأله أن يمده بجيش . فلما انتهى كتابه إلى أبي بكر كتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد ، وقد كان فرغ من أهل الردة ، أن يسير إلى الحيرة فيحارب فارس ، ويضم إليه المثنى ومن معه وكان ظن أن أبا بكر سيوليه الأمر ، فسار خالد والمثنى بأصحابهما ، حتى أناخا على الحيرة ، وتحصن أهلها في القصور الثلاثة . . . ثم صالحوه من القصور الثلاثة على مائة ألف درهم يؤدونها في كل عام إلى المسلمين ، ثم ورد كتاب أبي بكر على خالد مع عبد الرحمن جميل الجمحي ، يأمره بالشخوص إلى الشام ليمد أبا عبيدة بن الجراح بمن معه من المسلمين ، فمضى ، وخلف بالحيرة عمرو بن حزم الأنصاري مع المثنى . ولم يزل عمرو بن حزم والمثنى بن حارثة يتطرفان أرض السواد ويغيران فيها ، حتى توفي أبو بكر » .
وقال خليفة بن خياط / 91 : « فلبث المثنى يسيراً ثم ذهب إلى المدينة ، وطلب من الخليفة أن يمدَّه بالجيش ، لكن أبا بكر مات قبل أن يهيئ جنوداً للمثنى ، فندب عمر المسلمين ثلاثة أيام في الصلاة ودعاهم أن يجيبوا نداء المثنى ، فلم يستجب أحد لخوف الناس من قوَّة الفرس ، وفي اليوم الرابع خطب المثنى بن حارثة الناس في مسجد النبي فقال : أيها الناس لا يعظم عليكم ريف فارس ، فإنا قد غلبناهم على خير شِقّيْ السواد وشاطرناهم ونلنا منهم ، واجترأ من قبلنا عليهم ولها إن شاء الله ما بعدها فقام أبو عبيد بن مسعود الثقفي فلبي النداء وتبعه جماعة من الأنصار ، فأمَّره عمر بن الخطاب على ذلك الجيش ، وذهبوا مع المثنى إلى العراق ! وأخذ أبو عبيد الثقفي يوزع الجيش كتائب تغير على القرى والمسالح التابعة لملك الفرس ، فأناط بمهمة الإغارة على زندرود للمثنى ، فأغار عليهم المثنى فقاتلهم وأخذ منهم أسرى ثم عاد .
ولما بلغ ملك الفرس خبر غارات المسلمين ، بعث ذا الحاجب بهمن بن الهرمزان أحد قواده ، وضمَّ إليه اثنى عشر ألف مقاتل لمواجهة جيش المسلمين ، فجاء ذا الحاجب ونزل قسَّ الناطف على شاطئ الفرات ثم أرسل لأبي عبيدة : تعبر إلينا أو نعبر إليك ؟ فنصحه المثنى وسليط بن قيس بعدم العبور والإنتظار في مكانه حتى يأتيه المدد من المدينة ، لكن أبا عبيد الثقفي أصرَّ على العبور فعقدوا له جسراً وعبر الجيش إلى الضفة الشرقية من نهر الفرات ، وأوصى إلى خمسة لقيادة الجيش إن هو قتل ، أحدهم المثنى ، وبدأت المعركة واقتتلوا أعظم قتال فقتل أبو عبيد ، وقتل عدد كبير من المسلمين قيل إنه بلغ أربعة آلاف ، وبعضهم مات غرقاً ، فاضطرَّ المثنى وحذيفة إلى الانسحاب بالباقين ! ثم كتب المثنى إلى عمر بما جرى يوم الجسر ، فأرسل عمر إلى قبائل العرب يدعوهم لنصرة المثنى ، فجاءه جرير بن عبد الله البجلي بجمع من أهل اليمن ، فبعث بهم عمر إلى المثنى . وعاد جيش المسلمين إلى ما كان عليه قبل يوم الجسر من الإغارة على القرى الواقعة تحت سلطان الفرس ، وكان كسرى قد مات وملكتهم ابنته آرزمي دخت ، فبعثت أحد قادتها مهران بن مهرويه ومعه اثنا عشر ألف فارس لصد هجمات المثنى ، فجاء مهران بجموعه حتى وصل الحيرة ، ونشب القتال بين الفريقين وتوسط المثنى الصفين يقاتلهم بسيفه ، لكنه فوجئ ببعض المسلمين يَفِرُّون فأخذ المثنى ينتف لحيته غضباً ، ثم قصد قائد الفرس مهران فحمل عليه فطعنه المثنى فقتله لكن المثنى أصيب بجرح عميق ، فاضطر للإنسحاب بمن تبقَّى معه وأوغل بقومه بكر بن وائل وبني شيبان إلى أعماق الصحراء خشية أن يفتك بهم الفرس ، فأدركته المنية فمات في بعض الطريق ! ثم جمع المسلمون جيشهم لمعركة القادسية وقدَّر عدد جيش المسلمين فيها بين سبعة إلى تسعة آلاف مقاتل » .هذا واقع فتح العراق فقد كان العامل الرئيسي في فتحه انهيار نظام كسرى وخوف الفرس من قبيلة بني شيبان وبني عجل ، وتراجع حامياتهم أمام غاراتهم وعملياتهم ، ولم يكن في تلك العمليات معركة حقيقية سوى معركة الجسر والقادسية وكانت مقدمة لمعركة نهاوند وقادتها القائدين البطلين النعمان بن مقرن وحذيفة بن اليمان .
