عرض مشاركة واحدة
قديم 12-25-2013, 10:00 AM   #5
باحث
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
المشاركات: 59
افتراضي


-علاقة المستشرقين والمبشرين بالاستعمار:
  • تجد أن المستشرقين المبشرين يقومون بدور استعماري إمّا بطريق مباشر، وإمّا بطريق رسم الخطط ومعاونة الاستعمار في تحقيق أهدافه.
  • إن ظاهرة ارتباط المستشرقين بالاستعمار، واستعانة الاستعمار بالمبشرين ربما تمتد إلى بداية عصر الاستعمار الأوربي للشرق، وللهند وباكستان. لأنه وجدنا أن استعمار أوربا لكثير من بلاد العالم الإسلامي في القرن التاسع عشر والقرن العشرين قد أدّى إلى نشاط ملحوظ جدًّا في نشر المؤسسات التبشيرية في كل من إفريقيا وآسيا.
  • وتمكّن المستشرقين و المبشِّرون في ظل هذا الاستعمار من العمل بحرية، ودون خوف. وقد قامت الدول المستعمِرة بتوفير الحمايةكما عملت في الوقت نفسه على التضييق، بل والمعاقبة لكلّ من يقف في وجه المبشرين من الدعاة الإسلاميين، أو من المؤسسات الإسلامية.
  • كما قامت دول الاستعمار بذلك نصرة للمسيحية التي هي أصل من أصول الحضارة الأوربية، حتى وإن تمرّدت عليها الحكومات، ثم تحقيقًا للمصالح التي تتحقّق لهذا الاستعمار بانتشار المسيحية في هذه البلاد.
  • ولعل الدول المستعمِرة قد وجدت الفرصة سانحة لتردّ الجميل لعمل المستشرقين الذي بدأ بعد نهاية الحروب الصليبة مباشرة؛ فمن أجل ذلك بسطت عليهم الحماية في شتّى أنحاء المعمورة.
  • لذلك وجدنا أنّ الاستعمار والتبشير، ورجال الاقتصاد ورجال المال، يتعاونون جميعًا على حساب مصالح البلاد الإسلامية وشعوبها.
  • وقد تم الإفصاح عن هذا التعاون صراحة على ألْسنة الكثيرين منهم، حتى إننا نجد أنّ وعد (بلفور)، الذي يتضمّن وعدًا بمعاونة اليهود على إنشاء وطن قومي لهم في فلسطين على حساب أهلها.
  • كان (بلفور) رئيس شرف لمؤتمر تبشيري كبير عقد في إدنبرا باسكتلندا سنة 1910 م. وقد صرّح هذا الرجل في ختام المؤتمر بقوله: "إن المستشرقين
  • والمبشرين هم ساعد لكلّ الحكومات الأوربية في أمور مهمة جدًّا، ولولاهم لتعذّر علينا أن نقاوم كثيرًا من العقبات؛ وعلى هذا فنحن في حاجة إلى لجنة دائمة يُناط بها التوسط والعمل لما فيه مصلحة المبشرين ."
  • ونجد وزير معارف هولندا افتتح مؤتمرًا للمبشِّرين والمسشرقين في ليدن سنة 1931 م افتتح خطابه بقوله: "إن اتّساع الأمّة الهولندية في الشرق لم يكن القصد منه المكاسب المادية؛ بل أكثر ما قصدتْه هولندا بذلك هو نشر فضائل النصرانية بين أهالي هذه الشعوب".
  • ونجد من جهة أخرى: أن رئيس الغرفة التجارية في هامبورج يصرّح بقوله: "إن نموّ ثروة الاستعمار تتوقف تمامًا على أهمية الرجال الذين يذهبون إلى هذه المستعمرات. وأهم وسيلة للحصول على هذه الأمنية :إدخال الدين المسيحي في البلاد المستعمرة."
