09-20-2013, 10:51 PM
|
#3
|
مؤرخ قبائل السلقا
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 1,145
|
ثامناً: رحلة أمين الريحاني (عام: 1341هـ/1922م)
هو أمين بن فارس الريحاني، لبناني الأصل، أمريكي الجنسية، مسيحي المعتقد وإن كان يؤمن بوحدة الأديان سماويها وبشريها ولد في قرية العريكة بلبنان عام (1293هـ/ 1876م) ومات بها عام (1359هـ/ 1940م) تعلم الابتدائية في لبنان ورحل إلى أمريكا في الثانية عشر من عمره وهناك عمل بالتجارة والتمثيل ودرس شيئاً من الحقوق ثم عاد إلى وطنه وتعلم العربية وآدابها وتردد مراراً بين لبنان وأمريكا ساح في بلاد عربية وأوربية فقد زار الجزيرة العربية (نجدها وحجازها ويمنها) وزار كذلك فلسطين ومصر والمغرب وأسبانيا ولندن وباريس, قال عنه الزركلي: كاتب خطيب يعد من المؤرخين له مؤلفات أدبية وتاريخية كثيرة من أشهرها (الريحانيات) و (ملوك العرب) و (تاريخ نجد الحديث)
خط رحلة الريحاني:
قدم الريحاني البلاد السعودية في عام (1341هـ/ 1922م) في وقت سيطر فيه الملك عبدالعزيز على معظم أنحاء المملكة سوى الحجاز، وفي هذه الظروف اتصل بالملك عبدالعزيز الذي أذن له وقدم له تسهيلات مكنت الريحاني من زيارة بلاد نجد ومنها مدينة عنيزة .
هدف رحلة الريحاني:
تدور شكوك كثيرة حول دوافع الريحاني إلى جزيرة العرب وحول المحرك الفعلي لهذه الزيارة أو المستفيد منها، بل إن هذه الشكوك أثيرت أمامه في حياته من قبل من زارهم من الزعماء والأمراء والساسة، وخاصة من قبل الملك عبدالعزيز نفسه في إحدى مجالسه؟ وإذا تابعنا تلك الشكوك فقد تأرجحت أهداف رحلته بين سياسية استعمارية خدمة للإنجليز وأخرى اقتصادية لصالح امتياز شركات النفط الأمريكية وثالثة تنصيرية وأخرى قومية وحدويّة ويحق لنا أن نسأل هل استخدم الريحاني الشعار القومي كغطاء لتحقيق أهداف سرية وخطيرة! خصوصاً إذا علمنا أن وتر القومية آنذاك هو معزوف الشعوب العربية وقياداتها الذين خرجوا لتوهم من عباءة الدولة العثمانية ولكنهم ما لبثوا أن وقعوا في براثن الاستعمار البغيض ومن الأسباب التي تثير الشك في رحلة الريحاني إضافة إلى أنه كان يحمل الجنسية الأمريكية أنه كذلك كان يحمل خطاب تعريف من وزارة الخارجية الأمريكية عندما قدم إلى جزيرة العرب بل وكانت تقاريره ومشاهداته عن البلاد التي زارها تصل بانتظام إلى القنصل الأمريكي في بيروت....
خط سير رحلته:
وصل ميناء العقير واجتمع فيه بالملك عبدالعزيز ثم صحبه إلى الرياض وعندما أراد التوجه إلى الكويت من الرياض سلك طريق المحمل فالوشم فالقصيم حيث زار فيه العوشزية وعنيزة وبريدة ثم الأسياح فصحراء الدهناء فحفر الباطن ثم الكويت.