الفصل السادس : بنو شيبان
1 - قبائل ربيعة
كانت قبائل ربيعة ( عبد القيس وشيبان وبنو عجل وبنو قيس وسدوس ) في الفتنة التي حدثت بين المسلمين وقتل فيها ثمامة بن المثنى بن حارثة كما نص عليه البلاذري في أنساب الأشراف / 244 ، قال : « وقتل يومئذ ثمامة بن المثنى بن حازمة الشيباني فقال الأعور الشني :
يا قاتـل الـلـه أقـوامـاً هـم قـتـلـوا * يـوم الخـريبة عـلباءً وحسانـا
وابن المثنى أصاب السيف مقتله * وخير قرائهم زيد بن صوحانا
وكان موقف بني شيبان في معركة صفين مميزاً ، ورووا أنه سئل : أيُّ القبائل وجدت أشدُّ حرباً بصفين ؟ فقال : الشعر الأذرع من همدان ، والزرق العيون من شيبان . ( أنساب الأشراف : 167 ) .
وذكر المؤرخون منهم حريث بن حسان بن كلدة الذهلي ذهل بني شيبان ( أسد الغابة : 1 / 323 ) ، وأنه وفد على النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) وأسلم وبايع لنفسه وقومه وقتل في معركة الجمل هو وابنه خوط . ( إكمال الكمال : 3 / 198 ) .
2 - الصحابي سعد بن أياس الشيباني سعد بن إياس الشيباني : أبو عمرو ، أدرك النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) وآمن به ولم يره ، قال : بُعث النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) وأنا أرعى إبلاً لأهلي بكاظمة ( الإستيعاب : 4 / 1720 ) شهد القادسية ( الطبقات : 6 / 104 ) روى عنه مسلم ، وابن ماجة ، وأبي داود ، والنسائي ، والترمذي . في أسانيد السنة ، للطبسي / 166 ) .
3 - صيفي بن فسيل الشيباني صيفي بن فسيل الشيباني أحد الشجعان المذكورين ، ( تاريخ الطبري : 4 / 59 ) .
4 - غياث بن عمران بن مرة ، من ذهل بن شيبان ، كان زعيم قومه . ( تاريخ الطبري : 4 / 207 )
5 - نعيم بن هبيرة بن شبل بن يثربي الشيباني . قائداً على قبائل بكر بن وائل الكوفية كلها ( شرح نهج البلاغة : 4 / 27 ) . وبقي نعيم هبيرة وفياً لمبادئه ، حتى قتل في ثورة المختار الثقفي ( الطبري : 4 / 501 )
6 - مصقلة بن هبيرة أخو نعيم من سادات بني شيبان ، لكن سوء تقدير أوقعه في مشكلة ، فقد كان والياً على ميسان ، فمرَّ به سبي بني ناجية مع معقل بن قيس الرياحي عندما أخمد فتنة الخريت بن راشد الناجي ، وكانوا نصارى فيهم نساء وأطفال يبكون فرقَّ لهم مصقلة فاشتراهم جميعاً بخمس مئة درهم وأعتقهم وأعطى ( نهج البلاغة : 1 / 95 ) .
7 - ومن بني شيبان حنظلة بن عمرو الشيباني وجبلَّة بن علي .
