الاخ الكريم الباحث ابومشاري الرفدي
ذكرت أن معظم الحروب في الأمم سببها اقتصادي بحت وأشرت الى الحروب الدينيه كذلك ، وإني أرى أن هذا الأمر غير صحيح فمن ناحية إن كنا نتحدث عن الإسلام فلقد انطلقت الفتوحات منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم الى عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم ثم الخلافة الأمويه ثم العباسية ثم العثمانيه مع دويلات تتخللها هنا وهناك وفي الأندلس ، ولم تكن حروب الإسلام لأسباب اقتصادية انما هي لاظهار الحق وأمر الله سبحانه وتعالى ، خلال هذا الأمر برمته من الطبيعي أن يكون المال او الاقتصاد وهو جانب أساسي موجود ولكن وجوده وأهميته لاتعني أنه المعني في كل شيء ،فهناك غنائم الحرب والفيء والزكاه ومصارفها وأحكامها وتفصيلها ، والاسلام ينظمها ويصرفها بوجهها الصحيح بالحق والعدل المطلق من الله سبحانه وتعالى ، كما انه ربما يوجد من المجاهدين من أراد النفع والحظوه بالمال او امرأه او سمعه فهذا حسب نيته وكذلك على مر العصور قد يوجد من الخلفاء بعد الراشدين من كان هدفه اقتصادي او دنيوي وهذا بحسب نية كل شخص، أما أن يكون أسباب حروب الأمم اقتصادي بحت على اطلاقه فهو أمر غير صحيح فهناك العقيدة ومايعتقده الإنسان والمبدأ وهي أقوى من أي سبب آخر ، وان وجد الاقتصاد وكان سبب رئيسي في كثير من الحروب إلا ان هناك اسباب اخرى مثل الحظوه والملك والشهره والسمعه والثأر والعقيدة المتأصله لدى الشخص سواء كان مسلم او نصراني او مجوسي او بوذي او ايا كان ، فكثير من حروب النصارى ضد الاسلام مبدأها عقيدة لديهم وبغضهم للمسلمين عقيدة في قلوبهم ، نعم قد يوجد الجانب الاقتصادي ولكن اعتراضي هو ذكرك بأنه بحت كما أشرت .
هناك علاقه عكسيه بين المال او الاقتصاد وبين المبدأ الذي يعتقده الشخص وهي عكسية فكلما نما الآخر اضمحل الآخر فلو كان هناك شخص لايوجد عنده مبدأ ، يعني سرسري هايت ماعنده لاهذيك ولاهذي فهذا ماعنده مبدأ عنده المال يكون أساس كل شيء
طبعاً حب المال غريزه والله سبحانه وتعالى يقول ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضه والخيل المسومة والأنعام والحرث ...)
امثال هؤلاء سواء كانوا شيوخ قبائل او ناس عاديين تحركهم الماده اي المال (الاقتصاد) قبل وهالحين مايفرق شيء الا تغير احوال الدنيا والا هم هم ، طبعا يتدرج الشخص من يكون عنده قدر معين من المبادي التي يعتقدها يحافظ عليها ولايضحي بها من اجل المال ، ولكن عند نقطة معينه يرخم خايب السد ، لذلك له حد معين ، يجي بعده من يرتفع سقف مبداه وتجده لا يهتم للمال كاهتمام سابقه الا انه يحب المال وهي غريزه مثل ماقلنا فطر عليها فيكون اشد من الأول ويكون عنده مبدأ يعتقده لايجعله مثلاً يبوق بجماعته ،ولكن عند نقطه معينه ارفع من نقطة خوينا اللي قبل شوي تلقاه يفغر فمه، يجي بعده رجل اعلى منه لايقبل ولايساوم ولاحتى تقول له ازحف وراك ،هذا لو تقطع رقبته مايذل نفسه لثانيه لوتعطيه مال قارون ،مثل الاخير هذا لايمكن ان يحارب لاجل اقتصاد حتى لو وجد الاقتصاد فو حصل طلب ثار يقولون اغز معنا ولك كذا وهو يمكن ماهو طلاب ثار ولايحلقه بالدم الا انه عنزي فتجده يفزع ويضحي بنفسه ويقول مابيلكم لاعايده ولاخزيزه ، تلقى غيره من جماعة نفس الرجل القريبين المذبوح الا انه مايفزع الا بعد اغراء او طمع لذلك الامر ماهو على اطلاقه .