  • شهدت الدولة العثمانية في هذه الفترة التاريخية بعض مظاهر الضعف، فوجدنا أنّ البلاد العربية التي وقعت تحت الاحتلال أخذت تتأثر بدعوة الاستعمار عن طريق نشر فكرة القوميات، وبدأت تتأثر بهذه الأفكار، وبنشاط المستشرقين و المبشرين في هذه البلاد.
  • صرّح المبشر الأمريكي (جاك مندلسون) في أكثر من موضع من كتابه الذي وضعه عن تاريخ التبشير، بقوله: "لقد تمّت محاولات نشيطة لاستعمال المبشِّرين لا لمصلحة المسيحية، وإنما لخدمة الاستعمار".
  • وصرّح (نابليون) -صاحب الحملة الفرنسية على الشرق - في منشوره الذي أعلنه في مجلس الدولة في فرنسا بتاريخ 22 مايو 1894 م يقول" :إنَّ في نيّتي إنشاء مؤسّسة إرسالية تبشيرية؛ لأن هؤلاء الرجال المتديِّنون سيكونون عونًا لنا كبيرًا في آسيا وفي إفريقيا".
  • كما أكدّ البابا في كثير من المواقف على دعم بعثات التبشير في إفريقيا وآسيا، وأن تمدّ يد المعاونة عن طريق جمع المعلومات لحكوماتهم، حتى تستطيع أن تعمل في ظل هذه الحكومات.
  • وادعى المستشرقون و المبشرون في إفريقيا: أنهم أتوا إليها لقصد التنوير، ونشر التعليم، ونشر الثقافة؛ حتى إننا وجدنا أآثر من أربعمائة منظمة آنسية أمريكية تعمل في هذه المنطقة تحت هذه العناوين المزيّفة.
  • وبعد أن انكشف أمر هذه المؤسسات التبشيرية وجدنا أبناء إفريقيا أنفسهم يصبّون لعناتهم وجام غضبهم على هذه المؤسسات؛ لأنها خدعتْهم خدعة كبيرة، وقدّمتهم لقمة سائغة لاستعمار عسكري سياسي اقتصادي نهبَ خيرات هذه البلاد.
  • هذه البلاد كلها وضعت يدها على هذه المناطق في وسط وقلب وشرق أفريقيا بعون من عمل المستشرقين والمبشرين، وعن طريق المعلومات التي كان يغذِّيهم بها المستشرقون والمبشرون عن أهالي هذه المنطقة .
  • يقول أحدُ رواد العمل السياسي في إفريقيا، وهو أحد قواد الحملة العسكرية التي أتت من البرتغال إلى هذه البلاد: "لم نأتِ إلى هنا حبًّا للرب، ولكن حبًّا في البرتغال؛ لأنّ كل المبشرين الكاثوليك -وإن لم يسمّوا موظفين رسميِّين تحت إمرتنا- فإنهم يُعدُّون موظفين في الخدمة الخاصة للمصالح الوطنية والمدنية لصالح البرتغال. إن الأعمال الإرسالية في هذه المستعمرات تكفلها الحكومة، وتموّلها الدولة؛ فلا ينبغي أن يعملوا إلا لصالح الدولة ."
  • وبالإضافة إلى ذلك نجد (مندلسون) يعقد لنا مقارنة بين عمل المبشرين في إفريقيا بالذات، وما فعلوه مع طلاب إفريقيا، والمصالح التي قدّموها للمستعمرين في هذه البلاد، ويقول" :إن المبشِّر الوحيد كان يقوم بخدمات جليلة أكثر من حامل البندقية وحامل السلاح في الحملة العسكرية ."
  • لقد قدّم المستشرقون و المبشرون خدمات جليلة لهذه الحملات العسكرية التي وطئت هذه البلاد، ولولا عمليات المستشرقين لما استغل وما استعمر هذه البلاد لا فرنسا ولا إيطاليا ولا بلجيكا بهذه السهولة واليسر التي وجدوها في هذه الحملات العسكرية .
ذيب الشويرد متواجد حالياً   رد مع اقتباس