الفصل السابع : من أعلام بني شيبان
1 - القائد الثائر أبو السرايا واسمه : السري بن منصور الشيباني ، ثائر شجاع ، وأمير عصامي قيل إنه من ولد هانئ بن قبيصة الشيباني . ( الأعلام : 3 / 82 ) كان في زمن المأمون وكان قائداً عند هرثمة بن أعين ، أحد قادة المأمون ، وفارقه لتنقيصه أرزاق جنده وتبعه منهم جماعة ، فأخذ يغير بهم على البلدات ويأخذ ما اجتمع عند عاملها من أموال ، ويقسَّمه ولا يأخذ لنفسه شيئاً . وكان محمد بن إبراهيم المعروف بابن طباطبا الحسني ، يمشي يوماً في أزقة الكوفة فرأى امرأة عجوزاً تتتبَّع أحمال الرطب ، فتلتقط ما يسقط منه ثم تجمعه في كساء رث عليها فسألها عما تصنع ذلك ؟ فقالت : إني امرأة لا رجل لي يقوم بمؤنتي ، ولي بنات لا يعدن على أنفسهن بشئ فأنا أتتبُّع الطريق وأتقوته أنا وولدي ! وقيل رأى امرأة تأخذ ميتة من مزبلة ، فبكى محمد من ذلك ثم قال : أنت والله وأشباهك تخرجوني غداً حتى يسفك دمي ، ثم نفذت بصيرته على الخروج ( المصدر السابق : 346 ) .
2 - الشيخ هارون بن موسى التلعُكبُري الشيباني ومن شخصيات بني شيبان : ابنه محمد بن هارون التلعكبري : توفي بعد أبيه بسنتين وكذا ابنه الحسين بن هارون التلعكبري ، أخذ العلم والرواية عن أبيه .
3 - جعفر بن ورقاء الشيباني أمير بني شيبان في العراق ووجههم ، كان عظيماً عند السلطان وكان والياً على الكوفة زمن المقتدر بالله العباسي ( تاريخ الكوفة / 280) وكان بينه وبين أبي فراس الحمداني مراسلة ، كما كان أثيراً لدى سيف الدولة
4 - علي بن أبي سارة الشيباني البصري وابنه العباس ثقة .
5 - العوام بن حوشب بن يزيد بن رويم ، من ذهل بن شيبان ، من أهل واسط ، ذكره ابن حبان في الثقات ( 7 / 298 ) . وطَلاب بن حوشب الشيباني : أخ العوام وعبد الله بن خراش : ابن أخ العوام بن حوشب .
6 - معن بن زائدة أبو الوليد الشيباني هو معن بن زائدة بن عبد الله بن مطر بن شريك بن الصلب ، الشيباني . كان من أصحاب المنصور ببغداد ، ثم ولاه اليمن وغيرها ، وكان سمحاً جواداً . ( تاريخ بغداد : 13 / 236 ) وهو من مشاهير العرب بالكرم ، وقد رويت له قصص كثيرة ، منها ما رواه صاحب شرطته ، قال : بينا أنا على رأس معن إذا هو براكب يوضع ،فقال معن : ما أحسب الرجل يريد غيري قال : ثم قال لحاجبه لا تحجبه . قال : فجاء حتى مثل بين يديه ، فقال :
أصلحك الله قلَّ ما بيدي * فما أطيق العيال إذ كثروا
ألـح دهـر رمـى بكلكله * فأرسلوني إليك وانتظروا
قال : معن وأخذته أريحية لا جرم والله لأعجلن أوبتك ثم قال يا غلام ناقتي الفلانية وألف دينار ، فدفعها إليه وهو لا يعرفه . ووفد عليه قوم فوصلهم وأعطاهم إلا رجلاً جاء بعد ما خرجوا من عنده قال : فكتب إليه :
بـأي الخلتيـن عـليـك أثـني * فإني بعد منصرفي مسول
أبا النعمى وليس لها ضياء * علي فمن يصدَّق ما أقول
فقال له معن بن زائدة : لا أحد والله وأمر له بعشرة آلاف درهم ( تاريخ بغداد : 13 / 239 ) . تولى معن عدَّة ولايات للمنصور العباسي ، فقد ولاه اليمن سنة مئة واثنين وأربعين هجرية ( تاريخ خليفة / 339 ) ، كما ولاه آذربيجان ثم سجستان . وقتل سنة اثنتين وخمسين ومائة . ( تاريخ بغداد : 13 : 241 ) .
7 - يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني ، أبو خالد ، وهو ابن أخ معن بن زائدة . من القادة الشجعان . كان والياً بأرمينية وأذربيجان ، وانتدبه هارون لقتال الوليد بن طريف الشيباني عظيم الخوارج في عهده ، فقتله سنة مئة وتسع وسبعين ، وعاد إلى أرمينية ، وولاه اليمن . وأخبار شجاعته وكرمه كثيرة . توفي سنة مئة وخمس وثمانين في أذربيجان ، ورثاه شعراء كثيرون . ( الأعلام : 8 / 188 ) .