لذلك ماذكره ابومشعل في بعض الفقرات لاتندرج تحت الاقتصاد فيما يخص الحروب بين القبائل في الجزيره العربيه ، مثلا الثأر ،ومن يفزع حميه لقبيلته ، ومن يراها من المراجل اي الغزو والكسب انها مرجله محضه ، هو في تفكيره انها مرجله اي الفعل والغزو ووجود المال والكسب والحلال وهو الجانب الاقتصادي هو شي طبيعي او عرضي فالمال من مقومات الحياة لكن ان يتمحور كل شي حول الاقتصاد اطلاقاً فهو غير صحيح ، حتى الغربيين اصحاب النظره المادية للأمور لديهم من الشرف والانفه والتضحيه مايجعلهم يقومون بحروب وتضحيات في القديم لمبادئ واعتقادات فكيف بالعرب وهم اهل المرجله والانفه وعزة النفس والمواقف ان لايكون لديهم مواقف وحروب لاسباب غير اقتصاديه .
للتذكير أن هذا لايعني اني انفي الجانب الاقتصادي فماذكرته من الغزو من اجل المراعي والموارد هو جانب اقتصادي بحت لكن يوضع في محله ولايتعدى لغيره من امور قد تمتزج مع غيرها .
كذلك هناك من المشائخ قديما وحديثا من كان يقدم المال على ربعه وقبيلته وبيده سلطه مطلقه واكثر هؤلاء من كان له احتكاك مباشر بالدول الاستعماريه مثل فرنسا وبريطانيا ابان انهيار الخلافه العثمانيه وكذلك الدولة العثمانيه من قبل ، فمثلاً هؤلاء يوضعون في محلهم ، وعلى سبيل ولأذكر ذلك الشيخ سليمان بن مرشد رحمه الله في وقته كان يطمح أن يقلب الخلافه العثمانيه ويؤسس خلافع تكون عربيه وذكر ذلك اوبنهايم في كتابه البدو وبدأ بتحركات واتصالات معينه مع بعض الحكام لكن كما يقولون ( مابالحمض احد ) والشيخ سليمان بن مرشد من المشائح النزيهين والذين لديهم نزعه دينيه ، كان كثيرا مايغضب الاتراك في مايفعل فهل نقول ان الشيخ سليمان لو قدر له ان يحارب ويؤسس ان يكون طمعه اقتصادي ، طبعا هذه نيه ولانستطيع الدخول بالنيات ولكن مما عرف عن الشيخ انه صاحب دين ورجل شهم فمثل هذا لايطمح لمطامع اقتصاديه ، والاتراك قتلوه غدراً بسم في فنجال قهوه لأنهم لايريدونه ، بينما غيره كان يأخذ المال من الأتراك والسلاح ليغزي ابن عمه او قبيلته او اي قبيله واصبح اداه لهم .
الشيخ ساجر الرفدي الذي اشتهر بمغازيه هل كانت غزاويه اقتصاديه محضه ، طبعا لا ، وان كانت اساسيه والا لما تخلى عن الشويان اللي اخذهم ، ولم يكن يفضل نفسه لا بغزيزه ولا بعايده ولايحظي لنفسه اخيار البل من الكسب ، فهي مرجله وعزة نفس ومبدأ قبل ان تكون اقتصاديه .
تلخيص للكلام ،
الجانب الاقتصادي اللي هو المال جانب اساسي في الحياة ولايمكن عزله عن كثير من الأمور ،لكن في الحروب ليس محض لذاته ، لا في الحروب الدينيه ولا بين القبائل في الجزيره العربيه وان كان على جانب كبير ومهم واوافقك عليه الا في جزئيه انه بحت تماماً .