مشاهداته في عنيزة:
كانت زيارة الريحاني لعنيزة في عام (1341هـ/ 1922م) وذكر عنها كلاماً مسهباً في كتابه (تاريخ نجد) منذ أن دخل العوشزية شرق (عنيزة) والتي كان أول ما لفت نظره فيها سبخاتها الملحية حيث ظنه نهراً من بعيد فاقترب منه وأخذ قطعة تجاوز سمكها الأربعة أصابع، ثم أن كبير العوشزية دعاهم إلى القهوة وضيّفهم، فكان بذلك أول مضيف لهم منذ أن دخلوا القصيم ومما قاله: "أهلها ملح الأرض جاءنا وجيههم يدعونا للقهوة"ثم في اليوم التالي توجه الريحاني إلى عنيزة قائلاً في وصفها: "عنيزة مليكة القصيم، عنيزة حصن الحرية ومحط رحال أبناء الأمصار، عنيزة قطب الذوق والأدب، باريس نجد وهي أجمل من باريس…ولاحظ الريحاني أن النفود غرب المدينة يشكل خطراً زاحفاً عليها: "قلت مرة لأهلها: أنتم والنفود قوم فأعجبوا بالكلمة وتناقلوها" ومما قاله أيضاً: قد تصغر عنيزة دون أهلها وهم زهاء ثلاثين ألفاً فهي مزدحمة بالسكان وأكثر أسواقها كالسراديب لأنهم يبنون فوقها الجسور وفوق الجسور البيوت ولكن هناك سوقاً للتجارة كبيرة منيرة تدهشك بما فيها من الأشكال والألوان فتذكرك بأمريكا وبلاد الإنجليز وتنقلك إلى الهند واليابان…ثم ذكر كرم الضيافة العنيزي بشيء من الإطراء قائلاً: "على أن ضيافة العربي العنيزي تمتاز عن ضيافة الإنجليزي في أن رب البيت يخدمك بنفسه من حين الاستقبال إلى حين الوداع…ثم أسهب بعد ذلك في وصف مجلس القهوة ونقوشة وتصميمه والموقد (الوجار) وطريقة صف المواعين (الأباريق والدلال) والنجر والحجري (الهاون) ثم ذكر عادات الأهالي في الضيافة وأنها نوعان منها ضيافة القهوة والتي يحلو فيها الحديث والأخرى على الغداء أو العشاء
ثم أثنى على الأمير عبدالعزيز بن عبدالله آل سليم (الذي كان قد اعتزل الإمارة) وعلى ضيافته وشكوى ذلك الأمير من أسنانه وحديثه عن (أمريكه) وتقدمها الطبي والعمراني ,ثم وصف زيارته لأمير عنيزة (عبدالله السليم) ووصف ما أولم له به من الحنيني اللذيذ جداً ثم تحدث عن رغبته عن جلب مكائن تجارية لرفع الماء لكن بعد أن يفعل السلطان عبدالعزيز (الملك عبدالعزيز) ومن الشخصيات الهامة التي التقى بها الريحاني في عنيزة وسجل إعجابه بها الوجيه (عبدالله بن محمد آل بسام) وكان فائدة الريحاني عظيمة من هذا الأديب المؤرخ حيث أرشده الملك عبدالعزيز إليه ليمده بأسماء المدن النجدية ومما قاله الريحاني في هذا الصدد (وكنت قد استعنت عندما مررت بعنيزة بالشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز البسام فكتب لي لائحة بأسماء بلدان القصيم وسدير والعارض) وقال أيضاً عنه: "والشيخ عبدالله البسام الذي قال فيه عظمة السلطان إنه من العارفين المدققين"وقد وصف الريحاني شخصية الشيخ عبدالله البسام بأنه عالم أديب ذا روح عصرية وأنه قد ساح في مصر والعراق والهند، ووصف ثرائه ومرزعته الحديثة وأن القليب التي حفرها كان عمقها 80 قدماً (أي: 24 متراً) وكلفتها (400 ليرة إنجليزية) وأن رفع الماء منها يكلفه يومياً (ليرة واحدة) بالجمال, ثم ذكر الريحاني مدى التسامح الديني الذي كان سائداً في عنيزة ورحابة صدور أهلها للمخالفين في الرأي والمعتقد ومذكراً بما حدث لداوتي فيها وما آلت إليه الأمور بعد مرور (45 سنة)
ملاحظات على زيارة الريحاني لعنيزة:
1- أن دخوله إلى عنيزة كان من جهة الشرق ولذا فقد مرّ بقرية العوشزية وقد نال ضيافة كريمة من أهلها الكرام2- تحدث الريحاني عن ملح العوشزية (السبخة) ووصفها وقال إن ملحها يملأ أسواق القصيم لكنه غير نقي3- استهل الريحاني مدونات مشاهداته في عنيزة بمدح المدينة وأهلها مثل قوله: (مليكة القصيم) و (باريس نجد) و (حصن الحرية) و (قطب الذوق والأدب)4- لفت نظر الريحاني موقع عنيزة وكيف هي واقعة بين جال الصفراء (شرقاً) وسفح النفوذ (غرباً) وأن هذا انعكس على تقييدها عن التوسع الأفقي للعمران مما جعلها ذات كثافة سكانية عالية5- وصف الأسواق الصغيرة (الطرقات) بأنها كالسراديب لكثرة الجسور المنزلية فوقها6- وقال عن السوق التجاري الرئيسي أنه الأكثر بضاعةً وتنوعاً في السلع 7- تحدث أن في عنيزة أسر عريقة ذات نسب وفضل وأنهم سواح في الأرض منذ القدم مما أعطاهم القدرة على استيعاب الغرباء وحب استضافتهم، وقد خص بالذكر منهم أعياناً مثل:
الأمير عبدالعزيز العبدالله السليم الذي تنازل عن الإمارة عام (1335هـ) لابن أخيه والأمير عبدالله الخالد السليم والأديب والمؤرخ والعارف المدقق الشيخ عبدالله بن محمد البسام ولقد استفاد الريحاني من الخدمات الجليلة التي قدمها له الشيخ عبدالله البسام في تحديد مواقع بلدان نجد في القصيم وسدير والعارض 8- قدم الريحاني وصفاً لأسلوب الحياة الاجتماعية في التعامل مع الغرباء وإكرام الضيوف وأعطى تبعاً لذلك وصفاً لقاعة الاستقبال (القهوة) حيث قال: "إنها طويلة فسيحة عالي سقفها، وقد سقف بخشب الأثل، قائم على أعمدة من الحجر مطلية بالجص، لها نوافذ مزدوجة النافذة فوق الأخرى، العالية لدخان الموقد يخرج منها والواطئة لتجديد الهواء النقي، وعلى جدرانها (القهوة) رسوم هندسية نقشت بالجص فوق أرضية من الطين…9- لمس الريحاني بوضوح مدى التفتح الذي تميز به أهل عنيزة عن غيرهم تجاه الغرباء والمخالفين ناقلاً قول الشيخ عبدالله البسام: "أهل عنيزة اليوم يغضبون لأقل إساءة تلحق بالغريب في بلدهم"10- وفي الختام نلاحظ أن مدونات الريحاني عن عنيزة فقيرة في جوانب هامة كالنشاط الزراعي والتجاري وإن كان لم يهملها مطلقاً.
تاسعاً: رحلة لويس ديم (عام: 1342هـ/ 1923م)
صاحب الرحلة: هو لويس بي ديم أمريكي الجنسية طبيب ومنصّر كان يعمل لصالح الإرسالية الأمريكية في البحرين .
هدف رحلته:
كان هاجس جهود بعثات التنصير في الخليج العربي اختراق صحراء العرب (شرقها ووسطها وغربها) كنوع من التحدي للعالم الإسلامي المدفوع بالعنصرية الصليبية في أقبح صورها، وكانت همزة الوصل لتحقيق تلك الأحلام هي الإرسالية الأمريكية في البحرين التي قامت بجهود حثيثة من أجل تحقيق أهداف التنصير في قلب جزيرة العرب, ولهذا انتدبت تلك الإرسالية الطبيب لويس ديم للقيام بهذه المهمة في منطقة نجد وذلك بعد أن واتت تلك الإرسالية الفرصة الثمينة حينما طلب الملك عبدالعزيز منها إرسال فرقة طبية متنقلة لمكافحة بعض الأمراض الوبائية التي ظهرت آنذاك، وعندما التقى لويس ديم بالملك عبدالعزيز اجتهد في أن يقنعه بجدوى إنشاء مستشفى مقيم في الأحساء كما فعل من قبله الطبيب الأمريكي المنصّر (مايلريا) في الكويت عام (1333هـ/ 1914م) عندما اقترح على الملك عبدالعزيز إقامة مستشفى في الرياض على غرار المستشفى الأمريكي بالكويت, وقد كان الجواب بالرفض في كلتا الحالتين، لأن الملك كان على علم بخبث نوايا تلك المشاريع الطبيّة وأهدافها التنصرية وكان رد الملك عبدالعزيز على هؤلاء المنصِّرين أنه في وقت الحاجة لطبكم سيتم استدعائكم دون حرج .
خط سير رحلة ديم:
انطلق (لويس ديم) من البحرين برئاسة فريق طبي متكامل وعلى أتم الاستعدادات، مكون من 4 مساعدين (ممرضين) ومعهم (32 صندوقاً) مملوءة بالأدوية والمعدات محملة على الجمال, ومن الرياض رافق البعثة أربعة حراس بأمر الملك عبدالعزيز ولحق بهم اثنان في بريدة -بعد ذلك- وعادت البعثة إلى البحرين وهي تحت حراسة أولئك الستة, غادر ديم البحرين في (6 نوفمبر 1923م) متوجهاً إلى الأحساء التي غادرها يوم الاثنين (12 نوفمبر) وفي يوم الجمعة الذي يليه (عصراً) دخل الرياض حيث تصدى لمعالجة الأهالي كما عالج الملك عبدالعزيز نفسه وأقام في الرياض (27 يوماً) وبعد أن أذن له الملك عبدالعزيز توجه إلى شقراء في (آخر ديسمبر) ومكث فيها (أسبوعين) ثم توجه إلى عنيزة حيث وصلها في (19 يناير 1923م) وأقام فيها (ثلاث أسابيع) ثم توجه إلى بريدة وأقام فيها (أسبوعاً واحداً) ومنها عاد إلى الأحساء (عن طريق المجمعة) ثم إلى ميناء العقير ومنها بحراً إلى البحرين .