8 - أحمد بن عمرو بن أبي عاصم وهو حافظ كبير ، قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ( 13 / 432 ) : إمام بارع متبع للآثار كثير التصانيف . قدم أصبهان على قضائها ونشر بها علمه . قال أبو الشيخ : كان من الصيانة والعفة بمحل عجيب . وقال أبو بكر بن مردويه : حافظ كثير الحديث ، صنف المسند والكتب . وقال أبو العباس النسوي : أبو بكر بن أبي عاصم وهو : أحمد بن عمرو بن الضحاك بن مخلد الشيباني ، من أهل البصرة ، من صوفية المسجد ، من أهل السنة والحديث والنسك والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، صحب النساك ، وكان مذهبه القول بالظاهر ، وكان ثقة نبيلا معمرا ، وقال الحافظ أبو نعيم : كان فقيهاً ظاهري المذهب . وفي هذا نظر ، فإنه صنف كتاباً على داود الظاهري أربعين خبراً ثابتة مما نفى داود صحتها . قالت بنته عاتكة : ولد أبي في شوال سنة ست ومئتين ، فسمعته يقول : ما كتبت الحديث حتى صار لي سبع عشرة سنة ، وذلك أني تعبدت وأنا صبي فسألني إنسان عن حديث فلم أحفظه فقال لي : ابن أبي عاصم لا تحفظ حديثاً ؟ فاستأذنت أبي فأذن لي فارتحلت . قلت : كان يمكنه أن يحفظ أحاديث يسيرة من جده أبي عاصم . وأمه هي : أسماء بنت الحافظ موسى بن إسماعيل التبوذكي ، فسمع من جده التبوذكي ، ومن والده ، ومات والده بحمص على قضائها ، في سنة
اثنتين وأربعين ومئتين وله نيف وستون سنة . وكان أخوه عثمان بن عمرو بن أبي عاصم من كبار العلماء ، قال ابن عبد كويه : سمعت عاتكة بنت أحمد تقول : سمعت أبي يقول : جاء أخي عثمان عهده بالقضاء على سامراء ، فقال : أقعد بين يدي الله تعالى قاضيا ؟ ! فانشقت مرارته ، فمات . وروي عن أحمد بن محمد بن محمد المديني البزاز يقول : قدمت البصرة وأحمد بن حنبل حي ، فسألت عن أفقههم ، فقالوا : ليس بالبصرة أفقه من أحمد بن عمرو بن أبي عاصم .
9 - عز الدين بن الأثير وهو علي بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري أبو الحسن عز الدين ابن الأثير : المؤرخ ، من العلماء بالنسب والأدب . ولد ونشأ في جزيرة ابن عمر ، وسكن الموصل وتجول في البلدان وعاد إلى الموصل ، فكان منزله مجمع الفضلاء والأدباء وتوفي بها . من تصانيفه : الكامل في التاريخ ويقع في اثني عشر مجلداً ، مرتب على السنين ، بلغ فيه عام 629 هجرية ، وكتاب أسد الغابة في معرفة الصحابة ، ويقع في خمس مجلدات كبيرة ، مرتب على الحروف ، واللباب في تهذيب الأنساب اختصر به أنساب السمعاني وزاد فيه ، وتاريخ الدولة الأتابكية ، والجامع الكبير في البلاغ ، وتاريخ الموصل لم يتمه ، توفي سنة ست مئة وثلاثون للهجرة . ( الأعلام للزركلي : 4 / 332 ) .
10 - يحيى بن هبيرة وهو يحيى بن محمد بن هبيرة بن سعيد بن الحسن بن أحمد بن الحسن الشيباني ، الدوري ، البغدادي ، الحنبلي ( عون الدين أبو المظفر ) أديب ، نحوي ، لغوي ، عروضي ، مؤرخ ، فقيه ، مقرئ من الكتاب والوزراء . ولد بالدور من قرى الدجيل في ربيع الآخر ، ودخل بغداد شابا وتفقه على مذهب أحمد بن حنبل وسمع الحديث ، وقرأ القراءات ، ودخل في الكتابة ، وولي مشارفة الخزانة ، ثم ترقى ، فولي ديوان الخواص ، ثم استوزره المقتفي العباسي ، توفي مسموما ببغداد في 13 جمادى الأولى من سنة خمس مئة وستون . من آثاره : الإفصاح عن معاني الصحاح في عشر مجلدات ، العبادات على مذهب أحمد بن حنبل ، الإشراف على مذاهب الأشراف ، تلخيص اصلاح المنطق لابن السكيت ، وأرجوزة في الخط . ( معجم المؤلفين : 13 / 229 ) .
11 - رويم بن محمد أبو الحسن ، رويم بن أحمد ، وقيل رويم بن محمد بن يزيد بن رويم بن يزيد ، الصوفي ، من أفاضل البغداديين ، وهو من بني شيبان ، أحد أئمة أهل زمانه ، كان عالماً بالقرآن ومعانيه ، وعالماً بالقراءات ، مات في بغداد سنة ثلاث مئة وثلاثة . رويت عنه أقوال في الحكمة ، منها قوله : السكون إلى الأحوال اغترار ، وقوله : رياء العارفين أفضل من إخلاص المريدين ، وقال : الفقر له حرمة ، وحرمته ستره واخفاؤه ، والغيرة عليه ، والضن به ، فمن كشفه وأظهره وبذله ، فليس هو من أهله ولا كرامة . وقال : التوكل إسقاط رؤية الوسائط ، والتعلق بأعلى العلائق . وسئل عن المحبة فقال : الموافقة في جميع الأحوال وأنشد :
ولو قلت لي متْ متُّ سمعاً وطاعةً * وقـلت لداعي الموت أهـلاً ومرحبا وقال : الأنس أن تستوحش مما سوى محبوبك . وقال : الصبر ترك الشكوى ، والرضى استلذاذ البلوى . ( تاريخ بغداد : 8 / 430 ) .
12 : بكر بن محمد بن حبيب بن بقية : أبو عثمان المازني من مازن شيبان كان سيد أهل العلم بالنحو والغريب واللغة بالبصرة ، وهو من علماء الإمامية ، له كتاب في التصريف ، وكتاب ما يلحن فيه العامة ، مات سنة مائتين وثمان وأربعين ( رجال النجاشي / 110 ) .
13 : فخر الدين أبو علي عيسى بن هندي : الإربلي الشيباني . كان حاكماً بإربل ونواحيها أيام الصاحب محمد بن الصلايا الحسيني ، وإليه رئاسة البلد ، مات سنة ست مائة وتسع وستين .
14 : الفاضل الشيباني ماجد بن فلاح بن حسن ، عالم فقيه معاصر للمقدس الأردبيلي ، له رسالة فقهية في الخراج انتصر فيها للمحقق الكركي القائل بالجواز . ( الذريعة : 11 / 179 ) .
15 : عيسى بن عمرو الشيباني : عالم زيدي ( خلاصة الأقوال / 378 )
16 : الشيخ محمد بن عبد الله البحراني الشيباني ( مستدرك الوسائل : 5 / 393 ) .
17 : علي بن محمد بن محمد بن عقبة الشيباني : سمع منه التلعكبري ، وله منه إجازة . ( رجال الطوسي / 432 ) .
18 : صدقة بن عبد الله السمين الشيباني : كان زرارة بن أعين مولاه ( معجم الرجال والحديث للأنصاري : 2 / 23 ) روى عنه الصدوق عن هشام عن أنس بن مالك . ( علل الشرائع : 1 / 12 ) .
19 : حميد بن راشد الذهلي ، يروي عن المفضل ، وله كتاب . ( معجم رجال الحديث : 3 / 35 ) .
20 : محمد بن أحمد الشيباني المكَتَّب ، من مشايخ الصدوق ، روى وصية السفير الرابع السمري ( رحمه الله ) . ( النجاشي / 133 ) .
21 : يونس الشيباني
22 : بشير بن أبي غيلان الشيباني
23 : أحمد بن عبد الله الهروي الشيباني .
24 : عبد الملك بن هارون بن عنترة الشيباني
25 : محمد بن بحر بن سهل الرهني الشيباني ، كان متكلماً عالماً بالأخبار فقيهاً ، له نحو خمس مائة مصنف ورسالة ونقل عنه محمد بن جرير الطبري في دلائل الإمامة / 265 ، كلمات تدل على علمه الواسع .
26 : عبد الله بن عون الشيباني .
27 : إبراهيم بن عمران الشيباني
28 : عبد الله بن أحمد بن جعفر الشيباني ، روى عنه في الإقبال : 2 / 251 .
29 : فليح بن أبي بكر الشيباني :
30 : القاسم بن عوف الشيباني : ذكره ابن حبان في الثقات .
31 : بشر بن عبد الله الشيباني :
32 : الحارث بن زياد الشيباني
33 : سعد بن طالب الشيباني .
34 : علي بن شجرة النبال الشيباني له كتاب .
35 : محمد بن عبد العزيز بن هانئ الشيباني .
36 : الهيثم بن عبيد : أبو كهمس الشيباني .
37 : الوليد بن عروة الهجري الشيباني .
38 : موسى بن مسلم الشيباني الحزامي .