نص مشاهدات ديم في عنيزة:
"وبعد أربعة أيام من مغادرة شقراء وصلنا عنيزة التي وجدناها مختلفة في كل شيء فللوهلة الأولى اعتقدنا أن عنيزة هي مجرد مدينة صغيرة مطوقة بسلسلة من التلال الصخرية من جانب والنفود (التلال الرملية) من الجانب الآخر ومدينة عادية تخلو من المدهشات، لكنها ظهرت مختلفة، فبسبب محدودية أراضيها تعتبر منطقة كثيفة السكان وبيوتها الطينية تتكون معظمها من ثلاثة إلى أربعة طوابق وبجانب البيوت وجدنا أن بساتين عنيزة وهي من أجمل البساتين التي رأيتها في الجزيرة العربية تقع على حافة المدينة وليست بعيدة عنها وأكثر من هذه فعنيزة تشكل نسيجاً خاصاً وتوليفة متميزة في الجزيرة العربية فبيوتها هي الأحسن والناس فيها الأكثر ذكاءً وأفضل معرفة وأكثر إنسانية وودية، وتجار عنيزة لديهم شهرة واسعة وسط جميع العرب فهم يعملون في أشغال واسعة ومتفرقة في مكة وجدة ودمشق والبصرة وبغداد ومصر والبحرين والكويت وبومباي ومناطق أخرى في الهند وبالرغم من ذلك فإنهم يفضلون العودة دائماً إلى مدينتهم عنيزة,وعنيزة بجانب كل ذلك تحتفظ باعتزاز وكبرياء وطني عظيم وسط باقي المدن العربية, وكنت قابلت عند عودتي عدداً من أهالي عنيزة في البحرين وكان سؤالهم الأول هو كيف وجدت بلادنا…وفي عنيزة جرى الترحيب بنا بشكل كبير وحار، لم يحصل لنا في أي مكان في الجزيرة العربية كلها, كما كنا طيلة إقامتنا ضيوفاً عند الكثير من العائلات المعروفة ففي كل مساء كنا نضطر لتلبية أكثر من ثلاث زيارات في الليلة الواحدة وكنا نعتذر عن غيرها كثيراً جداً وكانت جميع ليالينا في الواقع محجوزة مقدماً قبل أسبوع وبالرغم من أن المناقشات الدينية كانت تتخلل هذه الزيارات بعض الوقت - طبعاً - إلا أنها لم تكن مناقشات متعصبة أو مفعمة بالكره أو تصحبها سخرية منا كتلك التي في بعض المدن الأخرى لكن المسلمين في عنيزة متعصبون أيضاً لدينهم مثلهم مثل أي مكان في الجزيرة العربية, ومضت الأيام الأولى في عنيزة في انشغال كبير ولم نجد فرصة حتى للاستراحة في أوقات كثيرة لكن الترحيب والودية اللذين وجدناهما في كل مكان في المدينة والزيارات العديدة التي قام بها أمير المدينة وقادتها وشخصياتها البارزة أنستنا التعب, وعلى الصعيد الطبي كان عملنا ناجحاً أكثر من المتوقع، فقد عالجنا (1366 مريضاً) في العيادة الصغيرة التي أقمناها بوسط المدينة خلال (17 يوماً) من العمل المتواصل ضمن (21 يوماً) مدة إقامتنا في عنيزة وبالإضافة إلى العيادة فإن الطرقات المؤدية إلى عيادتنا كانت مملوءة مثل معظم المدن في الجزيرة العربية بصفوف من العميان والعرجان والمرضى الذين يبحثون عن علاج وأدوية لأمراضهم المتنوعة, وعلاوة على ذلك عالجنا الكثير من المرضى ذوي الحالات المستعصية في البيوت وأحياناً كانت الدعوات الاجتماعية كثيراً ما تختلط بمعالجة الناس في المجالس، وفي الواقع فإن الترحيب المتواصل بنا لم يتوقف يوماً واحداً بل استمر حتى يوم مغادرتنا وكان ذلك يوم الاثنين (11 فبراير) حيث زودنا الأهالي بصفائح من التمور وأطعمة طيبة خاصة للسفر الصحراوي"
ملاحظات على زيارة ديم لعنيزة:
1- بالنسبة لتاريخ الزيارة فقد بدأت في (19 يناير 1924م) وانتهت يوم الاثنين (11 فبراير 1924م)، أي أنها استمرت ثلاثة أسابيع متواصلة، وهذه الزيارة ذكرها مؤرخ نجد الشيخ عبدالله بن محمد البسام قائلاً: "وفي هذه السنة (أي سنة 1342هـ) وصل عنيزة طبيب أمريكاني اسمه ديم استقام نحو عشرين يوماً أفاد بعلاجه أهل البعوج والبواسير"2- أشار (ديم) إلى كثافة سكان عنيزة نظراً لضيق مساحتها بين الكثبان الصخرية والرملية،ووصف بيوتها بأنها تعلو إلى ثلاث أو أربع طوابق وأنها مبنية من الطين، كما أعجب بمزارعها وعدها من أجمل مزارع الجزيرة العربية3- أثنى (ديم) على مجتمع عنيزة ثناءً عاطراً لما يمتلكونه من مقومات ميزتهم عن غيرهم فهم في نظره كرماء وأذكياء ومثقفين وصدورهم رحبة للرأي المخالف، ويؤلفون وحدهم نسيجاً اجتماعياً متجانساً ومما لاحظه ديم ذلك الحب الشديد الذي يكنه أهل عنيزة لمدينتهم حتى وإن عاشوا بعيداً عنها4- أشاد بشهرة أهل عنيزة بارتياد أسواق التجارة العالية في داخل الجزيرة العربية وخارجها حتى الهند5- أتمت البعثة معالجة عدداً كبيراً من المرضى مما يعكس ارتفاع عدد سكان المدينة وأشار (ديم) في تقريره إلى بعض الأمراض التي كانت شائعة عند الناس كالعرج والعمى والفتق والبواسير وغيرها حيث أجرى لأصحابها عمليات جراحية وقد ذكر كبار السن الذين عاصروا مجيئه لعنيزة أن أغلب علاجه مسكنات يعطيها لمرضاه وهي عبارة عن حبوب مشهورة تسمى (كناكينا) ذات لون أصفر وكان ديم وممرضيه يضعون عند تنضيد الجروح الأشرطة الطبية اللاصقة على هيئة (صليب) على الجرح ليحمل المسلمون (الصليب) على أجسادهم دون أن يشعروا 6- وكانت العمليات الجراحية والمعالجة الطبية تتم في عيادة وسط المدينة - كما ذكر ديم - وهذه العيادة عبارة عن بيت تبرع به رجل يدعى (الدكماري) والذي كان يقع في حي البرغوش (الواقع غرب مسجد الجادة) 7- قبل أن تغادر البعثة عنيزة حمّلها الأهالي بصفائح (تنك) التمر وربما الكليجا والبقل (الإقط) ولم ينس الطبيب ديم أن يدس في أمتعته ما استحسنه من أعمال خشبية خفيفة الحمل عالية القيمة كالطاولات والأبواب الخشبية المنقوش عليها بالحفر فعل ذلك كذكرى لهذه الزيارة الجميلة ولكي يقول لأهل عنيزة في البحرين لقد وصلت إلى مدينتكم وهذا هو الدليل .
" إنتـــــهى"
المصدر"مجلة الواحة" - تاريخ وتراث - عدد 60/السنة 16/2010م
* جون فلبى المشهور بعبدالله فلبى من أشهر المؤرخين الأجانب الذين أرخوا تاريخ المملكة العربية السعودية بأمانة وحيادية وله الكثير من الكتب والمؤلفات والمدونات التى تناولت تاريخ وجغرافية المملكة والجزيرة العربية بشكل عام ولم تكن له اَراء سياسية معارضة كما ذكر المؤلف خصوصاَ وأنه من المقربين للملك عبدالعزيز طيب الله ثراه الذى أمده بكل مايحتاجه لتسهيل مهامه العلمية أثناء إقامته الطويلة فى المملكة التى دامت لأكثر من ثلاثين سنة إلا أن كتابه الأخير"تاريخ نجد ودعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب السلفية" الذى صدر عام 1954م هو الذى أدى الى إبعاده عن البلاد بعد ذلك...
التعديل الأخير تم بواسطة ابو مشاري الرفدي ; 09-20-2013 الساعة 11:28 PM
|
|
|