39 : الشيخ محمود بن يحيى بن محمد بن سالم الشيباني الحلي ، فقيه عالم صالح شاعر أديب ، يروي عنه ابن معية ( أمل الآمل : 2 : 317 )
40 : الحر بن سعد الشيباني .
41 : عبد الرحمن بن أبي أحمد الشيباني .
42 : القاسم الشيباني .
وفي تاج العروس : 2 / 133 : « وهما شيبانان ، أحدهما شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل . والآخر شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة ، وهما قبيلتان عظيمتان تشتملان على بطون وأفخاذ كما صرحنا به في كتاب أنساب العرب . وإلى الثانية نسب إمام المذهب أحمد بن حنبل ، والإمام محمد بن الحسن صاحب الإمام أبي حنيفة وعبد الله بن الشيَّاب كشدَّاد » .
43 - الإمام أحمد بن حنبل من بني شيبان وهو الإمام أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني ولد في بغداد في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة. ( وفيات الأعيان : 2 / 64 ) وإليه ينسب المذهب الحنبلي ، أخذ الفقه والحديث من الإمام الشافعي ، وعن البزاز الدولابي ، وعن أبي النعمان السدوسي عارم ، وعن أبي عمرو الشيباني ، وله من الكتب المسند ، وفضائل الصحابة ، وغيرها . وفي الأعلام للزركلي : 1 / 203 : « أحمد محمد بن حنبل ، أبو عبد الله ، الشيباني الوائلي : إمام المذهب الحنبلي ، وأحد الأئمة الأربعة أصله من مرو ، وكان أبوه والي سرخس » . وقد أورد في تاريخ دمشق : 5 / 252 : 6 هذا النسب فقال : أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل » . ثم قال بعده : « أبو عبد الله الشيباني الإمام .
44 - إبراهيم بن رجاء الشيباني المعروف بابن أبي هراسة وهراسة أمه روى عن الحسين بن علي بن الحسين ، وعبد الله بن محمد بن عمر بن علي ، وجعفر بن محمد ، وله عن جعفر نسخة . ( رجال النجاشي / 23 )
45 - الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل وثقه العجلي في الثقات : 1 / 472 قال : أبو عاصم الشيباني ، بصري ، ثقة ، وكان له فقه ، كثير الحديث ، وذكره ابن حبان في ثقاته ( 6 / 484 ) قال : مولى لبني شيبان مات سنة مائتين واثني عشر . ( طبقات خليفة / 390 ) .
46 - ثعلب النحوي أبو العباس أحمد بن يحيى بن سيار : أو أحمد بن يحيى بن زيد ، وسمِّي ثعلب لأنه إذا سئل مسألة أجاب : من هاهنا وهاهنا فشبهوه بالثعلب إذا أغار ، وهو إمام الكوفيين في النحو واللغة والثقة والديانة ولد سنة مئتين ومات سنة مئتين وإحدى وتسعين ، وعاصر أحد عشر خليفة من خلفاء بني العباس ، أولهم المأمون وآخرهم المكتفي بالله ( الوافي بالوفيات : 8 / 157 ) قرأ على ابن الأعرابي والزبير بن بكار وأخذ عنه غلامه أبو عمرو الزاهد والأخفش الصغير علي بن سليمان . وله مؤلفات عديدة مثل : المصون في النحو ، واختلاف النحويين ، ومعاني القرآن ، والموفقي ( مختصر في النحو ) ، وكتاب القراءات ، ومعاني الشعر ، والتصغير ، وما ينصرف وما لا ينصرف ، والشواذ ، والأمثال ، والأيمان والدواهي ، والوقف والابتداء ، واستخراج الألفاظ من الأخبار ، والهجاء ، وغرائب القراءات ، والمسائل ، وحد النحو ، وكتاب الفصيح في اللغة ( فهرست ابن النديم / 80 ) .
47 - إسحاق بن مرار ( أبو عمرو الشيباني ) أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني : النحوي اللغوي ، هو من رمادة الكوفة ، نزل بغداد ، وهو من الموالي ، وجاور شيبان للتأديب فيها فنسب إليها ، كان يؤدب صبيان بني شيبان ، وكان من الأئمة الأعلام في فنونه وهي اللغة والشعر ، وكان كثير الحديث كثير السماع ثقة ، وهو عند الخاصة من أهل العلم والرواية مشهور معروف ، وأخذ عنه جماعة كبار منهم الإمام أحمد بن حنبل ، وأبو عبيد القاسم بن سلام ، ويعقوب بن السكيت صاحب إصلاح المنطق ، وقال في حقه عاش مائة وثماني عشرة سنة وكان يكتب بيده إلى أن مات وكان ربما استعار الكتاب مني وأنا إذ ذاك صبي آخذ عنه وأكتب من كتبه .
له من التصانيف : كتاب الخيل ، وكتاب اللغات ، وهو المعروف بالجيم ، ويعرف أيضاً بكتاب الحروف ، وكتاب النوادر الكبير ، وكتاب غريب الحديث ، وكتاب النخلة ، وكتاب الإبل ، وكتاب خلق الإنسان ، وكان قد قرأ دواوين الشعراء على المفضل الضبي وكان الغالب عليه النوادر وحفظ الغريب وأراجيز العرب . قال ولده عمرو : لما جمع أبي أشعار العرب ودوَّنها ، كانت نيفاً وثمانين قبيلة . ( وفيات الأعيان : 1 / 201 ) .
48 - ابن الفوطي الشيباني عبد الرزاق بن أحمد الشيباني ، الملقب بابن الصابوني وابن الفُوَطي ، لأن جده لاُمِّه كان يمتهن بيع الفُوَط ، وهو من ولد معن بن زائدة المشهور بالجود والكرم ، توفي سنة سبع مئة وثلاث وعشرين في بغداد . وسرقه المغول من بغداد وهو صغير ، وأخذه منهم نصير الدين الطوسي ( رحمه الله ) ورباه وعلمه ، وأعاده إلى بغداد .قال الذهبي في تذكرة الحفاظ : 4 / 1493 : العالم البارع المتفنن ، المحدث المفيد ، مؤرخ الآفاق ، مفخر أهل العراق . . ومهر في التاريخ والشعر وأيام الناس ، وله النظم والنثر والباع الأطول في ترصيع تراجم الناس وله ذكاء مفرط وخط منسوب رشيق وفضائل كثيرة ولابن الفوَطي العديد من المؤلفات منها كتابه التاريخي المشهور : الحوادث الجامعة .
48 إبراهيم بن أحمد الرياضي الشيباني ، البغدادي ، أبو اليسر ، محدث فقيه أديب نحوي . توفي بالقيروان . لقي الجاحظ والمبرد وثعلب وابن قتيبة ، ولقي من الشعراء أبا تمام والبحتري وغيرهما . وفد من المشرق إلى الأندلس ، وأدخل إفريقية رسائل المحدثين وأشعارهم وطرائف أخبارهم . من تآليفه : لقط المرجان ، سراج الهدى في القرآن ومشكله ، والمرصعة ، والمدبجة وله أشعار . ( معجم المؤلفين : 1 / 5 )
49 - شهاب بن خراش بن حوشب بن يزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم بن عبد الله بن سعد بن مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة ، الإمام القدوة العالم ، أبو الصلت الشيباني ، ثم الحوشبي ، الواسطي ، أخو عبد الله ، وابن أخي العوام بن حأصله كوفي تحول إلى الرملة ، وحدث عن عمرو بن مرة ، وأبان بن أبي عياش ، وعبد الملك بن عمير ، وعبد الكريم الجزري ، ومنصور بن المعتمر ، ومحمد بن زياد القرشي ، وقتادة وعاصم بن بهدلة ، وعمه العوام ، وحماد بن أبي سليمان ، وشعيب بن رزيق الطائفي ، والقاسم بن غزوان ، وينزل إلى الثوري ، والربيع بن صبيح ، وروى عنه : ابن مهدي ، وعبد الله بن ميمون القداح وابن أبي فديك ، والهيثم بن خارجة ، وآدم بن أبي إياس ، وعثمان بن سعيد بن كثير الحمصي ، وسعيد بن منصور ، والحكم بن موسى ، وقتيبة ، وعلي بن حجر ، ويزيد بن موهب وسويد بن سعيد ، وخلق كثير . ( سير أعلام النبلاء : 8 / 284 ) .
الفصل الثامن : الشيبانيون بالولاء والمجاورة
*- معنى التحالف والمجاورة والولاء أن يساكن شخص قبيلة معينة ، فينسبه الناس إليهم وهو ليس منهم ، وقد يكون من قبيلة عربية أخرى أو يكون غير عربي ، فينسب إلى تلك القبيلة لسكنه في ديارهم . ومعنى التحالف : أن يتفق أحد من غير القبيلة معهم على أن يكون حليفهم فينسب إليهم وإن لم يكن منهم ، كعمار بن ياسر وأبيه الذين كانوا من اليمن فتحالفوا مع بني مخزوم .
ومعنى الولاء : أن يكون المعتق عبداً لشخص فيعتقه ، فيقال للعبد المعتق مولى آل فلان ، وينسب إليهم وإن لم يكن من القبيلة بل ولو لم يكن عربياً فيقال مولى بني شيبان مثلاً . وينسب إلى الشيبانيين عدة بالمجاورة والتحالف والولاء ، وأصلهم من غيرهم ، كآل أعين الشيبانيين ، وأصلهم من الروم ومن حلفاء بني شيبان : آل أعين بن سنسن أسرة جليلة وكان جدهم سنسن راهباً رومياً وابنه أعين غلاماً أسيراً في حلب فاشتراه عبد الله بن عمرو السمين بن أسعد بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان فرباه وتبناه وأحسن تأديبه وحفَّظه القرآن وعرَّفه الأدب وأعتقه ، فنسب إليهم . ( تاريخ آل زرارة / 3 ) . ونبغ ابنه زرارة بن أعين الشيباني : واسمه عبد ربه ، وزرارة لقب له ، أقول : كفى بني شيبان شرفاً وفخراً رعايتهم لهذا العلم الجليل وأبيه وأسرته ومن موالي بني شيبان . حمران بن أعين : أخو زرارة ، ثقة ممدوح وبكير بن أعين عبد الله ، والجهم ، وعبد الحميد ، وعبد الأعلى ، وعمر ، وزيد ،وعبد الرحمن بن أعين وعبد الملك بن أعين وعبيد بن زرارة وعبد الله بن زرارة ورومي بن زرارة ومحمد بن زرارة وحمزة بن حمران ومحمد بن حمران وعبد الله بن بكير والحسن بن الجهم بن بكير ومحمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم وعلي بن سليمان بن الجهم وأحمد بن محمد بن محمد الزراري : أبو غالب ومحمد بن عبد الله بن أحمد الزراري : كان أديباً ، له كتاب فضل الكوفة على البصرة ، وكتاب جمل البلاغة . ( المصدر السابق : 398 ) وأولاد عبد الملك بن أعين ذكرهم الشيخ في الرجال : ضريس ، وعلي ، ومحمد وهناك آخرون من آل أعين من الرواة والعلماء ، لا يتسع المجال لذكرهم .
ومبارك بن عبد الله ومحمد بن فليح الشيباني ومعروف بن زياد وحماد بن أبي زياد وسليمان بن صالح ومحمد بن الربيع مولاهم .
هشام بن الحكم قيل كان أولاً مولى كندة ثم صار مولى بني شيبان ، وقيل كان يسكن أحياء بني شيبان فنسب إليهم أبو محمد هشام بن الحكم الشيباني .
أبو يوسف القاضي مولى بني شيبان وهو محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة ، قدم أبوه واسط فولد محمد بها ونشأ بالكوفة ، وطلب الحديث وسمع من مسعر ومالك بن مغول وعمر بن ذر والأوزاعي والثوري وأشباههم ، وجالس أبا حنيفة وسمع منه . وخرج إلى الرقة فولاه هارون قضاء الرقة ، ثم عزله وسكن بغداد . وأخذه معه هارون إلى الري ، فمات بها سنة تسع وثمانين ومائة . ( المعارف لابن قتيبة / 500 ) .
وقال ابن خليفة في طبقاته / 613 : « محمد بن الحسن القاضي ، يكنى أبا عبد الله ، مولى بني شيبان ، مات بالري سنة تسع وثمانين ومائة » . وتاريخ بغداد : 2 / 178 ، وطبقات ابن سعد : 7 / 336 . هذا ، وقد ترجم المؤرخون لعديد من الشخصيات الإسلامية ، من موالي بني شيبان منهم ضرار بن مرة ، أبو سنان الشيباني ، من أهل الكوفة يروى عن سعيد بن جبير ، وعبد الله بن أبي الهذيل ، روى عنه شعبة وأهل العراق ، وكان عابداً مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة . ( الثقات لابن حبان : 6 / 484 ) . وقد ذكر ابن ماكولا في إكمال الكمال ( 4 / 274 ) العديد من علماء السنة ومحدثيهم ، وهم من موالي بني شيبان .

ولتصحيح المفهوم الخاطيء من خلط نسب قبائل عنزة مع بكر وتغلب اقتبست هذه البحوث لعل الذين زورّوا نسب هذه القبائل يعرفون الحقيقة ويكفون عن العبث بأنساب قبائل ربيعة والله المستعان.


نقل هذا البحوث : عبدالله بن دهيمش بن عبار الفدعاني العنزي .

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله بن عبار ; 06-06-2022 الساعة 04:39 PM
عبدالله بن عبار متواجد حالياً   رد مع اقتباس